في جلسة دامت لاكثر من ساعتين مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ركزت على ملف الحكومة والخلاف العوني القواتي، تخرج بانطباعات حاسمة ان الدكتور جعجع لا يرغب ولا يريد المواجهة مع العهد والرئيس ميشال عون وليس مرتاحاً الى وصول الخلافات الى هذه الدرجة. ولذلك يركز على التمييز بين الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، محملا الوزير باسيل مسؤولية وصول الاوضاع الى هذا الحد من التوتر، وبالتالي يرمي الدكتور جعجع كل سهامه على باسيل دون ان يسميه، متهما اياه بشن حرب على القوات شبيهة بالحرب ايام الوجود السوري، ويقول علاقاتنا مع الجميع بما فيهم المردة الى تحسن الا مع هذا «الشخص»، قاصداً الوزير باسيل دون ان يسميه، لكن جعجع مرتاح بان لا حكومة من دونه بقرار من كل الافرقاء والمحصن بالدعم الشعبي، ويصرّ الدكتور جعجع على رسائله الهادئة تجاه حزب الله والتأكيد على انهم «اخوان» وهذا امر حاسم بالنسبة اليه.

الدكتور جعجع ورغم موقفه التصعيدي لكنه لا يغلق الابواب امام التسوية لتأليف الحكومة وهذا واضح من كلامه عن حاجة البلد الى حكومة، لكن ليس على حساب القوات وعلى الجميع التنازل، الدكتور جعجع يعترف بان العقدة وللاسف مسيحية - مسيحية وليست عند الدروز، وهنا المشكلة.

هذه هي الانطباعات الاولية عن اللقاء مع الدكتور جعجع المرتاح جداً الى مسار العمل القواتي وتطوره والارتياح الشعبي لعمل وزراء القوات اللبنانية، ولذلك لا يتوانى حتى وخلال اللقاء عن تلقي الرسائل، والرد على الاستفسارات والاختلاء جانباً بمسؤولي القوات واعطاء الارشادات مع تمني الدكتور جعجع بان يكون اللقاء المقبل بعد تأليف الحكومة، لكن متى؟ الله اعلم.

يتحدث رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع «بمرارة» عما آلت اليه العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وبين كل كلمة واخرى يطلق «تنهيدة» تعبّر عما يختلج شعوره من آسى عما وصلت اليه الامور بين الطرفين لكنه يجزم بقوة وبصلابة وبما لا يقبل الشك. ان عهد التسويات والتراجعات ولى ولا احد يستطيع تحجيم القوات والقفز فوق نتائج الانتخابات النيابية وما اعطته من تمثيل وازن للقوات اللبنانية وصل الى ما بين 35 الى 36% من المسيحيين، وبالتالي، فان حقنا بـ5 وزرا ء ولن نتراجع فيما يصر الدكتور جعجع على التمسك بالنفي الصادر عن القصر الجمهوري وما نسب الى الرئيس العماد ميشال عون من كلام تجاه الدكتور جعجع ويقول الحكيم، لن اعلق على الكلام وقد تم نفيه من القصر الجمهوري، وانا مع النفي، لكنه استطرد بالقول عدنا الى المربع الاول في ملف التأليف والمفاوضات.

ويبدأ «الحكيم» وبشكل سريع ودون مقدمات خلال اللقاء مع وفد رابطة خريجي الاعلام برئاسة الدكتور عامر مشموشي كلامه مستعرضا العلاقة مع التيار الوطني الحر والذي توجت باتفاق معراب الموقع عليه من قبل الوزير جبران باسيل.

وقال: لاتفاق معراب شقان، شق سياسي، وشق له علاقة بالمشاركة في السلطة مع وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وتحدثنا بالتفاصيل، وما هي حصتنا في حكومة من 24 وزيراً او 30 وزيراً، وتم الاتفاق وهذا موقع بان تكون حصة التيار الوطني 6 وزراء، والقوات 6 وزراء و3 وزراء لرئيس الجمهورية، وحلفاء التيار من ضمن الـ6 وزراء، وكذلك حلفاء القوات من ضمن الـ6 وزراء كميشال فرعون وغيره. وتابع: في الحكومة الاولى، تم التنصل من الاتفاق على خلفية اننا ضد العهد، وسؤالي الاساسي اين كانت القوات اللبنانية ضد العهد؟ عهد فخامة رئيس الجمهورية؟ واخذوا حصتهم في الحكومة الاولى وانكروا حصتنا وما توافقنا عليه، وتابع: اختلفنا على موضوع البواخر ولسنا وحدنا من عارض البواخر، فحزب الله حليف التيار الوطني الحر كان ضد البواخر بالاضافة الى كل القوى الممثلة في الحكومة، وموقفنا كان بضرورة خضوع المناقصات لاجهزة الرقابة في الدولة، وان تكون المناقصات شفافة. وكان هدفنا دعم العهد وتجنيبه ملف البواخر وما سيتركه من تداعيات سلبية، وهذا هو موقفنا من موضوع الكهرباء ولا زلنا على موقفنا ولكن الامر ليس موجهاً ضد العهد.

وتابع جعجع: وصلنا الى تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات وطالبنا باعتماد مقياس واحد يطبق على الجميع، وتم الاتفاق على مقياس وزير لكل 4 نواب، وقلنا بوضوح، نحن نمشي باي مقياس وبالتالي فان المقياس المعتمد يعطي للقوات اللبنانية 4 وزراء، وهذا حقنا.

واضاف: البعض يعتمد «الغش» بالحسابات الانتخابية لجهة اعضاء كتلته. فالتيار الوطني الحر عنده 18 او 19 نائباً والنواب العشرة الاخرون سميوا نواب «العهد» لكن السؤال «الانتخابات خاضها التيار الوطني الحر تحت شعار «لوائح العهد» و«دعم العهد» ومعظم كتل التيار اعلنت من القصر الجمهوري وبالتالي فان حصة التيار الوطني والعهد 28 نائباً ويحق لهم بـ7 وزراء، طيب ماشي الحال 8 وزراء، يعني 5 وزراء للتيار الوطني و3 وزراء للعهد و4 للقوات ووزير للكتائب ووزير للمردة والوزير الـ15 للقوات لاننا نمثل ثلث المسيحيين. وهذا هو التوزيع العادل، لكن التيار الوطني الحر يعتمد حسابات «عجيبة - غريبة» عبر اصراره على 11 وزيراً، 8 وزراء للتيار و3 وزراء للعهد وبالتالي يكون العهد حصل على حصته مرتين.

وعن امكانية حصول القوميين على مقعد مسيحي قال جعجع مع احترامي للجميع، اسعد حردان فاز باصوات غير المسيحيين وكذلك البير منصور والوحيد الذي فاز باصوات المسيحيين سليم سعاده. وقال جعجع: هذه هي حصتنا وما بدنا «بخشيش من حدا» وما بدنا يعطينا حدا من كيسنا...

واضاف الدكتور جعجع: «يا خيي» الوزير باسيل اعترف بان حجم القوات اللبنانية مسيحياً 31% حسب الاصوات التفضيلية حساباتنا مع مراكز الدراسات وهي ليست معنا، بأن حجم القوات اللبنانية 35 الى 36% اي ثلث المسيحيين وحجم التيار الوطني الحر 51% وبالتالي فان حصتنا 5 وزراء على اساس نحن نمثل ثلث المسيحيين، وهذه هي حصتنا ولن نتراجع عنها.

 «سعد مش قادر الا عا خالتو» 

ثم ينتقل الدكتور جعجع الى مراحل تشكيل الحكومة، وقال ضاحكاً الرئيس المكلف مش قادر الا عا خالتو، والرئيس الحريري تحت عنوان الوضع الاقتصادي والصعوبات والتمني علينا. تنازلنا عن نائب رئيس الحكومة وعن الـ5 وزارات، شرط ان تكون حصة القوات اللبنانية 4 وزارات ومن ضمنها وزارة سيادية وحقيبتين اساسيتين، وبذل الرئيس سعد الحريري جهوداً لان تكون الحقيبة السيادية وزارة الدفاع «ونحن قلنا الدفاع او الخارجية» وحسب معلومات الرئيس المكلف تشاور في هذا الامر مع كل الاطراف، ولم يبدوا اي اعتراض بمن فيهم حزب الله، تولي القوات اللبنانية وزارة الدفاع. وجاء الرفض من التيار الوطني الحر وطارت الصيغة، ثم جاء الرئيس سعد الحريري وعلل لنا نفس الاسباب عن خطورة الوضع الاقتصادي وتنازلنا في الصيغة الثانية عن الوزارة السيادية وحقيبة خدماتية مقابل 4 وزارات للقوات اللبنانية وان تكون اساسية، وتوافقنا مع الرئيس الحريري على الامر، واخذ هذه الصيغة الى بعبدا وتم رفضها وقلنا للشيخ سعد، هذا اخر تنازل من قبلنا. قبل ان يذهب بالصيغة الاخيرة الى بعبدا، وتوقفت الامور عند العقدة المسيحية الاساسية، واعتقد ان الصيغة الدرزية ثانوية.

 لا احد قادر ان يعيدنا الى ما قبل الانتخابات 

ويتابع الدكتور جعجع: امام هذا الوضع والرفض للصيغ ولحصة القوات اللبنانية، فانني اقول وبوضوح: لن اقبل ان يعيدنا احد الى ما قبل نتائج الانتخابات النيابية، ولن يستطيع احد ان يأخذ انجازات الانتخابات النيابية منا، وما حققناه، فعهد التنازلات ولى، حقنا بـ5 وزراء ونريد حقنا واضاف: نحن حريصون على العلاقة مع العهد والرئيس ميشال عون واعتقد انه ايضاً حريص على العلاقة مع القوات ونحن مع العهد كعهد، واين كنا ضد العهد؟ واقول هذا الكلام لتكتل لبنان القوي الذي هو على «راسي وعيني» اين كنا ضد العهد؟ كنا ضد مناقصات الكهرباء، غير المفهومة والواضحة، فهل هذا الموقف ضد العهد؟ وهذا الخلاف تقني مع التيار الوطني الحر، وليس ضد العهد، فحزب الله كنا واياه على موقف واحد من قضية الكهرباء، واقول للبعض، كنا مع العهد في قانون الجنسية وعودة النازحين السوريين وقانون الانتخابات، ونحن كنا اول المساهمين في وصول العماد ميشال عون الى سدة رئاسة الجمهورية، الرئيس الفرنسي اتصل بالنائب سليمان فرنجيه وهنأه، الرئيسان بري والحريري وكذلك وليد بك كانوا مع فرنجية وكان هناك توافق فرنسي سعودي على سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية، لكننا نجحنا بتضامننا الداخلي ودعما للعماد عون من وصوله الى قصر بعبدا، ولولا دعمنا لما كان العماد عون في قصر بعبدا بل كان النائب سليمان فرنجيه.

وتابع جعجع: لقد تم رفض كل الصيغ، وامام كل هذه المعطيات من حقنا ان نسأل عن المعطل الرئيسي لتشكيل الحكومة؟ لافتا الى ان العقبة الرئيسية لتشكيل الحكومة هي العقبة المسيحية، واستطرد جعجع بالقول: لا حكومة من دون القوات اللبنانية، ومن غير المنطق ان من يأخذ 51% من المسيحيين يأخذ المواقع الاساسية الثلاثة، نائب رئيس الحكومة ووزارتين سياديتين، والمشكلة تكمن ان هناك من يريد ان يأخذ اكبر من حجمه ويقزم احجام الاخرين.

 اللقاءات مع باسيل لم تكن ناجحة 

وردا على سؤال حول السبب لعدم التواصل المباشر بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانيّة» لحل المعضلة الحكومية، قال باسيل لا يريد التواصل المباشر»، واوضح انه حين زار الرئيس عون في الاسابيع الماضية ناقشنا كل الملفات وقد طلب الرئيس التواصل مع باسيل، وبعدها تم ايفاد وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال ملحم الرياشي للقائه وقد حصل اللقاء بعد يومين وكان اللقاء سلبيا، وعليه لا نستطيع فرض الموضوع. ويعتبر ان «الوجود خارج الحكومة لاي فريق سياسي في الفترة الحالية مكسب بسبب الاوضاع القائمة حالياً في البلد، ولكن لا ارى حالياً حكومة من دون القوات رغم عمل البعض على هذا الخيار، الا انه لا يمكن تحقيقه. «معتبراً ان باسيل يسعى للثلث المعطل في الحكومة لكن العهد ليس بحاجة اليه، ويمكن ان يكون سعي باسيل للموضوع تحسبا لطارئ ما على صعيد ملف رئاسة الجمهورية في المستقبل. ويوضح انه لا يرى اي تدخل خارجي في ملف عرقلة التأليف، كما انه لا يرى اياد سعودية او ايرانية في ملف التأليف.

وشدد على ان الحديث عن معركة الرئاسة المقبلة هي فرضيات لا صحة لها، لانه من الافضل اليوم حل ازمة السير واقساط المدارس والكهرباء وغيرها من الملفات الشائكة.

وحول ملف الجلسة التشريعية، يرى جعجع ان الموضوع بحاجة الى المزيد من الدرس والتشاور مع الحلفاء لا سيما تيار المستقبل، ويعتبر ان رئيس المجلس نبيه بري يمثل القوات في هيئة مكتب المجلس.

ويرى جعجع ان القوات مستهدفة مثلما كانت مستهدفة ايام الوصاية السورية، الا انه اليوم لا يوجد وصاية، ونحن مستهدفون من قبل شخص او مجموعة اشخاص، الا انه في المقابل نحن منفتحون على اغلبية الافرقاء في لبنان، فعلاقتنا بتيار المستقبل والاشتراكي بافضل ما يكون ومع بري اكثر من مقبولة، كما انها مقبولة مع المردة وفي تحسن مع المستقبل، ومع الكتائب اقل ما يمكن القول عنها انها عادية، اما في ما خص حزب الله فهناك تقاطع في بعض الملفات الداخلية ومنها ملف الفساد الا ان الخلاف معهم استراتيجي بعيد المدى، ونحن نستطيع التفاهم مع باسيل وحل كل الخلافات خلال ساعة لانه لا خلافات استراتيجية على القضايا الرئيسية، الا انه مع حزب الله الوضع اصعب من ذلك بكثير. ويجب ان لا يكون هناك اجندات اخرى وهذا هو الاساس. وفي ملف المحكمة الدولية في لبنان، يعتبر رئيس القوات ان الحريري قام بخطوات كبيرة وكان مرنا في هذا المجال، كما ان المحكمة ليست مزحة كي نتهمها بانها اسرائيلية او غيرها من التشبيهات، لان الموضوع ليس مراجل فهناك 120 دولة ساهمت في تشكيلها كما ان هناك قضاة من 15 دولة. ويرى انه من غير المنطقي تسمية شارع باسم القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين، ومقابل موقف الحريري الكبير في هذه القضية على حزب الله ان يتخذ موقف مماثل في الموضوع. ويلاقى الحريري وهناك امور كثيرة يتم حلها في لبنان ولها طرق عديدة.

ويشدد جعجع على ان ملف المحكمة الدولية ليس هامشياً، لان هناك 70 بالمئة من اللبنانيين وفق الاحصاءات مع المحكمة الدولية، ويجب اخذ الموضوع بعين الاعتبار فهناك 20 اغتيالاً ومحاولة اغتيال حصلت في لبنان، والامور علي وضعها الحالي ليست مقبولة على الطرف المعني (اي حزب الله) اخذ مبادرة في هذا الاتجاه. وعندها كل الامور يتم حلها.

 ملف النازحين 

ورداً على سؤال حول العلاقات مع سوريا، يؤكد ان مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم يقوم بما يلزم في الموضوع لحل الملفات العالقة بين البلدين والله يعطيه العافية. ونحن ضد التواصل المباشر مع الحكومة السورية، ويشدد على ضرورة حل ملف النازحين بطرق اخرى، لانه شهريا يولد اكثر من 3000 طفل سوري مقابل عودة المئات الى سوريا شهريا، ما يعني ان عدد السوريين الى ازدياد وليس تراجعاً.

ويختم جعجع بالتأكيد ان لا خوف على الليرة اللبنانية، متحدثاً عن خيارات القوات الاستراتيجية، في المرحلة المقبلة والتي تركز على الملف الاقتصادي وعلى رأسها حل ازمة الكهرباء خلال 6 اشهر، ما يوفر على الخزينة ملياري دولار اميركي، ويعتبر انه حتى الساعة لا يوجد اي علامة استفهام حول ملف النفط وهو محصن، والمهم ان نقوم بما علينا في هذا الموضوع بعيدا عن التهويل بالاسرائيلي الذي يتخبط في هذا القطاع.