هو "لقاء المعجزة" كما سمته استهلاليات الصحف ومقدمات نشرات الأخبار في الفترة الأخيرة، إذ ربط كثيرون بين حصوله ونور آخر نفق التشكيل الحكومي. حصل مساء أمس، بعدما علَت سقوف التخاطب بين رئيسي التيارين البرتقالي والأزرق، ووصلت حدّ التهديد بالنزول إلى الشارع.

فهل كان هذا اللقاء للملمة الصراع المستقبلي - العوني من شارع التهديدات المتبادلة، أم أن حلولاً حقيقية طُرحت على خط تأليف الحكومة؟

‏وصفت مصادر سياسية متابعة لملف تشكيل الحكومة، اللقاء بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بالإيجابي، و"الممتاز"، وأكدت على أن الاجتماع أثبت أن الاتفاق السياسي بين التيار الوطني الحر والرئيس الحريري قائم و ثابت خلافاً لكل محاولات التشويش عليه. 

وذكرت المصادر أن محور اللقاء كان للبحث في الصيغة الفضلى لولادة الحكومة المنشودة، ولم يكن فيه لا عتباً ولا مناقشة لما جرى في الأسابيع الماضية، وهي الأمور التي "لا تستحق التوقف عندها، لدى الطرفين، أمام المصلحة العامة ومستقبل البلد".

زاد اللقاء الثنائي من دون شكك نسبة التفاؤل بولادة الحكومة، لا سيما وقد سبقه لقاء بين الرئيس المكلف ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث طلب الأول من الأخير المساعدة بحسب ما أفادت مصادر مطلعة على اللقاء لـ"ليبانون ديبايت"، ولكن لم تكشف المصادر عن الإطار الذي طلب فيها الحريري المساعدة من بري، على أن يتركز عمل الحريري على حل العقدة العونية القواتية، والتي أخذت مناقشتها الحيز الأكبر من لقاء بيت الوسط بين الحريري وباسيل، علماً أن حزب الله طلب من الأخير "بالمَونة" الكف عن "العبث في الوقت" والتجاوب مع الحريري لتسهيل التشكيل.

وفي هذا الإطار، يرى النائب في تكتل "لبنان القوي" سليم خوري أن حصول لقاء الحريري ـ باسيل لا يعني أن الحكومة باتت على مشارف التشكيل، لأن هذا يعني إفراطاً في التفاؤل، "فلسنا كتيار أو كرئيسه من يشكل الحكومة، نحن طرف وازن في البلد، لكن لسنا لوحدنا، وعلى الساحة أفرقاء آخرون".

وعن اللقاء أكد خوري لـ"ليبانون ديبايت" أن الحريري هو من بادر للاتصال بباسيل، وأن العمل لازال قائماً على حكومة وحدة وطنية، وكان اللقاء ايجابياً لجهة التوافق على اعتماد معيار واحد للتشكيل، الذي يعكس نتائج الانتخابات النيابية على أحجام الحكومة، و"لازلنا مصرين على حصة وازنة لنستطيع ترجمة الأفكار والشعارات التي حملناها في الانتخابات إلى السلطة التنفيذية وتطبيقها، فمن غير المقبول تجاهل الفريق الذي حصل على أكبر كتلة وفق قانون انتخابات ثوري وعصري".

وعما إذا كان تسريع اللقاء جاء بسبب التدهور في العلاقة بين الطرفين مؤخراً، يقول خوري إن الخلاف تم تضخيمه في الاعلام، ومواقف باسيل كانت في إطار حث الرئيس المكلف على الإسراع والمبادرة بتشكيل الحكومة، والدليل أن اللقاء حصل بسرعة ولن يطول وكان ايجابياً.

فهل تجاوب الحريري مع المعيار الواحد الذي كان يرفضه حزب القوات اللبنانية، يعني تجاوب الأخير مع هذا المعيار؟ يجيب خوري، الكرة اليوم في ملعب الطرف الآخر، والحل الوحيد هو اعتماد هذا المعيار ونحن لسنا ضد أن يأخذ أي فريق الحصة الحكومية التي يرديها ولكن ليس على حساب التيار الوطني الحر أو تكتل "لبنان القوي".

وفي المقابل يرفض القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش التفاؤل ويفضل اعتماد الحذر قبل الإعلان عن التشكيلة الحكومية، ويرفض أيضا التعليق على أجواء اللقاء الذي جمع الحريري بباسيل، ويؤكد "إذا اذا كان الجو ايجابياً من المفترض إعلان الحكومة خلال عدة أيام، وإذا كانت التعقيدات لازالت قائمة هذا يعني أن اللقاء كان تشاورياً من دون أي نتيجة".

وعن مبادرة الحريري للاتصال بباسيل، يقول علوش "ما سرّع في اللقاء ليس السقوف العالية بل حكمة الحريري لتجنب الوصول لحد الصدام الذي لا يمكن لملمته لاحقاً" ويصف تصرف الحريري "بالراقي من أجل توخي الوصول لنقطة اللاعودة". 

فهل سيتصاعد دخان الحصص الأبيض من بعبدا قريبا، وسط معلومات خاصة عن انتهاء مهلة الـ 48 ساعة التفاؤلية لتشكيل الحكومة اليوم، أم أن الـ 48 ساعة الجديدة ستذهب مع رياح العرقلة كما في المرة الأخيرة؟