باع سيارته، اشترى بدلا منها دراجة نارية لدفع اقساط جامعته، فدفع حياته بسببها بعد ان صدمته سيارة، طار 15 متراً قبل ان يسقط ارضا لافظا آخر انفاسه... هو الشاب جهاد المصري ابن البداوي في الشمال، الضحية الجديدة التي كتبت بالدم اسمها على لوائح الموت على طرق لبنان.

الوداع الاخير

"منتصف ليل الثلاثاء الماضي انهى جهاد عمله في احد المطاعم، توجه بعدها للسهر مع زملائه في عمله السابق، اشترى في طريقه قهوة للجميع، سهر واياهم حتى الساعة الثانية من فجر الاربعاء، ودعهم وانطلق، لكنه عاد من جديد، مطلعا اياهم انه يريد البقاء معهم حتى ينتهوا من عملهم، ليعاود الذهاب بعد دقائق، وما هي الا ثوان معدودة حتى صدمته سيارة في شارع عزمي، كانت تسير بسرعة كبيرة، وبدلا من ان يتوقف سائقها لاسعافه فرّ من المكان"، بحسب ما قاله صديقه محمد ايوب لـ"النهار" قبل ان يضيف: "الحادث وقع امام منزل احد الضباط الأمنيين، فاتصل عناصر الامن المولجون بحمايته بالاسعاف لينقل الى المستشفى جسدا بلا روح".

رحيل "المهندس"

"قذفت السيارة جهاد 15 متراً، الضربة اتت على رأسه، خطف من بيننا في لحظات، وهو الشاب العشريني، العصامي والطموح، الذي كان يتابع دراسته في هندسة الميكانيك ويعمل في ذات الوقت لدفع اقساط جامعته، للاسف انتهت حياته قبل ان ينتهي من دفع القسط الاخير". قال محمد، مشيراً: "في الامس شيع الى مثواه الاخير، عريساً بكته العيون، فليس اهله فقط من خسروه، بل كل انسان كتب له ان يتعرف إليه ويلامس عن قرب روحه الجميله"... فتح مخفر التل تحقيقا بالقضية وبحسب ما قاله مصدر في قوى الامن الداخلي لـ"النهار": "لم يتم توقيف السائق حتى الآن، والعمل جارٍ من أجل ذلك".

الخوذة ضرورية

لم يكن جهاد يضع الخوذة على رأسه حين صدمته السيارة، بحسب ما قاله صديقه على الرغم من انها كما سبق وشرح الخبير في السلامة المرورية كامل ابرهيم لـ"النهار": "شيء اساسي جداً لحماية رأس سائق الدراجة، لذلك شدّد عليها في قانون السير الجديد، ومن لا يضع خوذة معرّض للموت بنسبة اكبر بكثير ممن يضعها، لكون اي ضربة على رأسه ستقتله، مع العلم انه تنبغي مراعاة مواصفات الخوذة، لا الاعتماد على المقلّدة منها، التي يجب منع بيعها في السوق". ابرهيم شرح المادة 18 من قانون السير الجديد، رقم 243، التي تحظّر على سائقي الدراجات الآلية والدراجات الهوائية ومرافقيهم، القيادة من دون اعتماد خوذة واقية تحدّد مواصفاتها بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات، مربوطة بإحكام تقيهم الصدمات أثناء القيادة.

مخالفة قانونية

اما المخالفة فتقع ضمن جدول مخالفات الفئة الثالثة وهي: عدم ارتداء الخوذة، عدم ربطها بإحكام، خوذة غير قانونية، في حين أنّ غرامتها تراوح ما بين 200 الى 350 الف ليرة لبنانية. وعن ملاحقة قوى الامن مخالفات الدراجات النارية، قال: "الامر مرتبط بآلية عملهم، فيتم التشدد في مناطق اكثر من اخرى"، وختم مطالباً سائقي الدراجات النارية عدم الاستهتار بأرواحهم وارتداء الخوذة، كما طالب القوى الأمنية التشدّد بتطبيق القانون، "لا سيما بعد خسارتنا العديد من شبابنا على طرق لبنان، وأيّ حادث مكلف ليس فقط على الضحية، بل على شركائه في المأساة".