يُسابق أهالي تلامذة المدارس الخاصة بدء شهر أيلول، للعثور على مدرسة «رخيصة ومستواها منيح»، فيما الفوضى والارتباك يسيطران على معظم الإدارات المتخوّفة من تدنّي أعداد تلامذتها، وعلى الاساتذة القلقين من مواصلة صرفهم. فرغم مرور نحو عام على إقرار سلسلة الرتب والرواتب، «ع الأرض يا حَكم»، عبارة تختصر محصّلة النقاشات والبيانات واللقاءات بين مكوّنات الأسرة التربوية. ووسط التحذيرات المتتالية والتنبيهات المتبادلة عن سنة دراسية قد لا تبدأ لتتعثّر، يقرع رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكيّة المطران حنا رحمة ناقوس الخطر، عبر «الجمهورية»، قائلاً: «وَينيي الدوله؟ نحن في فترة حرب وتنتظرنا سنة دراسية «قاسية».
 

تواصل نقابة المعلمين العمل على أكثر من جبهة لتحصيل أقصى ما يمكن من حقوق منحتهم إيّاها سلسلة الرتب والرواتب، سواء عبر القضاء ورفع دعاوى على إدارات المدارس أو من خلال الاستعداد لعقد مؤتمر صحافي ظهر الاثنين المقبل، للإعلان فيه عن مخالفات تلك الإدارات وتجاوزات مديريها. «الغاية من المؤتمر وضع النقاط على الحروف، وعرض النتائج التي خلص إليه نضال نحو سنة، وكشف الغبن الحاصل بحقنا»، وفق ما أوضحه نقيب المعلمين رودولف عبود لـ«الجمهورية». وتابع: «بعد انقطاع إعلامي، لا بد من تصويب المسار والإعلان عمّا وصلنا إليه ضمن سقف القوانين، والإعلان عن عدد المعلمين المصروفين».

زحمة مؤتمرات

كذلك تستعد المدارس الكاثوليكية لعقد مؤتمرها السنوي في 4 و5 أيلول تحت عنوان «إستمرارية المدارس الكاثوليكية شروط وتطلعات»، طارحاً على بساط البحث ليس فقط الإشكاليات التي تواجهها المدارس الكاثوليكية فقط إنما القطاع التربوي برمّته. موعد يُدوّنه المطران رحمة على أجندته، وهو يتأفّف من تلكؤ الدولة والمعنيين عن تعيين أي موعد وطني لمناقشة حال القطاع التربوي، فيقول: «إستحليت يدعونا على شي تربوي محَضّرتو الدوله»... رغم كل شَد الحبال الذي شهدته السنة الدراسية المنصرمة، «تِنذكَر وما تنعاد»، لم تُكلّف الدولة نفسها القيام بأي خطوة لترتيب الامور والحد من منع تكرار ظاهرة الاضرابات مع العام الدراسي المنتظر».


ويناشد رحمة مكوّنات الاسرة التربوية، الإدارات والمعلمين والأهالي، الإلتزام «بالبيانين الصادرين عن بكركي». ويوضح: «علينا ان نبقى موحدين، وإعطاء الرواتب ضمن الجدول 17، على أن تتكفّل الدولة بتمويل الدرجات الست التي شرّعتها، أو أن تعيد النظر في آلية تطبيقها، وربما التراجع عنها نظراً إلى المحنة الاقتصادية العامة، فأكثر من 30 في المئة من الأقساط لم تُحصّل من السنة الماضية». وتابع: «على الحكومة المرتقبة ولادتها، وعلى المجلس النيابي المولود حديثاً، أن يلتفتا إلى الوضع التربوي المتدهور، لأنّ مَن خلق المشكلة عليه أن يحلها وهذا شأن كل السياسيين».

ما المطلوب؟

لا ينكر رحمة «انّ خطر الاقفال لا يطال فقط المدارس الكاثوليكية، إنما يصل الى عدد كبير من المدارس الخاصة على امتداد الوطن»، فيقول: «كل المدارس يجب أن تبقى موحدة في وجه الخطر المُحدق بها، إتحادنا هو بهدف إنقاذ القطاع التربوي ولبنان، فإذا انهارت المدرسة الخاصة، ستتبعها مؤسسات أخرى». مشيراً إلى أنّ «إقفال المدارس يؤدي إلى بطالة في صفوف المعلّمين وازدياد في أعداد التلامذة المتسربين». ويضيف: «الوضع أشبه بحال حرب، وضع يحتاج إلى تدابير استثنائية كأن نستوعب بعضنا البعض، ونأخذ مواقع ومواقف استثنائية لتمرير هذه المرحلة بأقل ضرر ممكن».

«عيب على السياسيين»

وأسِف رحمة للتعاطي الذي ينتهجه الطاقم السياسي، فقال: «معظم السياسيين يبحثون عن مصلحتهم من دون أن يدركوا مصلحة لبنان. ضمنياً يشجعون الفساد، لذا يماطلون في تشكيل الحكومة. لذلك أناشد الاسرة التربوية أن تتحمّل مسؤوليتها، ففي النهاية نحن «أم الصبي»، وأناشد السياسيين الكَف عن اللعب بالنار، يكفي شَدّ حبال، إتفقوا قبل أن ينهار القطاع التربوي، تنتظرنا سنة دراسية قاسية، ومن المعيب البقاء على ما نحن عليه».

مصادر بكركي

في سياق متصل، تؤكّد مصادر بكركي لـ«الجمهورية» «انّ البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لا يَدع أيّ فرصة إلّا ويُناشد فيها الخارج والداخل لوضع حد وتحمّل المسؤولية تربوياً»، مشيرة إلى انّ «غِبطتو» قلق، ويدرك عمق حجم الأزمة، ويأسف لِما يحصل، وغالباً ما يضرب يده على الطاولة مطالباً السياسيين واللبنانيين برمّتهم الاتكال على أنفسهم لحل مشكلاتهم، والمضي قدماً من دون الانصياع للخارج». وتتابع المصادر: «في مختلف اجتماعاته ولقاءاته التربوية، يشدّد سيّد الصرح على «تعزيز الثقة بين مكوّنات الاسرة التربوية، وينادي بأن نثق ببعضنا والعمل لمصلحة لبنان وليس لمصلحة الأحزاب والطوائف».