رمى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كرة تأليف الحكومة في ملعب الرئيس سعد الحريري، ولكن ذلك لا يعني وفق أوساط «التيار الوطني الحر» أنّ عون يعتبر الحريري العقدة او المشكلة، وقد لوحظ انّ التصويب العوني انحصر في الأيام الماضية بـ«القوات اللبنانية»، حتى انه تجنّب الاقتراب من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي بدوره خَفّف من الاشتباك مع «التيار» ورمى الثقة عند حليفه الدائم رئيس مجلس النواب نبيه بري.
 

في جديد مهلة أيلول تبريد رافق المساعي التي تجري بين عون والحريري، قد ينتج زيارة الاخير للقصر الجمهوري لاستكمال المشاورات من حيث توقفت، هذه الزيارة يريدها عون أن تأتي بالتشكيلة الحكومية الكاملة لكي يبنى على الشيء مقتضاه.

وتوجز اوساط «التيار» ما رافق الفترة الاخيرة من تراشق سياسي وإعلامي وما ينتظر حصوله بالآتي:

ـ أولاً، لم تذهب العلاقة مع الحريري الى حافة الهاوية، فالتسوية قائمة، والتعطيل مصدره «القوات اللبنانية» وجنبلاط، واذا كان الأخير قد وضع الحل عند بري، فإنّ موقف بري معروف في كثير من القضايا التي تتعلق بالعقد، ولاسيما منها الدرزية. امّا في شأن الحريري فإنّ رئيس الجمهورية حريص على مساعدته على حلحلة العقد، وهو يترك للرئيس الملكف التواصل مع القوى السياسية، لكنه في الوقت نفسه حريص على عدم إطالة مهلة التأليف، ولهذا كانت مهلة الأول من ايلول، التي هي مهلة حضّ وليست اقتراباً من البحث في الصلاحيات.

وتأمل أوساط «التيار» ان يأتي الحريري الى بعبدا قريباً وفي جيبه تشكيلة حكومية، من دون ان تُسقِط خيار أن يوجّه عون رسالة الى مجلس النواب لتحديد المسؤولية في تأخُّر تأليف الحكومة، اذا لم تولد الحكومة قريباً. وأشارت الى انّ بري الذي يعرف الدستور جيداً سيكون بعد رسالة عون مُلزماً بالدعوة الى جلسة نيابية عامة، للبحث في سبب تأخر تأليف الحكومة.

ـ ثانياً، تطورت العلاقة مع بري، على حد ما تقول أوساط «التيار»، بحيث غاب السجال الإعلامي. وترى هذه الاوساط انّ بعض المواقف التي صدرت عن فريق بري في بعض الملفات، كالكهرباء، توحي بتطبيع في العلاقة الثنائية التي سادت بعد زيارة الوزير جبران باسيل الى عين التينة. وتشير الى انّ بري بموقفه من وحدة المعايير في تشكيل الحكومة يتطابق مع موقف التيار (وزير لكل 4 نواب)، كما انه يتخذ الموقف نفسه في شأن تسريع تأليف الحكومة، ورفض اي عرقلة خارجية تقف حائلاً دون ولادتها.

ـ ثالثاً، لا تزال الاوساط على موقفها من الدور «السلبي» لـ«القوات اللبنانية» في عملية التأليف. وتشير الى انّ الموقف من «القوات» لا يزال على حاله في ظل إصرارها على لعب دور «رأس الحربة» ضد العهد، فكتلتها النيابية التي تعد 15 نائباً بالكاد يمكن ان تنال 4 وزراء، هذا اذا لم ينقص عددها (في إشارة متجددة الى إمكان انسحاب احد أعضائها)، وعليها ان تعرف انّ استهداف العهد هو خطأ استراتيجي، كما عليها ان تعرف انها، في حال التوصّل الى تسوية، لا تملك القدرة على عرقلة ولادة الحكومة.

وفي المقابل فإنّ أوساط «القوات» ترى انّ كل هذا الهجوم عليها يهدف الى عزلها، وهو يتوسّل التلطّي خلف العهد لتبرير ضعف الحجة بعد الانقلاب على «اتفاق معراب» بكل بنوده.

في المحصلة الجميع ينتظر مهلة الاول من ايلول وما بعدها، ويرى مرجع سياسي انّ لعبة «عض الاصابع» بدأت تأخذ منحى جدياً، قد يؤدي الى نزاع دستوري ببُعد طائفي. فالتركيز الآن على زيارة الحريري لبعبدا وما ستحمله من نتائج، علماً انّ ما بعد هذه الزيارة سيحدد اتجاهات التصعيد او التهدئة.