منذ زمن ،والرئيس نبيه بري، يعلَق على أحداث مؤثرة بالوضع اللبناني بالقول :في فمي شيء، بحصة ،أو ماء ، لذا، لاذ بصمت عميق ،مخافة الوقوع في محذور الكلام من ملفات عديدة، وبرر لمواقفه الصامتة أصدقاؤه في الرابع عشر من آذار، لاعتقادهم أن الرئيس خائف من حليفيه في الداخل والخارج ، وكانت تصريحات رئيس جبهة النضال الوطني واضحة في تأكيد ذلك، كما كانت تصريحات تشكيلات الرابع عشر من آذار مؤكدة على ما وضحه جنبلاط.
بعد خروج الجيش السوري من لبنان، تعاون المتفهمون لصمته على اقصائه من موقع ملتصق به ،وجاء الاتفاق الرباعي تسوية استعاد فيه الرئيس حقه المكرَس بواقع سياسي يتجاوز حدود اللعب الانتخابية والسياسية ، وأهدى اليه حزب الله رئاسة لا يمكن انتزاعها منه بأي حال من الأحوال، ووهبه المتفقون الرباعيون مالا يملكون.
عندما حلَت ايران كمعادل اقليمي في التوازنات اللبنانية، وأمست سورية لاعبة من خلف الشباك الايراني ،عاد الرئيس الى صمته، وقال في فمي شيء،عندما خالف ماصرح به في ايران، من ثناء على حكومة السنيورة، وعاد من عند المُرشد مقفلاً لباب المجلس، وقال أصدقاؤه في الرابع عشر من آذار الرئيس معذور لآن في فمه جوهرة، والخوف يترصد دربه، لذا احتاط وقرر عدما مغادرة عين التينة، وأوصد باب المجلس عليه.
كلما مرّ استحقاق سياسي، أو أمني ،أو تصدَع طائفي، يصرح الرئيس عن الشرَ المستطير، كترديد للآية الكريمة ،وبعد سنين سياسية حافلة بالمفاجأت ، وظروف حكومية صعبة ، كان آخرها استقالة حكومة ميقاتي ،خرجت البحصة من كلية الرئيس، ككرة كلسية جرَاء سياسات سيئة أمرضت الرئاسات اللبنانية، ووضعت الرؤساء في حجر صحي ، وهم معرضون لأزمات حرجة كلما بلغ الشرَ المستطير مبلغه في الجسم اللبناني، وأصبحت الأمصال الرئاسية مجرد علاجات مسكنة لأمراض تحتاج الى عمليات جراحية لاخراج الأورام من العقل السياسي للطبقة المريضة.