تصاعد القلق في أوساط اللبنانيين على تدهور اقتصاد البلاد الذي بحاجة لمخطط إصلاحي عاجل.
 

قال مازن رحال، مالك أحد المتاجر في ضاحية مزدحمة من ضواحي بيروت، معلقًا على اقتصاد لبنان إنه لم يبد على هذا النحو من الاضطراب إلا نادرًا، ويبيع رحال الملابس بسعر يقل كثيرًا عن سعرها في السابق بينما يخلو متجر آخر له، أجره إلى منافس، من البضائع في الوقت الحالي.

حيث شهد عام 2018 امتزاج سنوات من التباطؤ التدريجي بعدد من العوامل الأحدث: ارتفاع أسعار الفائدة، انخفاض أسعار المنازل وشكوك بشأن العملة في وقت تسود فيه حالة من عدم التيقن في ظل تشاحن السياسيين بشأن تشكيل حكومة جديدة، حسب ما نقلت صحيفة "العرب اللندنية".

من جهة أخرى، وبالنسبة للشركات والشعب اللبناني، فإن الاضطراب الاقتصادي والافتقار لحكومة تسيطر بقوة على السياسات - بعد نحو ثلاثة أشهر من تصويت اللبنانيين في انتخابات عامة - أصبحا مصدرين مستمرين للقلق.

وتضيف "العرب"، أنه مع إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما وانتهت في 1990، كانت هناك فترة من النمو الاقتصادي، وكما في أوج ازدهاره في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، جذب لبنان السياح العرب الخليجيين المستعدين للإنفاق مع فرارهم من لهيب الصيف الخانق في بلدانهم، لكن المشكلات كانت قاب قوسين أو أدنى طوال الوقت.

ففي 2015 اُغتيل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، مما أدى لانقسامات واسعة بشأن دور جماعة (حزب الله) المدعومة من إيران وسوريا ذات النفوذ داخل البلاد.

وتسببت الحرب السورية المشتعلة منذ 2011 في تفاقم تلك الخلافات، في حين قلصت معظم التجارة البرية للبنان وأدت إلى إثارة خوف السائحين الخليجيين ومعظمهم من المسلمين السنة، الذين يخشون تنامي نفوذ حركة (حزب الله) "الشيعية المسلحة".

وأعقب ذلك حالة من الجمود السياسي، فبعد وفاة الحريري، لم تقر الحكومة ميزانية عامة أخرى حتى العام الماضي، ولم تجر انتخابات برلمانية منذ انتخابات 2009 حتى أيار من العام الجاري.

بالمقابل فقد بلغ النمو الإقتصادي، الذي دار بين ثمانية وعشرة بالمئة في المتوسط قبل الحرب السورية، ما بين واحد واثنين بالمئة في المتوسط منذ اندلاع الحرب، وأظهر مؤشر بنك بلوم لمديري المشتريات انخفاض أنشطة الشركات في كل شهر منذ 2013.

من ناحية أخرى، بلغت ديون البلاد 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، معظمها للبنوك المحلية، التي يعتمد نشاطها بشكل جزئي على التحويلات المالية التي يقدمها اللبنانيون العاملون في الخارج، المنجذبون جزئيًا بدورهم لأسعار الفائدة المغرية.ط

ومثال على ذلك، خوري هوم شركة كبيرة في لبنان تبيع متاجرها، التي تعد مشاهدتها أمرًا مألوفًا في أنحاء البلاد، الأجهزة المنزلية.

بدوره، يقول رومان ماثيو إنه يخبر موظفيه كل عام منذ أصبح رئيسا لمجلس الإدارة في 2013 أن العام المقبل سيكون أصعب من السابق، ويضيف "وصلنا 2018، كارثة 2018، وأنا أعتقد بعد ما شفنا الصعب بعام 2018، أن الصعب مازال قدامنا".

وفي خطوة قد تزيد المصاعب التي يواجهها ماثيو، قامت الحكومة العام الماضي بتقليص سلسلة من المحفزات للبنوك بخصوص قروض المساكن، مما ساهم في تراجع سوق الإسكان، وفي الوقت الذي يشتري فيه عدد أقل من الأشخاص منازل، فإن عددا أقل يرغب في ثلاجات أو تلفزيونات جديدة.

لكن المعاناة لا تشمل جميع الشركات، وقال مايكل رايت الرئيس التنفيذي لسلسلة سبينيس لمتاجر البقالة إنها زادت أحجام المبيعات لأن الكثير من سلعها مستورد من أوروبا، وإن تقلبات العملة دفعت الأسعار للانخفاض، وقال "نبيع أكثر، وأحجامنا ترتفع، لكن ذلك يقابله انخفاض في الأسعار".

يذكر أنه منذ انتخابات آيار الماضي يدور سجال حاد بين الأحزاب السياسية المتنافسة بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، تضم العدد الكافي من الأحزاب الرئيسية لضمان دعم سياسي من أنحاء البلاد.

وفي غياب حكومة جديدة، لا يمكن للبنان تطبيق الإصلاحات المالية اللازمة لوضع ديونه تحت السيطرة أو الإفراج عن مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية المتعهد بها في البنية التحتية لتنشيط الاقتصاد.

في غضون ذلك، زادت أسعار الفائدة في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة على نحو متزايد لجذب مستويات أعلى من ودائع البنوك والتي يعتمد عليها الدين الحكومي، ولأسعار الفائدة المرتفعة أضرارها أيضًا.