هل سيرتقي المعنيون إلى مستوى المسؤولية الوطنية، ويبتعدون عن السجالات السياسية والشخصية والفئوية ويرفعون العوائق ويفككون العقد من طريق تأليف حكومة ؟
 

 

مع مرور الشهر الرابع على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، ولم يحقق تقدما في هذا، تتجه انظار اللبنانيين - عموماً - الى ما يمكن ان تحمله الايام والاسابيع الآيلة من تطورات وما ستكون عليه انعكاساتها على خط التشكيل الحكومي، وهل سيرتقي المعنيون إلى مستوى المسؤولية الوطنية، ويبتعدون عن السجالات السياسية والشخصية والفئوية ويرفعون العوائق ويفككون العقد من طريق تأليف حكومة ؟ 

 

 قد يكون من الصعب توقع ما ستكون عليه التطورات الداخلية ،لأنها باتت محكومة او مقيدة بالتطورات الاقليمية العاصفة والمفتوحة بدورها على كل السيناريوات، وتحديداً التطورات في ادلب. 

 

المنطقة تحبس أنفاسها، وقد أصبحت إدلب مبعث قلق من أن  يكون ما يجري هناك فاتحة حرب دولية، تضع المنطقة بكاملها أمام واقع جديد، ليس من السهل الخروج منه أو التحوط منه.. وتحديداً في لبنان الذي يدور في حلقة مفرغة متحكمة بمسار تأليف الحكومة العتيدة، وسط تصاعد الاصوات الرافضة والمحذرة لتوطين الفلسطينيين، بعد إبرام صفقة القرن بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل. المسؤولون في لبنان في عالم آخر ولا يأبهون لتحذيرات العديد من الدول الصديقة ، وما يمكن ان يتركه ذلك على واقع ومستقبل البلد، الامر الذي يستدعي استنفاراً وطنياً شاملاً، يكون في مقدمته العمل بسرعة على انجاز تأليف الحكومة، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة الفئوية او الفردية. حيث لايزال البعض شرهاً بالسلطة، او طامحاً بتقليص وتحجيم الآخرين. غير مهتم بصرخات الهيئات الاقتصادية والنقابات العمالية. يتساءل كثيرون، ما المانع ان يستجيب الافرقاء المعنيون لدعوات إعطاء تأليف الحكومة الأولوية وما هي العوائق الحقيقية؟ وهل صحيح ان المستهدف الحقيقي هو اتفاق الطائف والعودة الى مرحلة ما قبله،  أم أن وراء الأكمة – ما ورائها؟! حيث قدم الرئيس المكلف سعد الحريري كل ما لديه لتسهيل تشكيل الحكومة ولم يحصل على موافقة للدخول الى حيز التنفيذ والتطبيق العملي من رئيس الجمهورية الذي لايزال يحجب توقيعه عن مسودة التشكيل التي قدمها الحريري أخيراً؟! 

 

إقرأ أيضا : سياسيّو لبنان أغنياء .. لن يتهرّبوا من دفع الضرائب والرسوم بعد اليوم

 

 

لقد أصبح واضحاً، أن كرة المسؤولية هي في حضن الثنائي الماروني- الماروني التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية كما في حضن العقدة الدرزية الممثلة بالثنائي جنبلاط وأرسلان، لتضاف عليهما ما يحكى عن عقدة تمثيل السنة من خارج المستقبل؟! يضاف الى ذلك ما يقال عن دور المحكمة الدولية الخاصة في لبنان، وتأثير قرارها النهائي في الوضع الحكومي والوطني عاجلاً أم آجلاً.. وقد بادر الأمين العام لـحزب الله محذراً من اللعب بالنار . 

 

وفي هذا السياق لا بد من الاشارة الى موقف الرئيس المكلف حيث تعامل الرئيس المكلف سعد الحريري برقي وحكمة وعقلانية بالغة مع هذه المسألة، ووضع مصلحة لبنان وأمنه واستقراره أولوية، رافضاً الثأر وطالباً العدالة. وان كان في قناعة كثيرين ان المشكلة الحقيقية التي تحول دون تشكيل الحكومة تتمثل بأن البعض يستخف بفريق سياسي معين، ويرغب في تمثيل فريق آخر كما يشاء. ان تعريض البلد الى المزيد من الشغور الحكومي، ستكون له نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي والمعيشي الامر الذي يستدعي خطوات أساسية من مثل الدعوة الى حوار وطني بهدف الانطلاق من جديد بالبلد، خصوصاً وأنه اذا كان للخارج اي تأثير او سند فهو لن يكون إلا عبر أفرقاء في الداخل والداخل غني بكل الاسباب والعناصر التي قد تؤدي الى الخروج من هذه المراوحة، على رغم الشلل الذي تعيشه الادارات العامة، وتصفية الحسابات على خلفيات سياسية او طائفية او غير ذلك . 

 

لقد حسم الرئيس المكلف سعد الحريري خياراته، وان لم يُسجل أي جديد على خط تأليف الحكومة فإنه ماضٍ بمساعيه ومحاولاته الجدية بهدف انتاج مخارج واقعية ومقبولة من الجميع تقريباً، آملاً، على رغم الاختلافات والتباينات ان يصل في النهاية الى بر الأمان في التأليف والبدء بحل المشكلات التي يعاني منها البلد وأهله والكرة هي في ملعب الآخرين، كل الآخرين، ليبنى على الشيء مقتضاه.