ماذا بعد هذا الموت عندما تموت القضيّة؟
 

إنّها الأيدولوجيا، أخطر الأعمال الدماغية. الإنسان يُقاتل للبقاء والإستمرار والتكاثر الجينيّ (الإنجاب)، فكيف تُقنع هذا الأنانيّ بالموت؟

لنتكلّم قليلاً عن منظومة عملنا الدماغيّة وكيف أنّ دماغنا لا يحمينا. الإنسان هو كائن حيّ يمثّل حالة جينيّة، وهو يشكّل ١٠٠٪‏ جينات من نفسه فكيف تستطيع إقناع هذه الحالة الجينية بأن تضحّي بنفسها لأجل فكرة أو معتقد أو إنسان أخر؟

كان الإنسان يعيش ضمن قبائل ومجموعات بشرية خوفًا من الإفتراس أو القتل من قبل مجموعة بشرية أخرى، ونقل دماغنا هذه الحالة من الغابة الى المدينة، وبظل التطور والتكنولوجيا ما زال الإنسان يعتقد أنه سيموت إن خرج من المجموعة أو القطيع فهو لا يشعر بالطمأنينة الاّ داخله، وهذا ما تعمل عليه الأحزاب والدول العسكرية القائمة على الحروب. فوضعت الفرد في مجموعة وحفزت دماغه على التضحية مقابل المجموعة لأنها أصبحت تجسّد حالته الجينية الكبرى.

إقرأ أيضًا: الزعيم والنمل

إِنَّ الفرد ضمن المجموعة لا يمثّل حالته الجينية فقط، فدماغه يعتبر أنّ المجموعة هي الحالة الجينية بحد ذاتها، لتصبح المعادلة على النحو التالي: في وجود مجموعة تتألف من عشرة أشخاص، إن الفرد داخل ها يرى أنه يمثّل مئة من ألف فهل يضحي ب المئة لتستمرّ التسع مئة الباقية؟ حسب عمل الفرد الدماغيّ هذه المعادلة هي إستثمار مربح للبقاء والأستمرارية.

هنا نستطيع أن نفسّر كيف يصبح الموت هدفاً للكائن الأنانيّ “الإنسان”، وكيف يقدّم نفسه لأجل “القضيّة”. إنها ببساطة الأيدولوجيا. ولكنّ ماذا بعد هذا الموت عندما تموت القضيّة؟ اذا اخذنا سوريا على سَبِيلِ المثال، الآلاف ذهبوا للموت تحت شعار القضية، قضية المقاومة وحماية المقدسات، هؤلاء رحلوا ولكن أبنائهم وعائلاتهم ما زالوا هنا. ما هي القضيّة البديلة لهم بعد الحل السياسي في سورية وإنسحاب الايراني وحزب الله من هذه الأراضي، التي كانت من المفترض أنها تُحضّر للظهور؟ ظهور الإمام المهدي الذي سمعناه من الشباب المقاتل بالحرف: “نحنُ نقاتل للظهور وللتمهيد له”، فهل تأجل الظهور اليوم؟ وهل هو مرتبط بالسياسة؟ والمساومات الإقليمية؟ 

على هذا التنظيم أن يحتوي الحالة المقبلة، هذا شيء أساسيّ، ولكن كيف؟ و هنا يكمن السؤال الأساسي، ما هي القضيّة البديلة؟