للأسف، يا حكيم، بات الذين يتفاءلون بإمكانية فصل الرئيس عون عن الوزير باسيل في تناقُصٍ مستمرّ، والعاقبةُ للمُتّقين
 

في خطابه بالأمس في ذكرى شهداء القوات اللبنانية، أولى الدكتور سمير جعجع لعلاقة القوات مع التيار الوطني الحر وفخامة رئيس الجمهورية العناية اللازمة والاهتمام الكافي، بعد المرور سريعاً على ثوابت القوات من مسألة التطبيع مع النظام السوري، وتأكيده رفض التطبيع مع نظامٍ فقد منذ زمنٍ شرعيته المحلية والعربية والدولية، وإمعانه في محاولات تفجير الأوضاع اللبنانية الأمنية والسياسية، كما وجّه جعجع رسالة عاجلة ومُقتضبة لحزب الله، مناشداً إياه العودة إلى داخل لبنان والابتعاد عن الصراعات الإقليمية والولاءات الخارجية، وذلك للحفاظ على البلد الوحيد الذي يأوينا ويجمعنا ويحفظ كرامتنا ومستقبل أبنائنا.

بالعودة لأهمّ ما جاء في خطاب جعجع بالأمس، وقوفه عند العلاقة المتوترة بين القوات وتيار الوزير باسيل (دون أن يُسمّيه)، علاقة تشوبها مُشادات وتباينات وانتقادات إعلامية، خاصّةً فيما يتعلق بالتركيبة الوزارية المنشودة، ليعود جعجع فيُؤكّد (خلافاً لمجريات العلاقات المتوترة) وقوفه الثابت لجانب العهد والرئيس ميشال عون، يحدوه الأمل في أن يكون عهد عون عهداً قويّاً، يحفل بالإنجازات التي تسمح بقيامة لبنان من أزماته العديدة الراهنة، مالياً وخدماتيّاً وبيئيّاً وإنماءً وازدهاراً، وكان واضحاً في وعي جعجع وضميره وقناعاته أنّ الوزير باسيل (تلميحاً لا تصريحاً) هو المعرقل الأبرز لمسيرة العهد، انطلاقاً من حسابات ضيّقة وشخصية وسطحية، وذلك بدل أن يكون هو المساهم الأول في دفعها والعامل على نهضتها، وضرب جعجع مثالاً واضحاً في قطاع الكهرباء، حيث يمسك تيار باسيل بوزارة الطاقة منذ أكثر من ثمانية أعوام، والبلد بدون كهرباء مع نزيفٍ مالي يقارب الملياري دولار سنوياً، ومع ذلك أصرّ جعجع على إضفاء مُسحة تفاؤل (ربما في غير محلّها) بأن يبادر سيد القصر الجمهوري بالقطع مع صهره الذي يتصرف هذه الأيام كأنّه الحاكم الفعلي للبلد، حتى بات البلد في عنق الزجاجة محكوماً بعنجهية وتفرُّد واستئثار لا سابق لها في تاريخ لبنان المعاصر، وتأليف الحكومة مُعطّل لهذه الأسباب تحت مظلّة حُجج واهية: نتائج الإنتخابات كما يحلو لباسيل قراءتها، وحُصّة رئيس الجمهورية التي سبق للجنرال أن انتقدها وادانها أيام الرئيس ميشال سليمان الذي كان وحيداً بلا تيار ولا كتلة نيابية.

للأسف، يا حكيم، بات الذين يتفاءلون بإمكانية فصل الرئيس عون عن الوزير باسيل في تناقُصٍ مستمرّ، والعاقبةُ للمُتّقين.