لا شيء يجمع بين الجيشين تربية وسلوكاً ووطنية ودوراَ ولا مجال للمقاربة أو المقارنة ومن قارن وقارب فقد أساء لجيش يحمي شعبه و مدح جيشاً يذبح شعبه
 

فُتحت باكراً عودة نظام الأسد الى لبنان من قبل حلفاء النظام الممسكين بأطراف القوّة وبرقبة السلطة دون أن يكون للفريق الآخر القدرة على المواجهة الصعبة في ظل غياب تام للدول الاقليمية والدولية المساعدة على فرملة اندفاعات الجهات المتحالفة مع سورية وفي ظل أغلبية حزبية مندفعة لعلاقات ذيلية مع دمشق وأخرى متماهية مع دعوات عودة النظام الى الساحة اللبنانية وترك المستقبل و التقدمي وحيدان في مواجهة خجولة مع هذه الأغلبية المتحمسة لسطوة سورية على لبنان .

 

يقف حزب الله والتيّار الحرّ في مقدمة الساعين الى عودة نظام الأسد الى عرين لبنان ضمن حسابات مختلفة للحزبين رغم تنسيقهما المباشر في ملف عودة النازحين السوريين الى بيوتهم وحماستهما الزائدة لفتح معابر الحدود من منظور مختلف أيضاً إلاّ أنه يفضي الى نتيجة واحدة .

 

هذا السعي الحثيث يتم أيضاً بواسطة أصدقاء للحزبين و أتباع لنظام الأسد وقد بادروا في مناسبات مختلفة الى دعوة النظام لرعاية لبنان تحت سيول من التبريرات ذات النزعة الشخصية لإحياء ميتين دفنوا بعيد خروج الجيش السوري من لبنان . وتلعب وسائل ووسائط ناشطة دوراً بارزاً في التهليل لاستقبال النظام في لبنان بعد أن ربح بحسب رأيهم معركة بقاء سورية القومية. مقاومة رغم تقيدها بحذافير اتفاق الهدنة مع العدو الاسرائيلي بعد فوزه الكاسح على الإرهاب وعلى الداعمين له من عرب و أجانب وتقف المملكة العربية في مقدمة هؤلاء العرب و أميركا على رأس المشروع الغربي الساعي الى صهينة سورية .

 

إقرأ أيضا : الشارع و ابن الشارع

 

 

من المؤسف أن تكون قناة محلية ممانعة ومقاومة المنبر الأساس لهذه الوسائط وقد بالغت في الحسابات السياسية والعسكرية السورية وبطريقة منافية للحقائق وهذا ما يستدعي عدم الإطمئنان لمهنتها الاعلامية كونها ساوت بين الجيش اللبناني و الجيش السوري رغم أن الأول يحظى بتأييد الشعب والسلطة السياسية بتناقضاتها كافة وبطوائفها و بأحزابها وبتأييد عربي وغربي وبدعم اقليمي و دولي وهو موحد ويمثل إرادة الدولة في المحافظة على أمن اللبنانيين في الداخل وعلى الحدود . في حين أن الثاني فقد السيطرة منذ بداية الأزمة في سورية وانشق على نفسه بين مؤيد للثورة ومحافظ على النظام وخسر المحافظون على النظام أكثر المحافظات والمدن و الأرياف السورية بسرعة البرق وكادت أن تسقط دمشق بحسب التصاريح المتتالية للمسؤولين الإيرانيين أولاّ و الروس ثانياً لولا تدخلهم في الحرب السورية مما يعني أن لا دور للجيش السوري في حفظ النظام حتى أن قيادة هذه القناة الاعلامية صرحت وفي أكثر من مناسبة عن دور الحزب في حفظ النظام من السقوط وبالتالي فإن بقايا هذا الجيش قد مارس أبشع أنواع القتل الفردي و الجماعي بحق الشعب السوري من البراميل المتفجرة الى غاز السارين والاعدامات الجماعية التي طالت مدناً و سجوناً كما أن هذا الجيش الذي تهلل وتكبر له هذه القناة وتجعله نظيراً للجيش اللبناني لا ينال تأييد السوريين ولا تأييد و احترام العالم له  على عكس ونقيض الجيش اللبناني الذي يتمتع بحرص و صداقة العالم له وبالتالي لا يمكن الجمع بين نقيضين بين جيش هو السلطة الحاكمة في سورية وبين جيش هو تحت وصاية السلطة السياسية في لبنان بما يجعل أفعال الثاني عائدة للسلطة السياسية في حين أن أفعال الأول عائدة له باعتباره هو السلطة السياسية ولا مرجعية فوقه .

 

لا شيء يجمع بين الجيشين تربية وسلوكاً ووطنية ودوراَ ولا مجال للمقاربة أو المقارنة ومن قارن وقارب فقد أساء لجيش يحمي شعبه و مدح جيشاً يذبح شعبه وفي ذلك مغالطات كثيرة وكبيرة لا حصر لها وما تصنعه الوسائل الاعلامية لا ينسجم مع طبيعة المهنة ولا مع الحقيقة الموضوعية لذا هو ضرب من ضروب الخيال المنافي للحقائق العلمية والمعرفية وهو يرضي الشريحة الغائبة عن الوعي ويدغدغ نعاسهم فيحول كوابيسهم الى أضغاث أحلام .