ما حصل يوم أمس هو أيضاً خطوة إلى الوراء في مسار التشكيل وهو ينطوي على المزيد من نوايا التأجيل وسط غياب أي مبادرات حقيقية تراعي المصالح اللبنانية أولاً وأخيراً
 

اللقاء الذي عقد في قصر بعبدا أمس كان أشبه بمسرحية وأقرب إلى المشاهد الكوميدية المضحكة والتي لم تعهدها السياسة اللبنانية في السابق بالرغم من كثرة الممثلين السياسيين والمسرحيات الهزلية في السياسة اللبنانية.

وقال الحريري عقب اللقاء أنه سلم رئيس الجمهورية صيغة حكومة وحدة وطنية، لا ينتصر فيها أحد على الآخر.

وأضاف الحريري أن "الصيغة لا أحد يملكها إلا فخامة الرئيس وأنا، ولم تناقش مع أحد وأفكارها أخذتها من كل القوى".

من جهته قال مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أن الرئيس عون تسلم من الحريري صيغة مبدئية للحكومة الجديدة وأبدى بعض الملاحظات حولها استنادا الى الأسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان.

إقرأ أيضًا: إلى متى سيبقى لبنان لعبة السياسيين؟

هذا المشهد وما تبعه كان كافياً للقول أن ما حصل عبارة عن مسرحية أخرجها كل من سعد الحريري ورئيس الجمهورية وهي محاولات يائسة للهروب إلى الأمام في وقت ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر إنهاء حال المماطلة في تشكيل الحكومة وتحمل المسؤوليات الوطنية والتزام مصلحة لبنان قبل كل شيء.

إن ما حصل لا يعكس حال الضياع السياسي الذي يتخبط به المسؤولون اللبنانيون فقط لإعتبارات خارجية وداخلية، بل يعكس أيضاً حجم الصراع على المناصب والحصص الوزارية لمصالح الأحزاب والشخصيات والزعامات بدءاً من رئيس الجمهورية الذي يجب أن يكون مؤتمناً على مصالح البلاد فيما هو اليوم أحد اللاعبين في بازار الحصص الوزارية متلطياً خلف الصهر الذي يتنقل بالفوضى السياسية من مكان إلى آخر دون أي رادع، وهو الذي يحاول دائما أن يتنصل من نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة تلك النتائج التي يجب أن تكون حاكما للتشكيلة الحكومية المرتقبة.

من المماطلة إلى التسويف إلى الهروب من المسؤوليات تبقى رهانات الأطراف على الحصص والمغانم أكبر، ووسط تعنت أهل السياسة تذهب البلاد إلى المزيد من الفوضى على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمواطن اللبناني وحده من يدفع الثمن.

ما حصل يوم أمس هو أيضاً خطوة إلى الوراء في مسار التشكيل وهو ينطوي على المزيد من نوايا التأجيل وسط غياب أي مبادرات حقيقية تراعي المصالح اللبنانية أولاً وأخيراً.