يسعى حزب الله اليوم الى اشعال النعرة الطائفية والفتنة المذهبية لإقامة توازن بين الجنوب والبقاع وليكون كالبطل المقدام
 

بعد مضي سنوات على صراخ البقاعيين للمطالبة بحقوقهم، في الوقت الذي تتجه فيه سياسة الإنماء نحو الجنوب من خلال النافذين الجنوبيين في الدولة والأحزاب وخصوصًا حزب الله  فينعم الجنوب بحياة هنيئة وخدمات مقبولة في حين بقي البقاع دون الحد الأدنى من الخدمات، الأمر الذي أدى إلى رفع الصوت لدى البقاعيين رفضًا لسياسة حزب الله الإنتقائية في موضوع الإنماء فكثر حديث البقاعيين حول الغبن والتمييز المناطقي علمًا أن أهل البقاع هم السبّاقون في رفد مسيرة حزب الله منذ نشأته وحتى اليوم.

بدأ هذا التحول بالظهور وبدأت المشاعر تتغير جزئياً او كلياً عند بعض الأشخاص إذ أن الناس بدأت تفصل ما بين حزب الله الديني العقائدي الذي أسس للحفاظ على الدين وبين حزب الله السياسي الإنمائي الفاسد.

فانطلقت ثورة البقاعيين ضد الظلم في مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية بثلاثة سنوات، وخلال فترة تعطل البلد سنتين ونصف السنة من قبل حزب الله رغبة بإيصال ميشال عون لسدة الرئاسة، وفي هذا الوقت، هنا بدأ البقاعيون في التفكير بحلول لقضاياهم بعدما فشل نواب المنطقة بالإيفاء بوعودهم بعد سلسلة من المماطلة والوعود الكاذبة والاحتيال وصار المواطنون البقاعيون يشعرون أكثر بقدرة الحزب على توجيه مقومات الإنماء نحو الجنوب والإهمال المتعمّد للبقاع لا بل أحسّوا بالغبن اكثر عندما رأوا عدد الشهداء في سوريا الذي كان للبقاع الحصة الأكبر منه. 

وصار التفكير بلقمة العيش عند البقاعي قبل كل الحاجات الاساسية كالكهرباء والمياه وبدأ المجاهد او الفرد المنخرط في تنظيم الحزب يصر ّ على متابعة طريقه نحو المنية في سوريا بدلًا من الموت جوعًا في لبنان. 

كل هذه الأفكار التي بدأت تنتشر بين البقاعيين ومع وجود وزراء ونواب مثّلوا المنطقة على مدى ٢٥ سنة من دون أي نتائج في الإنماء ومع الفضائح الكبيرة بالإختلاسات المالية الضخمة وقد اعتبر أهل البقاع وكأنه إنكار لدعم البقاعيين وصار الشعار لدى البقاعيين (جوعونا ليفرغونا) أي أنهم حرمونا من كل شيء وباتوا يستغلونا في لقمة عيشنا علماً أن الجنوب لم يقدّم ما قدمه البقاعيون للمقاومة منذ التأسيس في بريتال معقل الشرفاء. 

ومما لا شك فيه ان سماحة السيد نصرالله بذكائه أصر على خلق صراع في الجنوب لمساواة الصراع مع البقاع لتوحيد الصرخة وهذا ما أراد قوله الشيخ أكرم بركات منذ أيام إذ أنه أكد على وحدة الشيعة ولو أنها فاسدة، لذلك فحزب الله اليوم يريد ان يغير كل المعادلات لتكون لصالحه و كل المفاهيم تسقط من فساد واحتيال عندما يذكر اسم الحزب وهكذا يريد أن يصوره ولكي لا ننسى في كل مرة يصدر بعض الكلام النابي من أشخاص يعمد الحزب إلى الاسراع ولملمة الامر وإخماد الثورة بفعل القمع كنظام الأسد في سوريا.

إقرأ أيضًا: إيران تحبّ السنّة المهزومين

واليوم حقًا تراه كذلك إذ انه على حذر من قيام ثورة شيعية في لبنان على غرار ما يحدث في ايران والكهرباء اليوم التي بدأ العديد من الصحافيين والكتاب يكتبون عنها أثارت نقمة عارمة من الجنوبيين وكأنها بنظري مفتعلة لتكون ثورة يقوم بها حزب الله على نفسه وهذا ما يريده اذ انه يريد ان يساوي البقاع بالجنوب ليخمدها بعد أيام بكلام رصين معبأ بإكسير التخدير يعد به الناس ويعبؤهم من جديد بخطر الخارج ويذكرهم بالمؤامرة الكونية عليه ليحصد عواطفهم. 

لذلك يسعى حزب الله اليوم الى اشعال النعرة الطائفية والفتنة المذهبية لإقامة توازن بين الجنوب والبقاع وليكون كالبطل المقدام ويصرح عن وعود ملّت أفراد الطائفة الشيعية منها. 

ولو عدنا في التاريخ شهرا للوراء لوجدنا الفرق في صرخه البقاعيين الذين عادوا إلى القول وعادوا الى شعار البقاعي والجنوبي، هذا النداء الذي أثار غضب حزب الله وولد هستيريا لدى السيد حسن شخصيًا إذ أن هذا الشعار يدعم ويعطي البقاعيين سببًا للمطالبة بحقوقهم على المستوى المعيشي ربطًا بالمستوى الذي يعيش فيه ابن الجنوب حيث يختلف كليًا وهو أحسن بكثير من المستوى المعيشي الذي يعيش ابن البقاع.

ذكرت صحيفه "الأخبار" منذ أيام فى مقالة كبيرة معدّة ومدفوع ثمنها مسبقًا يقول فيها كاتبها يحيى دبوق أن قضية بقاعي وجنوبي هي قصة إسرائيلية وسيناريو إسرائيلي أمريكي صهيوني أي أن خطة إسرائيل تلزم البقاعيين بالمطالبة بحقوقهم. 

وهذا الذي يريد حزب الله اقناع اللبنانيين به وخصوصًا الشيعة منهم بأن الصرخة البقاعية  التي نفذت بالبقاع مؤخراً هي صرخة تشغلها اسرائيل وهذا الذي لا يمكن فهمه ولأن جميع الناس يعلمون بأن منطقه بعلبك الهرمل منذ التاريخ ومنذ تأسيس لبنان تعاني من كثير من المشاكل الكبيرة على صعيد الوطن وهي بمستوى غير مقبول اذ يعيش أفرادها بمستوى الفقر و دون خط الفقر.

وكل هذه التفاصيل يريد بها حزب الله أن يجمع هذه الثورة التي كبرت في البقاع مؤخرًا ويسعى الى صناعه المشاكل في الجنوب مثل إثارة ملف الكهرباء وهو الملف الأكبر اليوم فهو يترقب بعين حادقة المواقف البقاعية ويريد أن يختلق مشاكل إضافية ويعمد الى العمل الذي يعاني منه الجنوبيون فبعض الصرخة البقاعية عن عدم تأمين الدوله للكهرباء والمياه وكأنه يريد للثورة أن تتخدّر من جديد لـ 20 سنه إضافية.

وحزب الله اليوم ليس حزب الله الأمس إذ أنه حزب الله يعاني اليوم من انخفاض كميه الأسلحة بعد ما دخل في سوريا وأيضاً يعاني من قلة المال بعد العقوبات الامريكية على ايران و يعاني حزب الله ما يعانيه من قلة المؤن وقلة  المال الذي كان يصرفه على 100000 عائله شيعية ما بين البقاع والجنوب وهنا المشكلة الكبيرة، وبعدما أصدر السيد حسن نصر الله أمين عام الحزب في العام الماضي عندما قال في خطابه الشهير في ذكرى مصطفى بدر الدين أن "طول ما في فلوس نحن عندنا فلوس" وهذا الذي أتى به إلى الهاويه فعندما جاء الشعب الإيراني قام بثوره كبيرة بعد الضغوطات الامريكية والعقوبات بسبب الإتفاق النووي الذي أرادت أميركا إلغاءه، هذا ما جعل من الحكومة الايرانية اليوم أن تبدأ بالبحث عن إصلاحات لأن النظام بدأ ينهار على وقع الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة الإيرانية.

في وقت بلغ خطاب نصر الله مسامع الشعب الإيراني والذي قال فيه نصر الله أن "أموالنا وكذا وكذا من الجمهورية الإيرانية الإسلامية في إيران" وهذا الذي أثار الشعب الإيراني ضد الحكومة والذي ردّد شعارات ضد حزب الله و ضد الوجود في سوريا.

قامت الحكومة الإيرانية وبعد إنتشار فيديوهات للثورة  بفصل خدمة الإنترنت عن كامل ايران.