لاحظت مصادر ديبلوماسية غربية انه لم يتم تسريب اية معلومات دقيقة وواضحة عن ما تم بحثه والاتفاق حوله خلال القمة الاميركية - الروسية في هلسنكي في ١٦ تموز الماضي. كما لاحظت ان كل ما يتم تداوله يأتي في اطار الاستنتاج ومراقبة التطورات على الارض في المنطقة وسوريا، وربطها بالقمة ونتائجها.

ويظهر بحسب المصادر، ان لا استراتيجية اميركية واضحة في مجال السياسة الخارجية والوضع في الشرق الاوسط. مع ان هناك توجهات واضحة بالنسبة الى ايران والى استقرار الوضع في لبنان. لكن على الرغم من الوضوح في الملف الايراني، فان ما يلفت هو التفاوت في وجهات النظر المعلنة، تارة يريد الرئيس الاميركي دونالد ترامب التفاوض مع ايران، وتارة اخرى يزيد من العقوبات التي تخنق الوضع الاقتصادي في ايران، ويعود ليعلن ان لا تفاوض. قد يكون سبب اغراق ايران بالعقوبات هو اجبارها على القبول بالتفاوض، وهي سياسة كانت اتبعتها الولايات المتحدة قبل مرحلة التفاوض على الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في ايار الماضي.

فضلاً عن ذلك، هناك تردد في طريقة اتخاذ القرارات لدى ترامب. الامر الذي تستفيد منه روسيا، لتوسع نفوذها في المنطقة اكثر. هناك العديد وبالعشرات من المسؤولين في الخارجية الاميركية، وفي الامن القومي اقيلوا من مناصبهم، في الآونة الاخيرة، ولم يتم تعيين بدلاء لهم، وقد اقيلوا من وظائفهم قبل تعيين البدلاء.

وهناك مسؤولون تم تعيينهم في الخارجية الاميركية كمساعدين للوزير مايك بومبيو ولم يتسلّموا مهامهم بعد، لحاجة الامر الى الاستماع لشهادتهم وتثبيتهم في الكونغرس، وهذا يستغرق نحو ٨ أشهر. مثل السفير ديفيد هايل الذي عُيّن نائباً لوزير الخارجية، وديفيد شنكر الذي عيّن خلفاً للسفير ديفيد ساترفيلد مساعداً لنائب وزير الخارجية.

وساترفيلد لا يزال يقوم بمهامه في انتظار استكمال عملية التعيين. وهناك آخرون يقومون باعمال الذين تركوا مناصبهم بالانابة، ومنهم من يترك وظيفته من دون اعلان حتى للديبلوماسيين الاجانب في واشنطن والذين يتعاملون معهم بشكل دائم. كل ذلك يؤثر على عمل الادارة، مما يؤدي الى عدم استقرار في متابعة الملفات، وعلى انعكاسات ذلك على التعامل الاميركي الموحد معها. قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران باسبوعين، قال مدير الشؤون الاستراتيجية في الادارة الاميركية امام سفراء الدول لدى واشنطن، ان بلاده لن تمس الاتفاق على الاطلاق. ذلك لانه اتفاق متعدد الجوانب، وان الشركاء غير موافقين على انهاء العمل به، ولا تريد بلاده افتعال مشكلة في الموضوع، وسيتم العمل لانجاز ملحق للاتفاق، حول الحد من الصواريخ البالستية، وحول التوسع الايراني بشكل عام. ولن يتم المس بالاتفاق نفسه. وبعد اسبوعين خرجت واشنطن من الاتفاق.

وتفيد مصادر ديبلوماسية اخرى، ان لا استراتيجية اميركية واضحة حيال المنطقة او القضايا المطروحة في العالم. داخل حزب الرئيس ترامب، اي الحزب الجمهوري، هناك معارضون لسياسة الرئيس، وليس فقط الحزب الديمقراطي يعارضه. وعلى الرغم من ذلك، فانه لم يلجأ الى تعديل سياسته. لا بل انه يعتبر نفسه انه ظاهرة خاصة، والناس انتخبته ويستطيع ان يفعل ما يريد. واذا استمر في ادائه على هذا المنوال من العشوائية، فانه سيخلق فراغاً في السياسة الدولية، الامر الذي ليس فقط يناسب روسيا، انما ايضاً يناسب ايران. وطهران كانت تفضل ان لا تمس واشنطن النووي، لان ذلك سيضر بها مالياً. لكن في المقابل ستستفيد طهران من هذا الظرف اميركياً للعب اكثر في ملفات المنطقة وتحسين وضعها ونفوذها.

ايران رفضت التفاوض الذي عرضه ترامب على الموضوع النووي مع بند آخر هو نفوذها في المنطقة. في حين ان الاوروبيين داعمون لايران في موقفها المتمسك بالنووي. انما ايران ليست في وارد التنازل عن شيء في المنطقة.

كل هذه الاجواء، ستؤدي الى فوضى اكثر. ما يحتم على الادارة الاميركية خلق خطة جديدة حيال التعامل مع المنطقة. اذ ان اتخاذ موقف ثم التراجع عنه ان مع ايران او كوريا الشمالية سيؤدي الى ان روسيا وايران سيعمدان الى توسيع نفوذهما والاصرار على سياستهما.