ما يثير الاستغراب هو أن الرئيس ترامب يفرض العقوبات ضد إيران بقسوة لا مثيل لها وفي الوقت نفسه يطالب نظيره الإيراني بالتفاوض
 
يقول المثل العربي "البلية إذا عمت طابت " ما يصدق على الأوضاع التي يعيشها العالم في الوقت الراهن. 
 
فإن العقوبات التي تستخدمها كورقة ضغط لترتيب العلاقات الدولية والعلاقات بين الدول حسبما تشاء، تحولت إلى أمر مبتذل ومعتاد عليها نظراً لكثرة استخدامها ضد العدو والصديق. 
ذلك لأن إدارة اوباما لا تعرف إلا لغة الابتزاز التي هي لغة التجار وليس السياسيين والدبلوماسيين. 
كان الرئيس دونالد ترامب يأمل بأن عقوباته ضد إيران تؤدي إلى التوتر المجتمعي وإثارة الشعب ضد النظام ليضطر النظام إلى التفاوض مع أمريكا وتخضع لضغوطها ولكن لم يحصل هذا التوقع وربما لن يحصل. 
 
ثم استخدم ورقة العقوبات ضد تركيا بغية الإفراج عن قس أمريكي متهم بالتجسس لصالح الانقلابيين. وأخيراً جدّد العقوبات وشدّدها ضد تركيا جزاء على شرائها منظومة أس 300 للدفاع الصاروخي كما وضع العقوبات نفسها على الهند لنفس السبب وهو عقدها صفقة مع روسيا لشراء منظومة الدفاع الصاروخي. 
 
وهكذا لن يقف الرئيس ترامب عند أي حد إلا بإلغاء منظمة الأمم المتحدة وإحلال الولايات المتحدة مكانها. والدليل على ذلك هو ما أدلى به مستشار ترامب للامن القومي جون بولتون مؤخرا بأن بلاده ستضع عقوبات ضد قضاة محكمة لاهاي بحال حكمهم ضد الولايات المتحدة. 
 
تهديد بولتون لقضاة المحكمة الدولية  بلاهاي يكشف عن مدى الغطرسة الأميركية في عهد الرئيس ترامب ما تستغني معها الولايات المتحدة عن أي آلية تحكيمية دولية لفض النزاعات بين الدول. 
 
وما يثير الاستغراب هو أن الرئيس ترامب يفرض العقوبات ضد إيران بقسوة لا مثيل لها وفي الوقت نفسه يطالب نظيره الإيراني بالتفاوض. 
 
وفي حين جاء الإيراني صريحاً وواضحاً وهو الرفض لعرض ترامب، تقول مندوبته في الأمم المتحدة نيكي هالي ان ترامب سيدرس عرض نظيره الإيراني باللقاء. ما يعني أن فريق الرئيس ترامب وخاصة مندوبته في الأمم المتحدة ومستشاره للأمن القومي يفتقدان للخبرة الدبلوماسية. 
 
وهذا ما أكد عليه بهرام قاسمي المتحدث للخارجية الإيرانية عندما عبر عن تصريحات نيكي هالي بأنها مثيرة للضحك والسخرية حيث ان من يرفض طلب الرئيس الأميركي باللقاء لا يعود ويستجديه اللقاء الذي لن يثمن ولن يغني عن جوع وإنما ينظر الرئيس روحاني إلى العقوبات كفرصة ذهبية للم الشمل في الداخل وتوحيد الصفوف إضافة إلى أنها لم تعد كارثية  بل انها بلية طابت لأنها عمت الجميع.