لا أحد يحرص على لبنان بتنقية أجوائه من الفتن بل ثمّة من يهتم بزرع الفتن فيه خدمة لمصالح غير لبنانية
 

عاد الخلاف على حورنة لبنان وسورنته بعد أن رفض الرئيس المكلّف أي علاقة مع النظام السوري باعتبارها علاقة مؤزّمة لخلاف اللبنانيين المنقسمين حول الموضوع السوري وقد ردّ قائد حزب الله سريعاً بالأمس على القائلين باستحالة العلاقة مع النظام ورفضهم المطلق لفتح المعابر ليفتح بذلك الجبهة الداخلية على مادة سجالية من شأنها أن تسخن الوضع الحكومي وتمنع من التأليف وتؤخر من عملية التفاهمات الجارية على قدم وساق كما أنها تشحن الأجواء الطائفية وتعيد الحالة المرضية السابقة الى نشاطها بعد أن همدت نتيجة تعاطي تيّار المستقبل مع أولوية السلطة على أولوية الطائفة .

طبعاً سبق تصريح رئيس الحكومة وخطاب نصرالله سعي حثيث من قبل المتمسكين بدور سورية في لبنان لفتح الأبواب أمام عودة النظام الى لبنان من خلال تنسيق وزاري في أمور خدماتية وسياسية دون عودة أو رجوع أو تفاهم أو إذن من رئيس الحكومة وهذا ما دلّ على أن القوى المرتبطة بالنظام السوري متأثرة بمجرى النتائج السورية والتي أعطت النظام دوراً على حساب المعارضة في ظل تفاهمات دولية وإقليمية على تسوية سورية غير كاملة . لذا هبّت أحزاب سورية لملاقاة النظام على الحدود لفتحها وإدخال الدور السوري مجدداً الى لبنان لتأكيد سيطرة الفريق السوري على الفريق المعادي للنظام السوري .

من شأن هذا الموقف المتحمس أكثر من السوريين أنفسهم أن يرفع من وتيرة الغضب العربي وسيصعب من مجريات التعاطي مع السلطة في لبنان وسيؤخر من التزامات الخليجيين تجاه الوضع الاقتصادي المزري في لبنان وسيسد من أبواب الخير القادم عن طريق المساعدات الآتية بشكل قروض أو هبات وسيعكس خسائر فادحة في السياسة الداخلية كونه تحد مباشر لفريق سياسي وشعبي يرى في النظام السوري كابوساً بشعاً سيجلب الفتن للبنانيين وسيعيد حالة الانقسام المزرية بينهم .

لا يأبه الكثيرون من المقاتلين لأجل النظام السوري بحالة لبنان ما بعد فتح الطريق أمام عودة النظام أمنياً الى الساحة اللبنانية لذا كل ما يعنيهم هو معيار الانتصار و الغلبة على من قال بخروج سورية من لبنان دون عودة وهو ردّ مباشر على من  لايرى حاجة للبنان بنظام سوري يعتاش على ظهر الفتنة اللبنانية وهو تحد مباشر أيضاً للجامعة العربية التي علقت مشاركة النظام السوري ريثما يتغير نظام الأسد ولمجلس التعاون الخليجي الذي اتخذ أكثر العقوبات الممكنة ضدّ النظام الأمني في سورية وهو بالتأكيد ليّ للذراع السعودي في لبنان وتأديباً لسياساتها الداعمة لفصل لبنان عن نظام الأسد .

هذا التحدي في مرحلة تقاطعات داخلية واقليمية يعكس خطورة المرحلة وصعوبة التلاقي بين المختلفين على الهويات وعلى العلاقات وعلى السياسات وهذا ما سيثقل الوضع الحكومي بأعباء خارجية بعد أن أسهمت الأعباء الداخلية في تأخير التشكيل الحكومي وبروز مادة الانقسامات على التفاهمات التي ظنّها الكثيرون طويلة الأمد و سرعان ما تبيّن هشاشتها وصغر سنها وأنها مجرد دور لا أكثر في طبيعة اللعبة السياسية في لبنان .

لا أحد يحرص على لبنان بتنقية أجوائه من الفتن بل ثمّة من يهتم بزرع الفتن فيه خدمة لمصالح غير لبنانية لأن لبنان يحتاج الى حرص على وحدته وسيادته ورفض لأي تدخل بشؤونه من الجار الى آخر صديق وبالتالي الى عزل كل المواد المفجرة للخلافات اللبنانية - اللبنانية  ومن بينها المادة السورية الحارقة ولكن إصرار المصرين على حضور النظام السوري قسراً أو طوعاً الى لبنان دليل على تشبّث جهة لبنانية بسورنة لبنان وحورنته