الإمام الصدر كان فقيه الوطن يؤمن بالهوية الوطنية والهوية العربية
 

إن قضية الإمام موسى الصدر، ليست قضية غدرٍ وخطفٍ واختفاءٍ أو اغتيال ٍ، إنما هي قضية ألم وحسرة ومأساة وظلم، عندما تخيم على قضيةٍ بحجم موسى الصدر أغلبية صامتة، وأخرى مضللة،منذ وقوع قضية المؤامرة على تغييب رجل استثنائي بفكره وعلمه ورؤيته الواسعة التي كانت وما زالت مسيطرة على مرحلة كاملة في الحياة الدينية والسياسية التي تجلَّت وظهرت في كثير من الإجتهادات الجديدة ... وبين الصمت والتضليل تسود شريعة الغاب وتتغلَّب الفوضى ويعم الضياع، وحينها تضيع الحقائق.

قضية الإمام الصدر هي قضية إنسانية ووطنية قبل أن تكون قضية شيعية، فالإمام الصدر هو أحد زعماء الطائفة الشيعية وهو رمز من رموز الوطن، الذي نبذ الطائفية على حساب الدولة، وحفر بأصابعه اللاءات الثلاثة على مداخل أبواب الوطنية والعروبة، لا لبقاء محروم في أرضه،لا لدولة المزرعة والمزارع الجديدة، لا لجنوبٍ يبقى متاعاً ومشاعاً ودول ضاحكة مستبشرة، ولم يبع الوطن لأول مشترٍ من السماسرة السياسيين والدينيين، وكان من الكافرين بلبنان المجتزأ الهوية والمصادر السيادة لحساب جهةٍ قريبةٍ أو بعيدة.. 

إقرأ أيضًا: موسى الصدر/ نبيه بري/ طائفية الدولة..

الإمام الصدر كان فقيه الوطن يؤمن بالهوية الوطنية والهوية العربية، لا كما يؤمن فقهاء الماركسية والقومية والحزبية الإسلامية بأن الوطن رقعة جغرافية بيعت في الأسواق والمزاد العلني المفتوح.

 إن الذين حاكوا المؤامرة وتآمروا على إخفاء رجل كبير من كبار زعماء الوطن والعالم العربي هم عجزوا عن مواجهة حركة موسى الصدر وهو موجود في وطنه وأهله وشعبه، بكل طوائفه وأطيافه، فإخفاؤه لن يحول دون استمرار أفكاره وآرائه ورؤيته الوطنية الشاملة والكاملة، وبروز من يدافع عنها ويحفظ أمانتها ونهجها وبنفس القوة من أجل ان يبقى الوطن ولبنان دولةَ قائمة ومستمرة رغم محاولات الطوائف والحزبيات الشمولية محو الدولة من الذاكرة الوطنية وإنتاج صيغ محلية على حساب الدولة.

الإمام السيد موسى الصدر هو واسع العقل والصدر، شريف النفس، لا يجامل ولا يداهن ولا يترك لعقيدته مجالاً للعبث بجوهر التاريخ وحقائقه، لأن الهوية الجغرافية مقطوعة من قِبَل صناع الحروب والإنتصارات والهزائم، إنه أمين على وطنه وشعبه وأمته لا يكذب ولا يتلون ولا يدلِّس  بضاعته ويصبغها لوناً آخراً ليزخرفها للناس ويجملها في عيونهم.. 

في هذه السنة وفي كل سنة من سنيِّ الغياب والإختفاء يطل موسى الصدر بعباءته وعمامته وبزرقة عينيه وقسمه ولكنته القريبة من كل لبناني، وهؤلاء المتآمرون هم في قبور الذل وفي نعوش الشعب الذين أسقطوهم في نار الغضب من قبل أن يحترقوا في نار الذنوب.