من المفترض أن يُحال مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار الى التقاعد في 12 أيلول المقبل حيث يبلغ السبعين من العمر، وهو الحد الأقصى بحسب القانون للمفتين للبقاء في مراكزهم، حيث يسلمون بعد ذلك الأمانة، ويتفرغون إما للدعوة أو يستريحون من عناء المسؤولية.

بالرغم من الفترة القصيرة المتبقية للمفتي الشعار في سدة الافتاء (16 يوما) إلا أن مصير الانتخابات ما يزال مجهولا حتى الآن، علما أن كثيرا من المعنيين يصرّون على ضرورة إجراء الانتخابات في مواعيدها إحتراما للمهل القانونية ولمكانة دار الفتوى وهم ينتظرون عودة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من آداء مناسك الحج للضغط بهذا الاتجاه، خصوصا أن عدد أعضاء الهيئة الناخبة قليل جدا، ولا شيء سياسيا أو أمنيا أو إداريا يعيق إجراء هذه الانتخابات التي من شأنها أن تدفع بدم جديد في منصب إفتاء طرابلس.

لم يعد خافيا على أحد أن المفتي مالك الشعار بالرغم من الصمت الذي يلوذ به حتى الآن، إلا أنه يرغب في تمديد ولايته لفترة سنة قابلة للتجديد، وأن الرئيس سعد الحريري يسعى الى تلبية رغبته، نظرا للخدمات السياسية الجلى التي يقدمها الشعار الى الحريري شخصيا والى “تيار المستقبل”، وكان آخرها في الانتخابات النيابية الأخيرة التي وصل فيها تأييد الشعار للحريري الى حدود المبايعة من على منبر خطبة الجمعة في الجامع المنصوري الكبير على مسافة إسبوع من الاستحقاق الانتخابي.

ويمكن القول أن مهمة الحريري في تلبية رغبة الشعار بالتمديد لن تكون سهلة، وهو يدرك أن تحقيق ذلك يتطلب إجماعا سياسيا طرابلسيا غير متوفر في الوقت الحالي، حيث أن كثيرا من قيادات طرابلس والضنية يرفضون حصول التمديد ويؤكدون على ضرورة إحترام المهل القانونية، شأنهم في ذلك شأن كثير من أعضاء الهيئة الناخبة الذين يتطلعون الى إنتخاب مفت جديد خلفا للشعار.

هذا الرفض الأفقي من شأنه أن يُحرج مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمام الرئيس الحريري الذي كان طلب منه التمديد في وقت سابق، حيث لن يستطيع دريان تلبية طلبه وتجاوز كل حالة الرفض السياسية والشرعية القائمة، الأمر الذي سيجعل من الاستحقاق الانتخابي مادة للخلافات السياسية والسجالات التي قد لا تنتهي، مما يسيء الى منصب الافتاء.

أمام هذا الواقع يتداول معنيون بهذه الانتخابات بثلاثة خيارات مطروحة حتى الآن، وهي:

أولا: إحترام المهل القانونية في دار الافتاء، وإجراء الانتخابات ضمن المواعيد المحددة لها، وإنتخاب مفت جديد لطرابلس خلفا للمفتي الشعار.

ثانيا: قيام الرئيس سعد الحريري بممارسة ضغط  على مفتي الجمهورية من أجل التمديد للمفتي الشعار، ومحاولته إقناع أكثرية القيادات السياسية بذلك، وهذا الأمر يتطلب مجهودا كبيرا جدا من الحريري بالدرجة الأولى، ومن الشعار الذي قد يجد نفسه مضطرا لاجراء مصالحات، وتقديم ضمانات بأن يكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف.

ثالثا: إحالة المفتي الشعار الى التقاعد بعد 12 أيلول، وتسليم أمين الفتوى الشيخ محمد إمام منصب الافتاء بالوكالة، ريثما يصار الى إجراء الانتخابات بالتشاور بين رئيس الحكومة ومفتي الجمهورية بعد تشكيل الحكومة العتيدة.