" الاوضاع في سوريا خلال الاشهر المقبلة ستشهد خلال الاشهر القليلة المقبلة تطورات حاسمة تحدد مستقبل هذا البلد والدول المحيطة به " ، هذا ما تؤكده الاوساط السياسية  والدبلوماسية في بيروت ، لكن هذه الاوساط لا تتفق على رؤية موحدة لمستقبل سوريا والمنطقة ، ففي حين ان المصادر القريبة من النظام السوري وحلفائه ( ايران وحزب الله وروسيا ) تؤكد " ان الامور اصبحت محسومة في هذا البلد وان هناك خطة متكاملة سيتم تنفيذها في المرحلة المقبلة " ، فان مصادر دبلوماسية لبنانية رسمية تعتبر : " ان الصراع في سوريا لم يحسم نهائيا ، بل ان الاشهر المقبلة ستشهد المزيد من التصعيد لحسم الخيارات المستقبلية ، رغم التقدم الكبير الذي احرزه النظام السوري وحلفاؤه خلال الاشهر الماضية على الصعيد الميداني وخصوصا في الجنوب " .
فماهي تفاصيل الرؤيتين حول مستقبل سوريا ؟ والى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هو تأثير ما يجري على الصراع في المنطقة؟
على صعيد الرؤية الاولى تقول مصادر سياسية مطلعة في بيروت ( قريبة من النظام السوري وحزب الله): "ان الازمة السورية اصبحت في مرحلتها الاخيرة بعد القمة الروسية – الاميركية الاخيرة في هلسنكي وبعد التسليم الاميركي لروسيا بالدور الاساسي في سوريا ومتابعة كل المراحل المقبلة ، وان هناك قرارا اميركيا بالانسحاب من سوريا باستثناء ابقاء قوات اميركية محدودة في شمال شرق سوريا لحماية ابار النفط ، وفي منطقة التنف بانتظار الحلول النهائية ولابقاء الضغط على حزب الله والقوات الحليفة لايران ومنع فتح المعابر الحدودية الا بعد الاتفاق السياسي الشامل".
وتضيف المصادر : " ان روسيا تتابع حاليا عدة ملفات في سوريا ، ومنها ترتيب عودة النازحين ولا سيما من لبنان والاردن ، اعادة الاعمار ووضع الخطط المتنوعة  لتنفيذ ذلك ، اعادة هيكلة الجيش السوري كي يكون قادرا على مواكبة المرحلة المقبلة، وضع اسس الحل السياسي الشامل من خلال وضع دستور جديد واجراء انتخابات نيابية ومن ثم رئاسية ، اما على الصعيد الميداني فهناك تركيز الان على حسم الاوضاع في منطقة ادلب بالتعاون مع تركيا وذلك اما من خلال المفاوضات او عبر الحسم العسكري ، وان المشكلة الاساس تتعلق حاليا بمستقبل عشرات الاف المقاتلين الاجانب وتحديد مصيرهم ".
وتؤكد المصادر " ان كل الحلول السياسية والترتيبات الامنية ولا سيما في الجنوب ، لم ولن تكون على حساب الدور الايراني ودور حزب الله ، وان هناك تنسيقا روسيا – سوريا – ايرانيا ، وحزب الله يواكب التطورات ، وان الحلول السياسية المقبلة ستكون لمصلحة الجميع".
وفي مقابل هذه الرؤية المتفائلة حول مستقبل سوريا ودور حلفاء النظام السوري : فان مصادر دبلوماسية رسمية في بيروت لديها وجهة نظر اخرى ، ومن المعطيات التي تتضمنها هذه الرؤية : " ان الصراع على مستقبل سوريا والمنطقة لا يزال قائما ، رغم التقدم الميداني الذي حصل لصالح النظام وحلفائه( والذي تم وخصوصا في الجنوب بتنسيق اميركي – روسي) ، وبمراعاة الحسابات الاسرائيلية ، وان الاميركيين وحلفائهم لم يعطوا الروس الضوء الاخضر الكامل لادارة الملف السوري، وان الصراعات الميدانية في شمال سوريا وشرقها وبعض مناطق الجنوب ستستمر لحين حسم القرار بشأن مستقبل النظام السوري ، وان الدور التركي لا يزال فاعلا ، والاتراك لم يحسموا قرارهم بالاتجاه الكامل نحو روسيا وايران ، وهم يراعون الموقف الاميركي وبعض الدول العربية ، كذلك فان الاكراد لم يتخذوا القرار النهائي بالاتفاق مع النظام السوري ، وان كل الخيارات لا تزال قائمة ، كما يوجد في سوريا عشرات الالوف من المقاتلين الاجانب والعرب والسوريين لم يدخلوا في التسوية حتى الان ، ولذا فان الصراع مستمر والحلول ستأخذ بعض الوقت ".
وتجمع كلا الرؤيتين ان مستقبل الوضع في سوريا سيكون له تأثير على كل الاوضاع في المنطقة ، وبالمقابل فان ما يجري في لبنان وتركيا والاردن والعراق وايران له تأثير على الوضع في سوريا ، وان كلا المحورين المتصارعين في المنطقة يضغطان كي تكون نتائج الصراع لصالحهم ، لكن رغم الاختلاف في تفاصيل كل من الرؤيتين ، فانه يمكن القول ان الاشهر المقبلة ستكون حاسمة على صعيد مستقبل الصراع في سوريا ، وان نتيجة هذا الصراع لن تحسم فقط مستقبل سوريا ونظامها ، بل سيكون لها تأثير مباشر على دول المنطقة والنظام الاقليمي والدولي ، فأي مستقبل ينتظرنا؟