استبعد مستشرق وخبير إسرائيلي بارز، إمكانية تحقيق "صفقة القرن" التي تحدثت عنها الإدارة الأمريكية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، في حين رأى أن هناك صفقة أخرى تتعلق بسوريا وروسيا وإيران، قابلة للتحقق يمكن لواشنطن أن تعمل عليها وقد تساهم بتسوية صغرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي مقال له بعنوان: "صفقة القرن.. بيضة لم تفقس"، نشر بصحيفة "إسرائيل اليوم" نوه أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة تل أبيب، الخبير إيال زيسر إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "تفرغ بعد أسبوع من وجع الرأس الذي ألم به في الساحة الأمريكية الداخلية، وعاد لصفقة القرن، وهي صفقة الأحلام التي ينسجها رجاله لتحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين".

وأعلن ترامب مؤخرا أن "إسرائيل مطالبة بأن تدفع ثمنا أعلى من الفلسطينيين بسبب السلفة التي حصلت عليها، والمتمثلة في الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لها"، وفق زيسر الذي تحدث عن "صفقة خاصة" توصل إليها ترامب عبر محاميه مع النيابة العامة في نيويورك، بشأن علاقات سابقة مع بعض النساء.

ومهما يكن الأمر، فقد "بقيت مسألة تصميم ترامب على دفع الصفقة بين إسرائيل والفلسطينيين للأمام على حالها، حيث يبتعد الطرفان عن التحمس لها، كما أنه ليس واضحا على الإطلاق كم يمكنه أن يتفرغ عن التحديات التي يقف أمامها في الداخل كي ينكب على تحقيق هذه الصفقة".

ولفت الخبير إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية "سارعت لشجب ترامب بسبب (عار القرن) الذي  ينسجه هو ورجاله للفلسطينيين"، مضيفا أنه "على ما يبدو الجانب الفلسطيني مصمم على رفض كل مشروع سلام أمريكي، حتى ذاك الذي يحظى بتأييد صامت من جانب الأردن ومصر والسعودية".

ورأى أنه "من الصعب الافتراض بوجود زعيم فلسطيني يمكن أن يوافق على مثل هذه الصفقة، التي تطالبه بالاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل، والتخلي عن حق العودة والاكتفاء بالقليل الذي تبقى في أيديهم بعد قرن من النزاع".


وأضاف أن "اقتراحات مشابهة لصفقة ترامب، بل وأفضل منها عرضت على الفلسطينيين من إدارات أمريكية وحكومات إسرائيلية على مدى السنين، ولكن الفلسطينيين رفضوها كلها على أمل أن يتلقوا اقتراحا أفضل".


واعتبر زيسر أن لدى الجانب الفلسطيني "اهتمامات أكثر إلحاحا، حيث تستعد رام الله لليوم التالي لأبي مازن (محمود عباس رئيس السلطة ورئيس حركة فتح)"، لافتا إلى أن "المتنافسين مثل؛ جبريل الرجوب أو رئيس المخابرات العامة للسلطة ماجد فرج، يجندون عصابات مسلحة لضمان فوزهم".
وذكر أن "المنتصر في الشرق الأوسط والمتمثل في موضعنا بالخليفة، يتقرر ليس وفقا لنتائج الأصوات في صناديق الاقتراع، بل وفقا لعدد البنادق خارجها".

وأشار الخبير إلى "الزيارة المهمة" التي قام بها الأسبوع الماضي جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي إلى "تل أبيب"، حيث كشف أنها "لم تعن على الإطلاق بصفقة القرن، بل بمسألة أكثر الحاحا بكثير بالنسبة لإسرائيل وهي؛ المسألة الإيرانية".

ورغم العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران، والتي تمس بالاقتصاد الإيراني بشدة، من أجل منعها من امتلاك السلاح النووي، قال زيسر: "من المشكوك فيه أن تصريحات ترامب والعقوبات الاقتصادية، لديها ما يكفي لمنع التحول النووي الإيراني، وأكثر من ذلك، دحرها عن مواقعها في سوريا والعراق".


وأوضح أنه "ليس لواشنطن في هذه المسائل جواب جيد"، منوها إلى أنه نقل الأسبوع الماضي عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه "كان يريد أن يرى إيران خارج سوريا، غير أن الأمر ليس في وسعه وهو بحاجة لمساعدة".


وأشار الخبير الإسرائيلي إلى أن بوتين كان يتوقع من واشنطن أن "تعرض عليه صفقة قرن، تضمن المصالح الروسية في سوريا، وتمنح شرعية ومساعدة لبشار الأسد، وفي الوقت ذاته تدحر الإيرانيين من سوريا".


ورأى أن هذه هي "صفقة أخرى يجدر بالأمريكيين أن ينشغلوا بها، وهي صفقة يمكنهم أن يعملوا عليها بسهولة أكبر وكفيلة بأن تساهم في الاستقرار الإقليمي، وأيضا تحقيق تسوية أو على الأقل تسوية صغرى بين إسرائيل والفلسطينيين".