دخل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري على خطّ السجالات الحاصلة حول صلاحياته، وقال في دردشة له مع الصحافيين: «صلاحياتي واضحة في الدستور، ونقطة على السطر. هذا يجب ألا يكون موضع نقاش»، معتبراً أن «تشكيل الحكومة وإخراج البلد من المأزق الاقتصادي وتأمين الكهرباء والمياه والاستشفاء والموازنة للمواطن اللبناني وتطبيق مؤتمر (سيدر)، أهمّ من الخلاف على الحقائب الذي لا طائل منه».

ولا تزال أصداء البيان المشترك لرؤساء الحكومة السابقين تتفاعل، بأبعاده ودلالاته السياسية والطائفية، وقال عضو المكتب السياسي في تيّار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش: «نحن كتيار سياسي نؤيد كل ما ورد في بيان رؤساء الحكومات»، رافضاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، محاولات «الالتفاف على اتفاق الطائف عبر إدخال معايير وأعراف جديدة عليه». وحذّر علوش من أن «الالتفاف على الطائف سيتخطى الخلاف على تشكيل الحكومة، ويدفع لبنان نحو أزمة نظام ستؤدي حتماً إلى إعادة النظر بالتوازنات القائمة، في ظلّ المتغيرات الديموغرافية، وربما يقود ذلك إلى إعادة النظر بالمناصفة»، وذكر علوش بأن «هناك من طرح المثالثة في مرحلة من المراحل، وهذا أبعد وأخطر بكثير من استهداف سنيّة رئيس الحكومة وصلاحياته».

من جهته، قلل المستشار السياسي لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، خلدون الشريف، من مخاطر الدخول في أزمة حكم. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن بيان رؤساء الحكومات السابقين «يقرع جرس الخطر من ضرب صلاحيات رئيس الحكومة». ورأى أن «هناك محاولات لا تتوقف للنيل من اتفاق الطائف، مرّة على قاعدة تفسيره، ومرة عبر الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي». وقال إن «ما جاء في البيان بمثابة توضيح دستوري لبيان رئاسة الجمهورية الذي يشكل محاولة للنيل من صلاحيات رئاسة الحكومة، وتوضيحا لكل الرؤساء الذين سيأتون لاحقاً». ولفت الشريف إلى أن بيان رؤساء الحكومة السابقين «يحذّر بوضوح من الإمعان في تفريغ الطائف من مضمونه»، مؤكداً أنها «ليست المرّة الأولى التي يُعتدى فيها على الدستور وعلى الطائف، بدءاً من مؤتمر الدوحة الذي انتزع بعض بنوده عبر فرض الثلث المعطل، وحصة لرئيس الجمهورية في الحكومة».

وتتباين مقاربات السياسيين وخبراء الدستور حول دخول لبنان في أزمة دستورية، لكنها تتفق على خطورة المماطلة في تشكيل الحكومة الجديدة، وفي هذا المجال أوضح الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك لـ«الشرق الأوسط»، أن «تأليف الحكومة مسؤولية مشتركة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف». وأكد أنه «لا نصّ دستورياً يمنع رئيس الجمهورية من وضع معايير لتشكيل الحكومة، كما أنه لا شيء يمنع الرئيس المكلّف من وضع الصيغة الحكومية التي يراها مناسبة، ويعرضها على رئيس الجمهورية، فإما يوقع الأخير أو لا يوقّع». وأمام الخلاف على تحديد الصلاحيات وغياب التفسيرات الدستورية لمهل تشكيل الحكومة وغيرها، أشار مالك إلى أنه «إذا كان لا بدّ من فتح ورشة إدخال تعديلات على اتفاق الطائف، فإنه ليس من المناسب طرحها أو بحثها في هذه المرحلة». وقال: «ربما ثمة حاجة إلى معالجة بعض الثغرات وإيجاد تفسيرات لبعض المواد الدستورية، لكن ليس وقتها الآن، فلا يمكن فتح الباب على خلافات جديدة لبنان بغنى عنها الآن».