يرفع الرئيس نبيه بري الصوت مجددأ في شان ما يجري على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. كان من المفترض أن يزور لبنان أحد المسؤولين الأميركيين، وهو ديفيد شنيكر الذي عيّن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي خلفاً لدافيد ساترفيلد، وذلك لاستكمال المبادرة التي أطلقها الأميركيون للوصول إلى تسوية ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب، لكن الزيارة لم تحصل لأسباب عدة، منها ما يتعلق بالوضع الداخلي الأميركي، ومنها ما يتعلّق بوضع لبنان والشروط التي تفرض عليه للالتزام بالعقوبات الأميركية على حزب الله وإيران من جهة، ولتنفيذه القرارات الدولية وخصوصاً القرار 1701 بحصر الوجود العسكري في نطاق عمله بالجيش اللبناني.

تعتبر واشنطن، وفق مصادر، أن لبنان لا يريد مساعدة نفسه للوصول إلى تسوية على البلوك المختلف عليه مع إسرائيل. وتكشف مصادر متابعة عن أن الأميركيين، بالتوافق مع الروس، يتداولون بعرض يقضي بتقديم مبلغ 100 مليار دولار للبنان، للموافقة على تقاسم البلوك رقم 9 مع الإسرائيليين. علماً أن المتوقع استخراجه من هذا البلوك تصل قيمته إلى نحو 350 مليار دولار. لكن لبنان رفض ذلك، فيما الإسرائيليون بدأوا استخراج الغاز مستفيدين من دعم أميركي.

يعتبر بري أن هناك حركة إسرائيلية في اتجاه ما يسمى كاريش (مربع كاريش) القريب من الحدود اللبنانية الفلسطينية، واحتمال وجود مكامن مشتركة في ما يتعلق بهذه النقطة. ويشير إلى أن إسرائيل كلّفت شركة بالاستكشاف، على أن يبدأ ذلك في آذار 2019. وينبّه رئيس المجلس إلى أن المطلوب هو تحرك سريع وعاجل من أجل تثبيت الحق اللبناني في هذا الموضوع. وهو في صدد التحرك باتجاه وزارتي الخارجية والطاقة والشركة الأجنبية المعنية في هذا الموضوع، على أن تتدخل الدولة بكامل أجهزتها ومؤسساتها وتتحمل المسؤولية للدفاع عن السيادة الوطنية. وسيطلب من وزير الخارجية جبران باسيل التدخل لدى السلطات اليونانية لأن الشركة التي ستنقّب هي شركة يونانية.

حتى الآن، لا يملك لبنان أي تصور واضح لكيفية إيجاد مخرج لهذه المعضلة التي تهدد ثروته البترولية، فيما تهدف رسالة بري إلى الحث على توحيد الموقف، والاقلاع عن الانقسامات الداخلية بغية تعزيز الوضع الداخلي، لأن الوقت الذي يتلهى فيه اللبنانيون في مشاكلهم تعمل إسرائيل على تفريغ حقولهم النفطية من مخزونها. وليس لدى لبنان حلّ سوى التقدم بشكوى إلى مجلس الأمن، كان قد تراجع عنها سابقاً بفعل تدخلات دولية ووعود بمبادرات دولية. فيما هناك من يعتبر أن أي تحرك سيقوم به لبنان لن يكون مجدياً، والحل سيفرضه الروس والأميركيون بتسوية تقاسمية مع الإسرائيليين.

لا تنفصل هذه التطورات عن تجدد الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، مع تأكيدات إسرائليية بأن تل أبيب أبلغت موسكو وواشنطن بأنها ستستمر في استهداف المواقع والقوافل الإيراني في سوريا للوصول إلى إخراج إيران من كامل الجغرافيا السورية. وهذا قد ينطوي على تطورات ستكون مرتبطة بما ستؤول إليه العلاقات الأميركية الإيرانية في ضوء تشديد العقوبات على إيران، وإذا ما كانت طهران ستقدّم تنازلات أم أنها ستمضي على مواقفها التصعيدية، وآخرها للقائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية في ايران اللواء محمد علي جعفري، الذي قال إن "سوريا ولبنان واليمن وفلسطين اختارت نهج المقاومة لتحديد مصائرها، وسيكون النصر حليف شعوبها"، مؤكداً "ضرورة تعزيز قدرات البلاد في المجالات الدفاعية والأمنية ودفع التهديدات".

وتعتبر مصادر متابعة أن الطرف الإسرائيلي يستغل الضعف الإيراني وموقفه المرتبك مع الروس والأميركيين والمثقل تحت ضغط العقوبات. هي ليست ضربات مختلفة عن الضربات السابقة، ولكن قد تُوجه الضربات براحة أكثر ومن دون مساءلة. إنه التركيز على استهداف إيران واعتبارها هدفاً مشروعاً وطبيعياً. مسألة ترسيم الحدود الجنوبية ستكون مرتبطة بكل هذه التطورات.