شهد جنوب الليطاني نهاية الأسبوع الفائت تطوراً خطيراً على الصعيد الأمني والسياسي، وتحديداً قرب الشريط الحدودي مع دورية دوليّة في مجدل زون. الدورية كان قوامها 4 آليّات، اثنتان ايطاليتان واثنتان سلوفاكيتان. السلوفاك لم يمض شهر على وجودهم في لبنان واختصاصهم تقني وليس حربيّاً.
 

التطوّر الخطير هو اعتداء مسلّحين على الجنود الدوليّين في مشهدٍ قاسٍ ومتقدّم لم تشهده قوات الطوارىء منذ مجيئها إلى لبنان، الأمر الذي أثار استياءً كبيراً في أوساط الامم المتحدة. ليتساءل المراقبون عن هدف الجهة المعتدية والتوقيت والأسباب الحقيقية، لاسيما أنّ مجلس الأمن سيصوّت في 15 آب المقبل على التمديد سنة لقوات اليونيفيل، علماً انّ التصويت على قرار التمويل لهذه القوات مرّ بصعوبة منذ أقل من شهر ومُخَفّضاً أيضاً، الأمر الذي ينذر باحتمال، ولو ضعيف، بسقوط قرار التصويت على التمديد. فمَن المستفيد من هذا التصعيد في هذا التوقيت؟

وساطة الجيش اللبناني

المعلومات تفيد انّ الجيش اللبناني دخل على خط المعالجة عبر علاقاته مع عناصر بعثة الأمم المتحدة المتمركزة في لبنان وفي الولايات المتحدة، لتصويب مسار عمل قوات اليونيفيل وللتنسيق، بعدما اتضح انه يعاني جدياً من التجاوزات على الشريط الحدودي من قبل «مُعتدين» كما من قبل الأهالي.

وتفيد المعلومات أن رسالة الجيش اللبناني أوضحت للأمم المتحدة بأنه، وفق القرار الصادر رقم 1701، لا يحق لـ»قوات اليونيفيل» أن تُسيِّر دوريات على الشريط الحدودي باستقلالية ومن دون التنسيق مع أجهزة الارتباط في الجيش اللبناني وتحديداً مع مخابرات الجيش اللبناني. وذلك ليس فقط حفاظاً على أمن الجنود التابعين لقوات الطوارىء، بل لأنّ القرار ينص على اتباع هذه الآلية، وأن مهمّة اليونيفيل تقتصر على مؤازرة الجيش اللبناني، الأمر الذي لم تقتنع به الأمم المتحدة مصرّةً على حق قوات الطوارىء الدولية بتسيير دوريات باستقلالية ومن دون استئذان، وذلك وفقاً لما نصَّ عليه القرار 2373 والذي يتضمّن بنداً يجيز لهم «التحرّك» بمفردهم..

مصادر الجيش اللبناني شكَّكَت في الأمر وطالبت بإيضاحات وبرسالة خطّية تثبت الأمر لرفعها إلى قيادة الجيش للتحقُق، والتأكُد من صوابيتها. وأصرّت على موقفها لإقناع الأمم المتحدة بأنّ الأمر هو للحفاظ على أمن القوات الدوليّة أوَّلاً ونظراً لحساسية المنطقة وأهلها ثانياً، ولأنّ الجيش أدرى بأهمّية التوقيت والتحرّك إن في الزمان أو في المكان.

وتفيد المعلومات أن مصادر الجيش اللبناني اللبناني أوضحت للأمم المتحدة بأنّ تسيير أي دورية على الشريط الحدودي باستقلالية ومن دون التنسيق مع أجهزة الإرتباط في الجيش اللبناني، لاسيّما إذا اقتربت من المناطق المحظورة، ستقابل بالهجوم العنيف من قبل الأهالي، فكيف ستتصرّف أو ستواجه قوات الطوارىء الأمر من دون مؤازرة الجيش اللبناني؟ وسألت هل تستطيع دورية او أكثر الوقوف بوجه المعتدين او المسلحين التابعين للحزب الذين يرفضون دخول أيّ كان إلى مناطقهم المحظورة والحساسة ؟

وهذا ما حصل مساء السبت عندما تفرّدت قوات الطوارىء بتسيير دورية في مجدل زون.

مجدل زون والحظر

ما هي حيثيّة وحساسية منطقة مجدل زون؟ ولماذا يحظّر الدخول إليها؟

العارفون يقولون ان البلدة عبارة عن بوابة خلفها واد، تتمركز فيه قوات تابعة لـ«حزب الله» وأسلحته ودفاعاته كما يحوي قواعد صاروخية. وتفيد المعلومات أنّ الجيش اللبناني استاء من إرسال جنود قوات اليونيفيل إلى هناك، لاسيّما انها تَعي أيضاً حساسية المنطقة وانه كان الأجدى التنسيق مع الجيش عند تسيير قواتها ودورياتها في مجدل زون، وذلك لترتيب الارضية وتفادي ما حصل. فماذا حصل؟

في الوقائع ما ان وصلت الآليّات الأربع حتى هاجمها عدد كبير من الاهالي بالمطارق، وكسّروا الآليّات فتمكنت الدورية التابعة للقوات الايطالية من الانسحاب، لكنها أوقفت مجدداً من قبل مُعتدين قبل بلوغها مركز الأمم المتحدة ثم عادت وتمركزت في ساحة البلدة ولم تعاود الاقتراب من مجدل زون. إلّا انّ القوات السلوفاكية رفضت التراجع، فهاجمها 20 مسلّحاً و8 سيارات، وتم الاعتداء على الجنود بالضرب وبتكسير آليّتهم، فحاول الجنود المدافعة عن أنفسهم بإطلاق 9 طلقات نارية في الهواء لإبعاد المسلحين عنهم، إلّا أنَّ المسلّحين انتزعوا أسلحة الجنود السلوفاكيين بعد ضربهم.

التوقيت مشبوه؟

العارفون يؤكّدون أنّ هذه الحادثة لا يمكن أن تكون عرضية بل نفّذت بأوامر صارمة من قبل جهة نافذة. لكنّ السؤال الكبير ما الهدف؟ وما نيّة هذه الجهة؟ هل الهدف إبطال التمديد الذي سيتم التصويت عليه في الأسبوع المقبل؟ أم هو رسالة مبطّنة بعد إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران؟ أم أنّ هناك نية لاستدراج معركة قريبة مع اسرائيل؟

الوقائع تشير الى أنّ المقاتلين القادمين من سوريا وصلوا الى الجنوب بمعنويات مرتفعة وبأعداد ملفتة، وهم في حماسة الى القتال... فهل هناك من قرار بالمواجهة من بوابة الجنوب بعدما بدأت تقفل تدريجاً البوابة السورية؟

أمّا المُلفت مصادفة وصول وزيرة الدفاع الايطالية أمس لمقابلة رئيس البلاد وذلك بعد يومين على الحادثة. فيما المعلوم أيضاً أنّ مصلحة إسرائيل بالتهدئة جنوباً أكبر بكثير من مصلحة الحزب بالتهدئة. فهل يريد الحزب الحرب؟