بعد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن #نصرالله، ها هو رئيس مجلس النواب اللبناني ورئيس حركة "أمل" نبيه بري يقف على خاطر أهالي البقاع الشمالي. يعدهم بتشريع "القنّب الهندي" ويعدد مزايا النبتة العجائبية. من علاج السرطان الى الفايبر، الى المطالبة بإقرار قانون العفو عن الطفار، الى وعود بالتوظيف ترفع الغبن عن المنسيين الذين بدأوا يرفعون الصوت وبحدة تقلق مَن حسب ان الاستنفار المذهبي يكفي للتجييش. 

المطلوب هذه الأيام، رضا الله ورضا أهالي بعلبك والهرمل على "الثنائي الشيعي".

الرضا ليس سهل المنال، اذا ما تابعنا تسريبات عن لوم واتهامات مباشرة بالاسماء يطلقها مواطنون لم يعد لديهم ما يخسرونه.

فالمسألة لم تعد تململاً بل أصبحت رفضاً بالصوت والصورة.

لذا كان لا بد من "عقيدة وثبات" بعد "شموخ وانتصار"، وفيضانات من الوعود لأهل البقاع الذين ينتظرون قانون عفو عاماً ليعود الطفّار الى بيوتهم وينتظروا تشريع زراعة الحشيشة لأنها مصدر الرزق، ولا بد من التشريع لأن الأمر يرفع الرصيد الشعبي الذي يهتزّ ويترنّح.

دور الرئيس بري، عدا استنهاض جماهيره البقاعية، فيه الكثير من العونة، لأن مَن يتابع الفيديوات المسربة عن الغضب من "حزب الله" تحديداً، يفوق الغضب من "حركة أمل".

السبب معرفةُ أهالي الهرمل وبعلبك مَن الفاعل ومَن القوي ومَن يفرض سيطرته على الناس ومَن له القدرة على كمّ افواههم وتقاسم الأدوار مع المؤسسات الأمنية لدى الحاجة الى بعض التأديب او بعض التنفيس.

الهجمات على نواب "الحزب" ورفضهم إياهم، كانت فاقعة قبل الانتخابات.

فالبقاعيون كفروا من استغلالهم واستثمارهم واستباحتهم وبيعهم في بورصة حروب الآخرين وابتزازهم بلقمة عيشهم ووعدهم بحماية بالحد الأدنى، ليصيروا رهائن لا خيارات لديهم الا الالتحاق ببندقية توظّف سواء في سوريا او العراق او اليمن او أينما تدعو حاجة الحلم الممتد على طول خط الحرير، مقابل رواتب تؤمّن نظاماً اقتصادياً مهزوزاً لا أفق له، او الالتحاق بمافيات يديرها كبار الخارجين عن القانون، بغطاء من أمراء البندقية، وتضحّي بهم عند اول مفترق طرق.

أفهموهم ان الدولة لا تسأل عنهم. الامر صحيح يعرفه أهل البقاع الشمالي.

أقنعوهم ان الدويلة هي الحل والنعيم مع فائض السلاح.

لكنهم اكتشفوا ان الدويلة شريك أساسي في الدولة، وان المذهب ليس هوية ولا حتى انتماء يُغني عن الهوية، وان النواب الطالعين من الدويلة لا يمثلونهم بل يمثلون مصالحهم ومصالح محورهم.

شعروا بالغبن، لأن المذهب أثمر في الجنوب اللبناني نموّاً وبنى تحتية وطرقاً ومشاريع.

لكأن مشاركتهم في الدفاع عن هذا الجنوب ذهبت سدى.

فكان الغضب البقاعي الذي فتح الباب لمَن يريد المزايدة، ان يستغل هذه النقطة.

مَن تابع حركة التوظيفات بين الجنوبيين والبقاعيين في الطائفة الشيعية يحقّ له ايضاً ان يزايد.

المذهب ليس هوية.

قالوها مراراً وتكراراً في الفترة الأخيرة، في وجه هؤلاء النواب، في الحسينيات والمآتم واينما كان.

اتهموهم بأنهم جعلوهم خارجين عن القانون، فيما القانون خارج عليهم، او هو ذخيرة إضافية على الأساس، يروّضهم بالرصاص الحي عندما تتطلب مصالح مَن يدعي الاهتمام بأمرهم ذلك.

سمعوا نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يقول لهم ردّاً على اعتراضاتهم قبل الانتخابات: "اذا واحد قال ما بدّي اعطي صوتي، طيّب ليش؟ زعلان. يعني اذا زعلت بتتزفت الطريق؟ ما بتتزفت. اذا زعلت بصيبك مرض من الزعل وبتفوت عالمستشفى وبصير بدّك تدفع تكاليف للمستشفى وبدّو يرجع النائب يفوّتك عالمستشفى. خفف عنا تكاليف يا اخي وروح صوِّت وخلّيك مرتاح شوي وخلّينا نتفاهم مع بعضنا".

ولأن التفاهم لم يحصل، كان لا بد من تمديد ساعات الاقتراع الى منتصف الليل، لتأتي النتيجة كما أتت.

لكن النقمة لم تخفت.

الفلتان الذي تلا الانتخابات، زاد من هذه النقمة، وبالتأكيد لم تنفع الإجراءات الصورية لخطة أمنية وهمية في التخفيف من الغليان، لذا كان لا بد من التحرك الثنائي لإسترضاء الناقمين.

عوض ان يحكلوها عموها، مع الكهرباء الغالية والنادرة تضيء الطرق الى بعلبك بين ليلة وضحاها ليسخر المحرومون من هذه المعجزة التي تحققت جراء الخوف من خسارتهم خزاناً لاستمرارية مَن يريد احتكارهم وليس لأن عشرات بل مئات من الأرواح تزهق كل حين على هذه الطرق.

يسخرون أيضاً وأيضاً عندما يسمعون مَن يفترض انه يملك السلطة يتحدث، فيحسبون انهم يسمعون النائبة بولا يعقوبيان او النائب سامي الجميل او احد أفراد مجموعات الحراك المدني وليس أهل السلطة الذين صادروا وجعهم بعدما صارت وظيفة صنّاع القرار ومهندسي سياسة البلاد وأرباب المحاصصات مهاجمة الدولة وتقصيرها.

ذلك كلّه، لكسب غبرة رضا أهل بعلبك الهرمل.