أي اجراء يتم فرضه على الرئيس المكلف يقود الى أزمة ميثاقية مع السنّة ستقود الى أزمة أخطر
 

فيما أزمة التشكيلة الحكومية اللبنانية تراوح مكانها، من دون تسجيل أي حلحلة للعقد ومطالب القوى السياسية، فإن باب الاستحقاق الحكومي في أيلول بات مفتوحاً، بانتظار الموقف الذي سيطلقه رئيس الجمهورية ميشال عون حول عملية التأليف. 

ومَن يراقب الوضع الحكومي يُدرك جيداً أن لا أمل بولادة قريبة للتشكيلة المنتظرة، خصوصاً أنّ العراقيل ما تزال على حالها، ولا شيءَ يلوح في الأفق. الضغوط تتكثف على الرئيس المكلف تأليف الحكومة، بعضها يسعى الى دفع الرئيس المكلف إلى الاعتذار عن عدم التأليف أو البعض للبحث عن فتوى دستورية تسمح بسحب التكليف، وبعضها الآخر للاسراع في التأليف بما يحقق مطالب الذين يرسمون له صورة الحكومة ويمارسون التدخل في عملية التأليف. شيء من الضغوط مرتبط بحاجة البلد والناس الملحة الى حكومة. وآخرون يستعجلون تثبيت انتصارات ليست ثابتة، لأن القضية ناقصة ومحكومة بصراع مصالح ومعرضة للتغيير في بازار دولي لم يكتمل بين اميركا وروسيا، ولا اوروبا والصين في منأى عنه. والجميع يدرك ان ازمة الحكومة اكبر من العقد الداخلية المعلنة. 

إقرأ أيضًا: هل سيكون شهر أيلول حاسماً؟

فليس أصعب من مأزق التأليف سوى الخروج منه بانتصار فريق على آخر، وليس أخطر على لبنان من الازمة الحكومية سوى ربطه بمحور اقليمي في ظل اشتداد الصراع بين المحاور، ونحن حاليا نعاني اشتداد الصراع، حيث يواجه المحور الايراني المنتصر بداية اختلاف الاجندات في سوريا ومن حولها بين موسكو وطهران واندفاع اميركا وحلفائها في استراتيجية كبح النفوذ الايراني. ولا يبدل في الأمر، وان كانت الرسالة واضحة وقوية، عقد اتفاقات بعيدة المدى بين سوريا وايران خلال زيارة وزير الدفاع الايراني الى دمشق. ولا أحد يجهل معنى ان تطلب موسكو من طهران الانسحاب الى ما بعد ٨٥ كيلومترا على خطوط فك الارتباط في الجولان بتفاهم روسي - اسرائيلي. ومن السهل، مع انه ليس في الدستور ما يحدد للرئيس المكلف مهلة للتأليف أو الاعتذار، البحث عن فتاوى دستورية. 

لكن من الصعب تجاهل الواقع السياسي، فالمنصب في هذا النظام الطائفي الذي صار مذهبيا هو للمذهب، وليس للشخص. وأي اجراء يتم فرضه على الرئيس المكلف يقود الى أزمة ميثاقية مع السنّة ستقود الى أزمة أخطر. ثم ان النظام المغلق مع فتحة صغيرة صار مغلقا بالكامل ضمن التسوية السياسية التي جاءت بالعماد ميشال عون الى القصر الجمهوري واعادت الرئيس سعد الحريري الى السراي. فنحن أسرى المعادلة التي مختصرها: السلطة للقوي في طائفته. ولا بديل من الحريري بهذا المعيار. ولا بالطبع من كل امراء الطوائف. ناهيك عن ان التسوية السياسية قامت على اساس: النأي بالنفس عن صراع المحاور، بحيث لا ينحاز لبنان الى أي محور. والتمسك باتفاق الطائف. وأي خرق لهذه المعادلة يحول أولا دون تأليف حكومة، ويضع لبنان ثانيا في مهب عواصف اقليمية ودولية قوية ومؤذية سياسيا وماليا واقتصاديا. فهل يوجد مصلحة للبلد في محاصرة الحريري؟ 

لا اعتقد ان عاقل يقود البلد الى مثل هذا الوضع الخطر والخطير.