هل الأوزان والأحجام التي خرجت من صناديق الإقتراع على أساس قانون هجين هي الأوزان والأحجام الفعلية التي تعكس التمثيل السليم والصحيح لكل اللبنانيين أم لنصفهم الذي مارس حق الإقتراع؟
 

كل الأمور أصبحت مكشوفة في كباش تأليف الحكومة. وهذه مشكلة قياسا على الحكمة التقليدية القائلة: " الاتفاقات تتكاثر مثل الفطر في الظلام. "

 

وكل طرف من أطراف الطبقة السياسية يقرأ على مزاجه وحسب ما تقتضي مصلحته وأحياناً يتوهم ما في اوراق الآخرين ويتصرف كأنه يملك ورقة مخفية. وهناك مشكلة اضافية أيضا لجهة إختلاق عقد واضافة عقد الى ما يؤدي الى عرقلة التأليف. وهاتان معا تأخذان امورا معقدة أصلا الى قمة التعقيد وامورا بسيطة الى قمة التبسيط. 

 

قمة التعقيد هي ربط الحكومة بمهام ليست لها وأكبر منها ولا مجال لتحقيقها من دون كلفة هائلة على البلد، حيث الفارق بين اعادة تكوين السلطة واعادة تشكيل النظام. وهي ايضا التصرف على اساس ان الحكومة طويلة العمر بما يجعل التأليف لعبة شطرنج تتطلب من اللاعبين التأني وحساب الحركات المتتالية على رقعة الشطرنج محليا واقليميا ودوليا، كأن الحكومة هي التي ستقود الأحداث. فضلا عن الرهانات والاستنتاجات المتسرعة على توظيف التطورات في الشرق الاوسط وجني ثمارها السياسية في لبنان، مع انها لا تزال في منطقة رمال متحركة، والرهانات المعاكسة على تطورات لا احد يعرف كيف تنتهي، ولا مسارها في يدنا أو في يد القوى الاقليمية بل في يد روسيا واميركا. 

 

إقرأ أيضا : العهد بين كوابيس الولاية القائمة وأحلام باسيل بالولاية القادمة

 

 

وقمة التبسيط هي النظرة الحسابية الباردة الى الاوزان والاحجام في نظام طائفي، وطرح معادلة ساخرة في امر جدي جدا هي: أعطوني آلة حاسبة وخذوا حكومة في دقيقة، فالسياسة، حسب المسؤول السابق في فريق الأمن القومي الاميركي جوزف ناي الذي صاغ تعبير الحرب الصلبة، والحرب الناعمة ،هي فن لا علم. وهي في نظام طائفي تعددي خطيرة حين تأخذنا الى ديمقراطية العدد. 

 

ثم هل الأوزان والأحجام التي خرجت من صناديق الإقتراع على أساس قانون هجين هي الأوزان والأحجام الفعلية التي تعكس التمثيل السليم والصحيح لكل اللبنانيين أم لنصفهم الذي مارس حق الإقتراع؟ ماذا عن اللبنانيين الذين ليسوا منتسبين الى احزاب وتيارات ولا ملتزمين سياسة العائلات؟ وماذا عن الانتخابات نفسها التي جرى خوضها من دون برامج وبأقل قدر من السياسة المختصرة بشعارات وبأكبر قدر من العصبيات؟ ألا ينطبق عليها ما قاله الرئيس الاميركي السابق جيرالد فورد في نادي الصحافة الوطني عن الانتخابات، وهو مرشحون بلا افكار يستأجرون مستشارين بلا اقتناعات لادارة حملة بلا محتوى؟ 

 

إقرأ أيضا : حزب الله متأزّم من الصراع (البقاعي - الجنوبي)

 

 

المفارقة ان المستور في اوراق اللعبة المكشوفة هو ما وراء العقد الظاهرة. وهو ما صار مكشوفا اكثر من اللزوم. والمكتوب على الجدار امام الجميع يتكرر:المواطن ليس بيدق على رقعة الشطرنج، كما انه لم يعد قادراً على لامبالاة هذه الطبقة السياسية،خصوصاً و نحن في مرحلة تغيير الدول، وعلينا أن نحفظ رأس لبنان.