كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": ماذا يحصل في شركة كهرباء قاديشا؟ ولماذا يسيطر الغضب على كثير من الموظفين ما ينعكس إرباكا على هذا المرفق العام؟ وما حقيقة ما يحصل في الشركة من توظيفات ومناقلات وترفيعات لا تخضع لأية معايير وظيفية أو قانونية، وترهق كاهل الشركة بأعباء مالية ضخمة؟ وهل ثمة من يريد أن يدفع قاديشا نحو الافلاس؟ وهل صحيح أن الوضع المالي في الشركة بدأ يهتز؟ وما هو دور المستشارين والمقربين والمحظيين المنتمين الى التيار الوطني الحر وتيار المستقبل في إدخال فائض من الموظفين؟ وأين دور قيادات طرابلس في الحفاظ على قاديشا وحماية إنتاجيتها؟.

الهمس الذي كان يدور سابقا في شركة قاديشا بدأ يخرج الى العلن، حيث يشير كثير من الموظفين الى أن "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" باتا يقبضان بشكل كامل على كل مفاصل الشركة، ويتحكمان بكل الوضع الوظيفي تثبيتا وترفيعا وزيادة رواتب ومناقلات وفرض عقوبات وذلك ضمن إستنسابية ظالمة، ومن دون حسيب أو رقيب، في حين أن قاديشا لم تعد شركة خاصة، بل هي مملوكة من مؤسسة عامة هي شركة كهرباء لبنان، وأن وصاية وزارة الطاقة لا تسمح لها قانونا بأن يكون المستشارون التابعون للوزير سيزار أبي خليل هم من يأمر وينهي في الشركة، وصولا الى مصادرتهم دور مجلس الادارة الذي لم يعد له حول ولا قوة أمام سطوتهم الكاملة على الشركة.

تشير المعلومات الى أن القرار في شركة كهرباء قاديشا بات يعود الى مستشاري وزير الطاقة، والى مسؤولي التيار الوطني الحر، أما تيار المستقبل فيغض النظر عن كل هذه التجاوزات في الشركة مقابل حصوله على حصته، في حين يؤكد متابعون لوضع الشركة أن الفساد المستشري فيها والهدر والمحسوبيات، قد جعلتها في وضع لا تحسد عليه ماليا، ما يستدعي إعلان حالة طوارئ فيها، وتدخل قيادات المدينة لوضع حد لهذا الاستنزاف الذي قد يؤدي الى إفلاسها والاطاحة بها.

يقول المتابعون: إن الهيكلية الجديدة التي إبتكرها المستشارون قبل فترة أوجدت مواقع جديدة، حيث تضمنت ترفيعات لموظفين الى رؤساء أقسام ودوائر من دون إجراء إمتحانات تقييمية، ومن دون حصول شغور في كثير من المراكز، علما أن أي ترفيع في قاديشا كان يتطلب من الموظف أن يكون أمضى عددا من السنين في فئته الوظيفية، وأن يكون له أقدمية سنوات خدمة، وهذا ما لم تتم مراعاته، ما أوجد تبعات وأعباء مالية على الشركة خصوصا أن أكثر من 150 موظفا من المحظيين قد زادت رواتبهم بنسب مختلفة، في وقت لم تشهد فيه قاديشا أي تقدم في الخدمات، بل على العكس فإن كثيرا من المواطنين يلمسون تراجعا في هذه الخدمات وكثيرا من الفوضى وزيادة في التقنين، لا سيما بعد منتصف الليل، علما أن الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل كانا وعدا خلال إفتتاح محطة البحصاص بأنها ستساهم في زيادة التغذية، فلا يعود هناك إنقطاع للتيار بعد منتصف الليل، لكن هذه الوعود كعادتها بقيت حبرا على ورق.

وما يثير بلبلة في شركة قاديشا أن الترفيعات طالت موظفين لا يحق لهم الترفيع على حساب موظفين آخرين تتوفر فيهم كل الشروط، لكنهم غير مدعومين سياسيا، ما دفع هؤلاء الى رفع الصوت والاعتراض، وهم يتجهون الى توقيع عريضة لرفعها الى النقابة والجهات المعنية للتأكيد بأن كل ما يحصل مخالف للأنظمة والقوانين ولا يراعي التوازنات المناطقية والطائفية، في وقت يسعى كثير من النافذين في الشركة بدعم من المستشارين الى ترهيب بعض الموظفين المعترضين وتهديدهم بنقلهم أو بحسم مبالغ من رواتبهم.

ويطالب المعترضون بتدخل التفيش المالي وديوان المحاسبة وكل مؤسسات الرقابة لوضع أيديهم على ملفات الشركة والنظر في حجم الفساد والهدر الحاصلين قبل أن تجد الشركة نفسها غير قادرة غلى دفع رواتب موظفيها، علما أنها تعمل على تقسيط ثمن الفيول الذي تستخدمه من أجل تأمين التيار الكهرباء لنطاق تغذيتها، كما يطالب هؤلاء نواب طرابلس بوضع أيديهم على الشركة وحمايتها من الانهيار، ووضع حد لهذا الفلتان الحاصل لأن تجاوزات مستشاري وزير الطاقة والمقربين من التيارين الوطني الحر والمستقبل لم تعد تطاق، لافتين الانتباه الى أن قاديشا مملوكة من مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي فإن حمايتها والحفاظ على إنتاجيتها، يتطلب كثيرا من الضغط لدمجها ضمن المؤسسة الأم (كهرباء لبنان) وذلك تنفيذا لقرارات سابقة صادرة عن مجلس الوزراء وديوان المحاسبة.