يجد العديد من الأشخاص صعوبةً في تحضير الأطباق يومياً، خصوصاً على العشاء بعد يوم طويل وشاقّ في العمل. لهذا السبب فإنّ الحميات التي لا تستدعي طبخ المأكولات تحظى بإقبال شديد، ويترأسها النظام الغذائي النيّئ الذي يعتمد على مبدأ عدم تعريض الطعام للحرارة إنما تناوله كما هو على طبيعته. لكن قبل الانغماس عشوائياً في الـ«Raw Food Diet»، ما أبرز المعلومات التي عليكم الاطّلاع عليها؟
 

أوضحت إختصاصية التغذية ناتالي جابرايان، لـ«الجمهورية» أنّ «الحمية النيئة ليست نظاماً عشوائياً ومتطرّفاً لخسارة الوزن، إنما تهدف إلى تناول الطعام بشكله الطبيعي من دون طبخه، أو تصنيعه، أو إدخال إليه المواد المُضافة والحافظة، أو تعريضه للمبيدات الحشرية، أو إخضاعه لإجراءات أخرى. إنها ترتكز بشكل خاص على الفاكهة والخضار النيّئة، وأحياناً السمك، واللحوم الحمراء، والدجاج، والأعشاب البحرية، والأطعمة المخمّرة كالكبيس، والحبوب المُبرعمة، والمكسّرات، والبيض، ومنتجات الألبان المخمّرة. اللافت أنّ المأكولات في هذه الحمية لا تخضع للبسترة، أي أنّ منتجات الحليب لا تُطبخ على حرارة معيّنة لقتل البكتيريا فيها وتفادي الإصابة بأيّ عدوى. حتى إنّ الأطعمة لا تدخل الآلات لتحويلها إلى بودرة، ولا تُحقن بالكيماويات، إنما يتم تناولها كما هي من دون أدنى تعديل».

فوائدها

وأشارت إلى أنّ «استهلاك الطعام نيّئاً يُسهّل قدرة الجسم على هضمه وامتصاصه، ويملك أيضاً منافع أخرى تشمل خفض الالتهاب، وزيادة جرعة الألياف، وتحسين صحّة القلب، ودعم وظائف الكبد وبالتالي طرد السموم من الجسم طبيعياً، والوقاية من السرطان ومعدلات الضغط والكولسترول المرتفعة، ومعالجة الإمساك، وتعزيز الطاقة، ومنح البشرة نضارة وإشراقاً، ومنع نقص المغذيات، والحفاظ على معدل وزن صحّي، والحماية من مجموعة مشكلات صحّية بما فيها هشاشة العظام، وأمراض الكِلى والمناعة الذاتية، والباركنسون، وحساسية الطعام، وآلام المفاصل والعضلات، وأوجاع الرأس، وأعراض ما قبل الدورة الشهرية، واضطرابات الهورمونات، والتعب، والبدانة».


وتابعت حديثها قائلةً إنّ «طبخ الخضار والفاكهة يُجرّدها من الإنزيمات الهاضمة الموجودة طبيعياً فيها بما أنها مصنوعة من البروتينات التي تتفكك على الحرارة، فيصبح هضمُها أكثرَ صعوبة. لذلك تنصح هذه الحمية بتناول المأكولات نيّئة، خصوصاً أنها تملك أيضاً جرعة أعلى من الفيتامينات والمعادن، وتخفّف الحموضة في الجسم وبالتالي تقلّص الالتهاب».

الفارق بينها والحمية النباتية

هل الحمية الغذائية النيّئة تُشبه نظيرتها النباتية؟ شرحت جابرايان: «صحيحٌ أنّ الإثنتين تعتمدان خصوصاً على الفاكهة والخضار، لكنّ النباتيين لا يستهلكون المنتجات الحيوانية إطلاقاً بعكس الحمية النيّئة التي لا تدعو إلى الامتناع عن كل المصادر الحيوانية. يصعب الالتزام بالغذاء النباتي إلى حدّ ما، كما أنّ مؤيّديه قد يعانون نقصاً في مغذيات معيّنة موجودة تحديداً في اللحوم كالفوسفور، والحديد، والفيتامين B12، والأحماض الأمينية الأساسية. من جهة أخرى، فإنّ الحمية النباتية لن تمنح الجسم القوّة اللازمة للشفاء من حالات عديدة لأنها لا تزوّده بالمغذّيات المهمّة التي يحتاجها.

نصائح قبل بدئها

وعند الرغبة في التقيّد بالنظام الغذائي النيّئ، يجب الأخذ في الاعتبار نصائح خبيرة التغذية التالية:

• إستهلاك الأطعمة النيّئة تدريجاً، وتعديل الأمور الغذائية برويّة منعاً للاضطرابات الهضمية والشهيّة المفرطة.

• التركيز بدايةً على الخضار الورقية الخضراء، والفاكهة الحمضية، وبذور دوار الشمس والسمسم واليقطين، والأفوكا، والكفير، وجوز الهند، والخضار النيّئة كالخيار والجزر والبندورة والكرفس، وزيت الزيتون، والبطيخ، والشمّام.

• تقسيم نصف الطبق إلى الأطعمة الطازجة كالخضار غير النشوية والفاكهة. ولطبخها من دون إلحاق الضرر بالإنزيمات الهاضمة، يجب ألّا تتخطّى الحرارة 25 إلى 30 درجة مئوية، أو بمعنى آخر وضعها على نار خفيفة من دون غلق الوعاء.

• إستبدال الدهون السيّئة بنظيراتها الجيدة، كالامتناع عن الزيوت المهدرجة والتركيز على زيت الزيتون، أو جوز الهند، أو الأفوكا.

• تناول المصادر الحيوانية باعتدال، واختيار الأنواع الجيدة والخالية من المضادات الحيوية والهورمونات والمواد الأخرى المُضافة إليها.

• تفادي السناكات السكرية والحبوب المكرّرة.

سلبياتها

غير أنّ كل إيجابيات الحمية النيّئة لا تعني أنها تخلو من السلبيات! وفي هذا السِياق، كشفت جابرايان أنّ «طبخ المصادر الغنيّة بمواد الليكوبين والبيتا كاروتين التي يحوّلها الجسم إلى الفيتامين A والمتوافرة في المأكولات الصفراء والبرتقالية يرفع نسبتها وكذلك قدرة الجسم على امتصاصها. أمّا عند تناولها نيّئة، فلا يمكن استمدادها بالفاعلية ذاتها كعند تعرّضها للحرارة. من جهة أخرى، فإنّ طبخ الأطعمة مهمّ لقتل البكتيريا الموجودة في السمك، والبيض، والدجاج، واللحوم، وحتى منتجات الحليب. أمّا تناولها نيّئة فيعزّز خطر الإصابة بالعدوى والأمراض. فضلاً عن أنّ الإفراط في تناول الخضار الكرنبية النيّئة، كالقرنبيط والملفوف والبروكلي، قد يعوق وظائف الغدّة الدرقية، غير أنّ طبخها يُبطل نشاط المركّبات المُضرّة بالغدّة».


وأضافت: «بما أنّ هذا النظام عالٍ بالألياف، يجب إذاً على الأشخاص الذين يعجزون عن هضم هذه المواد بفاعلية الامتناع عنه، أي الذين يعانون مشكلات صحّية كإلتهاب الأمعاء، واضطرابات الجهاز الهضمي. ففي مثل هذه الحالات يُفضّل تعريض الفاكهة والخضار لحرارة خفيفة لتسهيل عملية هضمها».


وأوصت أخيراً بـ«الابتعاد من أيِّ منتج مصنّع وتفضيل المأكولات الطبيعية، مع الحرص على تناول كمية معتدلة من المصادر الحيوانية الجيّدة طالما أنّ الشخص لا يشكو من أيّ مرض».