بعد أن استهوت لعبة الصغار أسنان القوم باتت اليوم وبعد طول حبال اللعبة لعبة اللبنانيين الذين يقفزون فوق حبال السلطة للنجاة من نارها المطوقة لكل أطراف اللعبة
 

كل الصغار لعبوا لعبة الولدنة هذه وكانت من الألعاب الأساسية للأطفال سواء في المدارس أو في الشوارع أو في المنازل وعلى حبل قصير أو طويل وضمن مربعات تتسع لقدم وقدمين ولم يعلم من لعب هذه اللعبة النظيفة أنها ستصبح في لبنان لعبة الكبار أيضاً وبأنها ستستهوي كبار القوم بحيث يقف زعماء الطوائف متوزعين ما بين الشادين على الحبال وبين القافزين عليها وفق الحركات والأصوات المطلوبة والتي تصدر عن اللاعبين الذين يُترك اليهم أمر إرخاء الحبل أو زيادة السرعة فيه لإيقاع القافز و إخراجه من المنافسة دون أن يحصل على كامل مكونات البوظة فمنهم من يسقط عند لفظة القشطة ومنهم من لا يستطيع الوصول الى الحليب اذا ما زيد من سرعة الحبل.

يبدو أن لعبة الصغار القديمة تُسلي من فاتته اللعبة على صغر فاستهواها على كبر وباتت أداة جيدة من أدوات اللعب لامتحان القدرات الرياضية لفرق طائفية لم تعد قادرة على النطنطة بعد أن فاتها قطار العمر لهذا من شبّ يمتحن من شاب بغية إخراجه و إحراجه من لعبة الصغار التي تحتاج الى مهارة  خاصة وفتوة أكثر مما تحتاج الى روية وحكمة.

أكثر من قرن بوظة قدم للمتذوقين وعلى أطعمة مختلفة من القشطة الى الفريز ولكن لم يستطيب أحد ولم يتذوق بوظة بألوانها المختلفة باعتبارها لحس مشترك وليست معدة للقضم من قبل فم واحد كما جرت العادة أن توزع القشطة على الزبائن الأساسيين ويُترك الحليب والفريز لمن هم أدنى من الزبائن الكبار.

هذا ما دفع المُصنّع الى إعادة التركيب وتقصير حبال اللعبة ليصبح بإمكان البعض مسك الحبال جيداً حتى لا يقع ويخرج مكسوراً من لعبة الحكومة التي تحتاج الى من يستطيع الشدّ والمسك والقفز ليأكل كامل قرن البوظة من القشطة الدسمة الى الحليب المنزوع الدسم.

إقرأ أيضًا: حكومة عهد أم حكومة بلد ..؟

قيل أن اللعبة لن تتوقف ستبقى حبالها مشدودة جيداً والفوز لمن يتمكن من النط وعدم الوقوع من آثر السرعة الزائدة خاصة و أن المتحكمين بلعبة الحبال يسعون الى إسقاط قوى لاعبة في الفراغ الحكومي والى تحسين أداء البعض لتمكينه من إكمال اللعبة كي يلحس جيداً بوظة الحكومة.

ميزة هذه اللعبة أنها تملك حيوية الاستمرار وتشجع اليائسين على تجريبها كونها لعبة ممتعة تعطي اللاعبين ما يحتاجونه من حوافز وجوائز لتحقيق الغلبة المطلوبة والتي تسمح لمن ربح أن يمارس سياسة الخسارة على الخاسرين انتظاراً لإسعافات خارجية تنشط من القوى الخائرة وتلك التي صدمتها يوسطة السلطة وجعلت منها كسيحة لا قدرة لها على استكمال لعبة القفز والنط واللحس.

ثمّة مراعاة للمعمرين باللعب على الحبال وجعلها تلبي احتياجاتهم الخاصة وقدراتهم المحدودة لضمان دورها كلعبة تنشط من الكسل السياسي القائم بين السياسيين الذين اعتادوا على كسب السياسة دون بذل نتيجة لتحكم دول خارجية في حسابات السلطة وهذا ما أراح السياسيين من همّ التأليف والتشكيل الحكومي ومن هموم أخرى فكل شيء معبأ وصالح للإستعمال رغم انتهاء المهل التاريخية للسلامة العامة فلا ضير في ذلك طالما أن فساد الصلاحية لا يضر بالجسم اللبناني المتمتع بالمناعة المطلوبة ومحصن ذاتياً من أي مواد فاسدة سياسية وغير سياسية.

بعد أن استهوت لعبة  الصغار أسنان القوم باتت اليوم وبعد طول حبال اللعبة لعبة اللبنانيين الذين يقفزون فوق حبال السلطة للنجاة من نارها المطوقة لكل أطراف اللعبة بحيث يصعب الخروج من دوائر النار مخافة الوقوع فيها فيسقط اللبنانيون في أتونها فتلعب بهم ألسنة النيران في حين أن بقاءهم وسط النار ضمانة لبقائهم لاعبين بها وبعيدين عن شرر ألسنتها.