أثار مشروع مقدم للمجلس النيابي في تونس جدلاً كبيراً بين السادة النواب فمنهم من أيّده ومنهم من رفضه ولكن كانت نهاية الجدل الحاد التصويت عليه وإقرار مساواة المرأة بالرجل في مسألة الميراث .
 

أثار مشروع مقدم للمجلس النيابي في تونس جدلاً كبيراً بين السادة النواب فمنهم من أيّده ومنهم من رفضه ولكن كانت نهاية الجدل الحاد التصويت عليه وإقرار مساواة المرأة بالرجل في مسألة الميراث . من الطبيعي أن يعارض الاسلاميون هذا المشروع كونه يتعارض مع فهمهم للنص الديني وكونهم من المؤمنيين بذكورية النص ولا إمكانية عندهم لاقتراب المرأة من الرجل في الحقوق .
لا جدل ولا جدال مع الاسلاميين الرافضين أصلاً لأي تجديد في التأويل الديني خاصة في النصوص الواضحة بالنسبة لهم لذا سنستقيل من مهمّة نقاش من لا يُناقش في أمور دينه ودنياه كونها اختيارات سماوية وليست بشرية كما يدعي و يؤمن الاسلاميون وهنا لن تكون المشكلة مع عُبّاد النصوص الدينية بل مع الكافرين بهذه النصوص من جماعة العلمنة العربية أي مع النماذج الحزبية السائدة في العالم العربي والتي تتنكر للدين وتستهدفه وتعتبره السبب الكافي والوحيد لتخلف المجتمعات المتدينة وتعتبر انحطاط العرب والمسلمين نتيجة إيمانهم بالاسلام ولو تحرروا منه لكانوا قاب قوسين أو أدنى من جنة التقدم والازدهار على الطريقة الغربية أو الاقتراب من جنة العدالة الاجتماعية كما هي متوفرة في الاشتراكية " البائسة " .
في تونس عارض نواب الجبهة الشعبية مشروع القرار وبسخونة عالية بدا معها موقف النواب الاسلاميين بارداً جداً وقد رفض شيوعيو الجبهة هذا القرار الذي يساوي بين المرأة والرجل في المسألة الإرثية ومعهم أفراد آخرين ممن هم في صفوف العلمانية المعادية للدين وهذا ما لا ينسجم مع الدعوة الشيوعية ولا نقاش في الأدبيات الماركسية ولا في مفاهيم العلمنة كيّ نؤكد ابتعاد هؤلاء عن أفكارهم طمعاً بمصالحهم .
لكن لا بُدّ من وضع هذا الرفض لشيوعيين وعلمانيين في دائرة المواقف الخارجة عن التعاليم والمفاهيم ولهذا شذّا شيوعيون ويساريون عن أدلجاتهم وأسّسوا أدلجة خاصة باليساريين العرب دون أي ارتكاز للمصادر اليسارية من هنا وقف ماركسيون في صفوف الجهاديين الاسلاميين في مشروعاتهم الجهادية المهدمة تحت حجة مقارعة هؤلاء للإمبريالية الأمريكية وانخرط البعض من هؤلاء العلمانيين في المشروعات الطائفية كما هو حال بعضهم في لبنان وفي العراق وتموضعوا في محاور إقليمية أسوأ من بعضها البعض وراح الغلاة منهم نحو روسيا باعتبارها طبعة ماركسية جديدة منقحة ولا مجال لحصر مواقف هؤلاء في زاويا معينة أو في تجاه واحد فهم نصروا حتى الثقافة الجهادية للإسلاميين تعريضاً منهم بالثقافة الاسلامية الرسمية السائدة في المجتمعات العربية والاسلامية .
وما أضحك التونسيين من شيوعيين وعلمانيين هو توصلهم في نقاشات الميراث الى إمكانية توريث الزوجة ورفض توريث الأخت كون الرجل يستفيد من ميراث الزوجة ولكنه يرفض أن يعطي أخته نصيبها الكامل من الميراث طمعاً من أن يحصل زوج الأخت على ميراث والديه الذي هو حق الذكر الذي يحمل اسم العائلة دون المرأة التي تتبع زوجها .
وما أضحكنا نحن و أبكانا توفر هذا الصنف السيء من دعاة العلمنة ممن أسهموا في تغذية ظواهر الفلتان المسلح تحت حجة النضال و الكفاح المسلح والاعتماد على كل معطل للتحولات الجدية كونها تحولات غربية استعمارية وتعاطيهم مع الدولة التي قاتلوها بالأمس على أنها الدولة العربية المحورية فرفضوا الثورة السورية وتمسكوا بعصا الاستبداد و أيّدوا الإخوان بعد انقلاب العرب عليهم في مصر لدخول الجماعة في حرب خفية مستهدفة الاستقرار وتفتيت بنى المجتمعات وكانوا مع قطر ضد المملكة ومع إيران ضدّ كل شيء وتوزعوا كأبواق ناطقة باسم الجهاد و الجهاديين ضد الرجعيات العربية والمركزيات الامبريالية بأصواتهم وتصفيقهم فقط دون الاقدام على فعل يذكر في المواجهة المفتوحة داخل جبهات التحدي.