قصفت قوات النظام السوري أمس مواقع لفصائل مقاتلة وجهاديين في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، بالتزامن مع إرسالها تعزيزات تمهيداً لبدء هجومها المتوقّع عليها، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. إلى ذلك، أكّد مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا يان إيغلاند أنّ روسيا وتركيا وإيران اتفقت على بذل أقصى الجهود لتفادي المعركة، لكنه كشف عن أنّ الأمم المتحدة تتهيّأ لاحتمال اندلاعها.
 

أشار إيغلاند إلى وجود «نشاط دبلوماسي مكثّف مع روسيا وتركيا وإيران والحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلّحة لتجنّب التصعيد في مناطق خفض التصعيد»، لافتاً إلى وجود «صراع كل يوم هناك».


وقدّر عدد السكان في المحافظة الواقعة في شمال سوريا بنحو 4 ملايين أو أكثر. وأبدى أمله في أن يتوصّل المبعوثون الدبلوماسيون والعسكريون إلى اتفاق لتجنّب «إراقة الدماء».


لكنّه أوضح أنّ الأمم المتحدة تجري تحضيرات للمعركة المحتملة وستطلب من تركيا إبقاء حدودها مفتوحة للسماح للمدنيين بالفرار إذا تطلّب الأمر.

النظام يقصف إدلب

ميدانياً، أعلنت وكالات أنباء روسية أنّ الجيش الروسي أسقط طائرة مسيّرة استهدفت قاعدة حميميم الجوية في سوريا، أطلقت من أراض تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة.


كما قصفت قوات النظام بالمدفعية والصواريخ مناطق حول بلدة جسر الشغور الرئيسة في الجزء الجنوبي الغربي من محافظة ادلب، وفقاً لـ«المرصد».


وذكر مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أنّ «القصف يأتي تحضيراً لعمل عسكري قد تنفّذه قوات النظام»، مشيراً إلى عدم تحقّق تقدّم بعد.


وأوضح عبد الرحمن انّ «القصف ترافق مع إرسال قوات النظام تعزيزات عسكرية تتضمّن عتاداً وجنوداً وآليات وذخيرة منذ يوم الثلاثاء الماضي».


وستتوزع التعزيزات على 3 جبهات في محافظة اللاذقية المجاورة لجسر الشغور غرباً، وفي سهل الغاب الذي يقع إلى الجنوب من إدلب، بالاضافة إلى مناطق تقع جنوب شرق المحافظة والتي يسيطر عليها النظام.

منشورات لـ«المصالحة»

إلى ذلك، ألقت قوات النظام السوري منشورات على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة أمس، تحثّ السكان على العودة لـ»حكم الدولة» وتؤكّد أنّ الحرب تقترب من نهايتها.


ودعت المنشورات السكان إلى الانضمام إلى اتفاقات المصالحة المحلية.

لافروف إلى تركيا

وفي إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة على مشارف المعركة المحتملة، أكّدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أنّ وزير الخارجية سيرغي لافروف سيزور أنقرة يومي 13 و14 آب لبحث الوضع في سوريا مع نظيره التركي.


وتأتي هذه الزيارة بينما كانت تركيا حذّرت من أي هجوم للنظام على إدلب، ضاغطةً على روسيا لضمان عدم حدوثه.

عودة اللاجئين

وفي ملف اللاجئين، أفادت زاخاروفا بأن معطيات الأمم المتحدة تشير إلى أن حوالى مليوني لاجئ سوري قد يعودون إلى وطنهم خلال أشهر قريبة.


وأشارت في مؤتمر صحفي عقدته أمس إلى أنّ «الحكومة السورية اتخذت قراراً بتشكيل لجنة تنسيقية خاصة برئاسة وزير الإدارة المحلية والبيئة (حسين مخلوف)، الذي ذكر أنّ أكثر من 3 ملايين نازح قد عادوا إلى بيوتهم في سوريا».


وتابعت زاخاروفا: «بالإضافة إلى ذلك، قد يعود إلى سوريا خلال أشهر قريبة، حسب معطيات الأمم المتحدة، مليون و890 ألف لاجئ».

الدفاع الروسية

وفي سياق متصل، جرت أمس في دمشق جلسة مشتركة جديدة للمركز الروسي لاستقبال وتوزيع اللاجئين في سوريا ولجنة التنسيق السورية لشؤون عودة اللاجئين إلى أماكن إقامتهم الدائمة.


وأثناء الاجتماع، أفاد رئيس المركز الروسي اللواء أليكسي تسيغانكوف، بأنه أجرى لقاء مع وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، الذي تمّ تعيينه بمنصب رئيس لجنة التنسيق لعودة اللاجئين السوريين، حيث ناقش الجانبان كيفية تنظيم العمل المشترك في المعابر لضمان عملها المستمر.


وأكّد الجانبان، أهمية إعادة إعمار البنية التحتية المدنية في سوريا، وأشارا إلى الوتائر العالية الحالية لهذه العملية، وخصوصاً إعادة إعمار الطرق والجسور وخطوط الكهرباء والمؤسسات الطبية والتعليمية والمساكن.


من جهته أعلن رئيس فرع المركز الروسي لاستقبال وتوزيع اللاجئين في سوريا النقيب ليونيد ميلكو، أن معبر جديدة يابوس الواقع على الحدود مع لبنان يعمل بالشكل الضروري، لافتاً إلى أنّ 2531 شخصاً، بمن فيهم 799 امرأة و1270 طفلاً عادوا عبره إلى سوريا، ومن بينهم 108 أشخاص خلال الساعات الـ24 الأخيرة.


وأكّد ممثل لجنة التنسيق السورية لعودة اللاجئين السوريين العقيد سمير محان، أنّ القيادة السورية جاهزة لحل مسائل تقديم الضمانات الأمنية وخلق فرص عمل، وتزويد الناس بالمساكن وتقديم المساعدة في استعادة الوثائق للسوريين العائدين من الدول الأخرى.


وأضاف أنّ 6381 لاجئاً عادوا من لبنان إلى سوريا منذ 18 تموز الماضي، بمن فيهم 2972 شخصاً عبر معبر زمراني، و2531 شخصاً عبر معبر جديدة يابوس، و561 شخصاً عبر معبر الدبوسية، و317 شخصاً عبر معبر القصير، و318 شخصاً عبر معبر نصيب.


وتابع أنّ 362 سورياً عادوا خلال الساعات الـ24 الأخيرة إلى أماكن إقامتهم الدائمة، من بينهم 208 أشخاص إلى حمص و91 شخصاً إلى الغوطة الشرقية. كما عاد 63 سورياً من منطقة خفض التصعيد في إدلب، عبر معبر أبو ضهور إلى ريف حلب.


وأفاد بأنّه تمّت في الأراضي السورية إعادة إعمار 89 مؤسسة طبية و217 مؤسسة تعليمية واستعادة 274,5 كلم من الطرق و203 من خطوط الكهرباء بالإضافة إلى تدشين 86 محطة كهربائية و71 منشأة لضخ المياه.


وأكّد أنّه تتواصل حالياً في 62 تجمعاً سكنياً في محافظة حلب ودمشق ودير الزور وحماة وحمص إعادة أعمار 49 مدرسة و20 روضة للأطفال و33 مخبزاً و32 محطة لضخ المياه، و14 محطة كهربائية و15 مؤسسة طبية و236 مسكناً.

وفاة رهينة لدى «داعش»

وفيما تتجّه الأنظار لمتابعة هجوم النظام المحتمل على إدلب من جهة، وعودة اللاجئين من جهة أخرى، لا يزال ما لا يقل عن 13 إمرأة و15 طفلاً محتجزين لدى تنظيم «داعش»، بعد أن اختطف التنظيم أكثر من 30 رهينة في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.


وذكر نشطاء شبكة «السويداء 24» عبر موقع «تويتر» أنّ «داعش» أبلغ ذوي المختطفين من السويداء لديه بوفاة السيدة زاهية الجباعي، بسبب «تدهور وضعها الصحي»، على حد ادّعائه.


ونقلت «فرانس برس» عن مدير الشبكة المذكورة أنّ أهالي المرأة (65 عاماً) قالوا إنها كانت تعاني مشكلات صحية، بما فيها السكري وأمراض القلب، لكنهم لم يحددوا سبب وفاتها.

آلاف الوفيات

إلى ذلك، أكد مدير الأحوال المدنية في سوريا أحمد رحال، في مقابلة نشرتها صحيفة الوطن، أن إدارته ثبّتت العام الماضي 68 ألف حالة وفاة من دون تحديد الأسباب، و32 ألف وفاة خلال العام الحالي.


ولم يذكر رحال أي تفاصيل إضافية أخرى عن الوفيات أو المناطق التي سجلت فيها.


يُذكر أنّ الأنظار توجهت مؤخراً الى دوائر الأحوال المدنية، بعد اعلان منظمات حقوقية وعائلات سورية قيام السلطات بتحديث سجلات النفوس المدنية، وإضافة كلمة «مُتوفّ» الى جانب أسماء المئات من المعتقلين لديها.

إطلاق سراح أوروبيين

تزامناً، أعلن نائب رئيس وزراء تشيكيا، يان هاماسيك، انّ اثنين من العاملين في المجال الإنساني أحدهما ألماني، وصلا الى براغ أمس عقب إطلاق سراحهما من سجن سوري إثر مفاوضات تولّاها دبلوماسيون من بلاده.


وقال للصحافيين في مطار براغ: «عدنا للتو من زيارة إنسانية لدمشق، حيث تسلّمنا اثنين من موظفي منظمة انسانية ألمانية احتُجزا في الاراضي السورية».
وأشار إلى أنّ السفارة التشيكية في دمشق تَولّت التفاوض حول إطلاق سراحهما.


وتابع هاماسيك: «بعد اعتقالهما، تمّ نقلهما إلى دمشق، وأودعا أحد أصعب السجون السورية».


لكنه كشف عن أنّ الفحص الطبي قبل الرحلة لم يظهر وجود مشكلة صحية على رغم أنّ «معاناتهما تركت أثراً»، على حد قوله.


واكد هاماسيك، المسؤول موقتاً عن الشؤون الخارجية التشيكية، أنّ المفاوضات بشأن الإفراج استغرقت عدة أسابيع.


من جهته، قال سفير ألمانيا لدى براغ كريستوف إيسرنغ، إنّ عودة الرجلين «لم تكن ممكنة من دون مساعدة سريعة وغير بيروقراطية من أصدقائنا».