عدونا يحتاج إلى شعوب لا هدف لها ولا دولة مؤسسات فيها. يحتاج شعب يأكل يشرب وينام وتحكُمه زُمرة من الفاسدين وتخدّره طائفياً وسياسيّاً
 

اثنا عشر عاماً على حرب تمّوز، والعدوّ  الاسرائيلي يُجهّز ويمكّن دولته وحكومته وجيشه وملاجئه، ونحنُ هنا نتقاتل على المياه والكهرباء والعدادات الكهربائيّة. العدوّ يطوّر أسلحته ويدرس الحرب (بحراً، برّاً، جوّاً، إعلاميّاً، سياسيّاً) ونحن تطمرنا النفايات (برّاً، بحراً، جوّاً).

الإسرائيلي يُراقب الإقتتال الداخلي، وكيف دخل حزب الله سورية وكميّة الخسائر الماديّة والبشريّة، وينتظر ردود الفعل بعد إنهاء الحرب السورية بالطرح السياسي. ولكن مع كلّ هذا نحنُ نعتبر أنفسنا المنتصرين، ربّما لأننا نعيش حالة حرب يوميّة في تأمين الأكل والطعام والخوف من المرض "المُكلِّف"؛ كلّ يومٍ يمضي ونبقى فيه على قيد الحياة هو "مقاومة" و "نصر إلهي".

عدوّنا يريدُنا كما نحنُ، دولة لا تمتلك منظومة دفاعية ولا قرار السلم والحرب. هذا يعني أنّ لا شعب بأكمله متّفق حول القرارات التي تخرج من طرف نصّب نفسه الدولة والشعب والسلاح في وجه عدوّنا، وكلّ من يعاديه ويعاتبه سياسيّا يُخوّن! هذه هي الحالة المطلوبة للعدوّ الإسرائيلي.  فمن المخيف للعدوّ أن تحدّهُ دولة متطوّرة ذو جيشٍ متطوّر، دولة لديها مصانع ومؤسسات كبرى وعلماء ومختبرات، دولة تحوّل نفاياتها إلى كهرباء وتستخرج النفط والغاز من أعماقها، هذه الدولة تُرعب الكيان الإسرائيلي وهو لا يُريدها، بل يُريد أن يبقى الحال كما هو عليه، مع حصر الحدود بجهة معيّنة ليضمن إستمراريته وبقائه. 

إنّه يحتاج إلى شعوب لا هدف لها ولا دولة مؤسسات فيها. يحتاج شعب يأكل يشرب وينام وتحكُمه زُمرة من الفاسدين وتخدّره طائفياً وسياسيّاً، هكذا يعيشُ عدوّنا بسلام.