هي استفاقةٌ على هموم البقاع ومعاناة الناس؟ أم استدارةٌ نحو المنطقة نتيجة ما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، الى حال التململ والانتقاد التي بدأت تظهر في الشارع البقاعي، كما العمل على تهدئة النفوس وكسبها عبر مشاريع تحضَّر وقوانين تشرَّع؟ فيما البقاعيون اليوم ينتظرون نتائج ملموسة ومحسوسة على أرض الواقع الذي نهش فيه الحرمان وأفاض.
 

تزامن شهر آب في البقاع هذا العام مع حدثين، الأول الذكرى السنوية الأولى لتحرير الجرود من المجموعات الإرهابية التي أطلّ فيها السيد حسن نصرالله مساء أمس، والثانية ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه التي تقيمها حركة أمل هذا العام في مدينة بعلبك في الواحد والثلاثين من آب، المدينة التي أطلق منها الصدر قسَمَه الشهير، وشاء التوقيت الذي تتبعه الحركة في الذكرى السنوية المعتادة أن تكون هذا العام من بعلبك.


لا يمكن قراءةُ المشهد في البقاع من باب ذكرى تقام وتمرّ مرور الكرام، وما زيارات السيد هاشم صفي الدين للمنطقة وإطلاقه مشاريع عدة، ولقاء الوزير علي حسن خليل مع بلديات المنطقة وإطلاق وعود بمشاريع أيضاً، سوى دليل على أنّ الثنائي الشيعي بدأ مرحلةً جديدة في التعاطي مع البقاع خزان المقاومة ورافدها ومع ملفاته الحياتية والإنمائية. وفيما أراد «حزب الله» من خلال زيارة صفي الدين التي انطلقت من معمل فرز النفايات في حيّ الشروانة في بعلبك، والذي تمّ إحراقُه منذ سنتين بعد مرور سنة على تشغيله، إيصال رسالة للمخرّبين مفادها أنّ المعمل لـ»حزب الله» ونقطة على أول السطر، وعليه لا يمكن لأحد بعد أن يتجرّأ على فعلٍ كهذا أو يطالب بتوظيفات وتشغيل للمعمل ووضع اليد عليه إلّا بموافقة الحزب ورضاه، كذلك أراد الحزب من خلال مشاريع عدة وضعَ حجر الأساس لها وبعمل متتالٍ تقوم به مديرية العمل البلدي في «حزب الله»، القولَ للبقاعيين إنّ الحزب لم يتخلّ عنكم في عزّ تخلّي الدولة عن مسؤولياتها وواجباتها تجاه البقاع.


كذلك يطلّ رئيس مجلس النواب نبيه بري من مرجة رأس العين في بعلبك يوم الجمعة في الحادي والثلاثين من الجاري وفي جعبته العديد من المشاريع الإنمائية التي تحاكي هموم الناس، كذلك الموضوع الأساس الذي شكل قنبلةً فجّرها بري عبر تبنّيه تشريع زراعة الحشيشة في المنطقة، والذي اعتبره البعض ضربة معلّم وجّهها الرئيس بري، وهو الخبير في هذه الضربات، حيث امتصّ غضب الشارع البقاعي نتيجة الوضع الأمني المتفلّت، كذلك مهَّد الطريق أمام العفو العام وحلّ قضية مذكرات التوقيف الصادرة تحت عنوان تجارة المخدرات.


وفي هذا الإطار يقول المسؤول التنظيمي لحركة «أمل» في إقليم البقاع مصطفى الفوعاني لـ«الجمهورية» إنّ موضوع الى البقاع در هو خطة متكاملة أطلقها الرئيس بري عام 2003 سبقتها مجموعة من المشاريع الإنمائية في الثمانينات والتسعينات، حيث بنى الرئيس بري 37 مدرسة في بعلبك والهرمل يوم تولّى وزارة الجنوب والمقاومة، كذلك بنى مدارس أخرى بتمويل من مجلس الجنوب بعدما وُسّعت صلاحيات المجلس لتطال البقاع. واليوم وقف الرئيس بري ليقول إنّ الوقت حان لإنشاء مجلسي إنماء للبقاع ولعكار من منطلق إنمائي وليس مناطقي، وأضاف أنّ موضوع الإنماء لم يغب عن ذهنه وعمله حيث أكد في الثامن من أيار الفائت خلال لقائه وفداً من عشائر وعائلات البقاع أنه لن يبقى في البقاع محروم. وأشار الفوعاني أنّ إقامة الاحتفال هذا العام في بعلبك أمر طبيعي حيث يكون مرة كل أربع سنوات في المنطقة، وليس نتيجة الانتخابات التي لحركة «أمل» كل الرضى عنها ولديها ثالث أكبر كتلة نيابية، وأشار أنّ مجلس الإنماء للبقاع تكلّم عنه الرئيس بري منذ ثلاث سنوات، وسيؤكّد عليه في إطلالته المقبلة والعمل مستمر في هذا الإطار، كذلك سيطلّ الرئيس على موضوع تشريع الحشيشة وقوننتها على نسق «الريجي» في الجنوب، وذلك لفتح آفاق جديدة للمواطنين في المنطقة وتعاطيهم مع الدولة.


وأكّد أنّ في جعبة بري مشاريع عدة سيعلن عنها وهي تحاكي هموم الناس وقد أصبحت أكثر من ملحّة كسدّ العاصي والليطاني ومشروع المياه في البقاع ككل، خاتماً بأنّ الرئيس بري كان هاجسُه الدائم البقاع، وحينما تولّى الوزير زعيتر وزارة الأشغال طلب منه تخصيص الموازنة الأكبر للبقاع، حيث نالت مناطق كدير الأحمر وعرسال نصيباً مهمّاً من المشاريع لم تنله سابقاً.


وفيما يبقى أن تعود تلك العودة للبقاع بالخير والإنماء، يسأل البعض عن التأخّر فيها، طالما أنّ الطرفين في السلطة منذ التسعينات، وتعاقبا على تولّي العديد من الوزارات التي تُعنى بشأن البقاع وهمومه.