موقف لافت أطلقه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وانشغلت بعض الأوساط في تفسير من المقصود بالرسالة التي أطلقها وتنطلق من تأكيده أن معركة رئاسة الجمهورية المقبلة قد فُتحت. فقد قال قاسم: "إذا كان البعض يظنّ أنّ ربط تأخير ​تشكيل الحكومة​ بالخارج أو بأزمات الخارج يؤدّي إلى حل، فنقول له لا إنّما ذلك يؤدّي إلى مزيد من التعطيل. وإذا كان البعض يربط تشكيل الحكومة برئاسة الجمهورية​ ويعتقد أنّ موقعه في داخل الحكومة يهيء له أن يكون رئيساً للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي فهو واهم".

هل قصد قاسم الوزير جبران باسيل؟ هنا، تتضارب قراءات الأطراف وإجاباتهم. المستقبل والقوات اللبنانية يعتبران أن قاسم قصد باسيل ولا أحد غيره، رغم حرص حزب الله على العلاقة الجيدة والممتازة مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. يعود هؤلاء إلى سلسلة اختلافات في المواقف بين الحزب أو الثنائي الشيعي وباسيل في بعض المحطات. لذلك، وجّه الحزب هذه الرسالة إلى باسيل، لا سيما أن الحزب كان يعتبر سابقاً أنه ملزم بتحالف استراتيجي مع رئيس الجمهورية ميشال عون وليس مع أحد غيره، وهو كان قد التزم بعون رئيساً للجمهورية وليس بأحد غيره على رأس التيار الوطني الحر.

وتستكمل هذه النظرية قراءتها بالاستناد إلى معطيات أخرى، أبرزها الضغوط التي يتعرض لها حزب الله سياسياً وعسكريا واقتصادياً في سوريا. بالتالي هو يريد تعويض ذلك في لبنان من الناحية السياسية وبحماية نفسه من خلال تشكيل حكومة تضم كل الأفرقاء والقوى تمنحه غطاءً وشرعية بوجه ما قد يتعرض له. لهذا السبب يصر حزب الله على استعجال ولادة الحكومة قبل حصول مزيد من التعقيدات على الساحة المحلية ربطاً بالتطورات الاقليمية.

بالتالي، فإن الشروط التي يفرضها باسيل هي التي تقف عائقاً أمام تشكيل الحكومة، وتترك البلد والحزب معه بلا غطاء، ليكون الوضع قابلاً للانفتاح على أبواب مختلفة قد تتسرب منها الرياح. ويذهب أصحاب وجهة النظر هذه أبعد، إذ يعتبرون أن ما قاله قاسم يندرج في إطار توجيه رسالة إلى باسيل بأن طريقه إلى رئاسة الجمهورية لن تكون مرتبطة بتحالف مع تيار المستقبل فقط، ولا بحجم حصته داخل الحكومة، إنما ستكون مرتبطة بجملة تطورات إقليمية ودولية، والأساس فيها هو أن باسيل يجب أن يبقى على تحالفه مع الحزب وانتمائه إلى المحور الإيراني. عليه، فإن المقصود بالتحذير، يأتي بعد استشعار باسيل أن ليس من مصلحته البقاء في هذا التفاني بالتحالف مع حزب الله على حساب كل الأفرقاء، لا سيما في ظل المعطيات الدولية التي ستزداد تشدداً على حزب الله. وهذه يقرأها باسيل بشكل جيد. ولذلك يراهن أصحاب هذه النظرية على المتغيرات في المنطقة، وعلى ما يسمعه المسؤولون اللبنانيون من الموفدين الدوليين، ليتخذ باسيل بعد عملية تشكيل الحكومة مواقف أكثر وسطية لتحسين علاقاته مع الدول الغربية والعربية. بالتالي، فإن كلام قاسم يأتي في سياق استباقي.

في المقابل، هناك بين المقربين من الحزب من ينفي أن يكون باسيل هو المقصود بكلام قاسم. وترفض المصادر الافصاح أكثر، بينما هناك من يحاول أن يشير إلى أن المقصود بهذا الكلام هو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

وربطاً بهذه التطورات، وفق مصادر متابعة، فإن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري غادر في مناسبة خاصة إلى مصر، وهو بحالة استياء من تصرفات الوزير جبران باسيل، الذي رفض زيارة بيت الوسط للقائه والبحث بآخر ما جرى التشاور بشأنه على خطّ عملية تشكيل الحكومة. وتلفت المصادر إلى أن باسيل رفض زيارة الحريري تحت شعار أن ليس لديه أي شيء جديد لتقديمه والتباحث به. ما اعتبره الحريري إشارة من باسيل أنه غير مستعد للتنازل. وإذا لم يحصل لقاء قريب، فإن الحريري سيزور بعبدا ويقدّم تشكيلته إلى الرئيس عون، والتي تتضمن مقترحات وصيغاً عدّة، من بينها عدم حصول القوات اللبنانية على حقيبة سيادية ولكن مقابل 4 حقائب خدماتية هي الأشغال، الثقافة، الصحة، والعدل. فيما باسيل، وفق المصادر، يرفض هذه الصيغة ويصر على أن القوات يجب أن تحصل على 3 حقائب ووزارة دولة. أما العقدة الدرزية فلم تجد طريقها إلى الحلّ بعد.