فور انتهاء أعمال قمّة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، أرسل الاخير موفداً خاصاً الى طهران ليبلغها بمطلبين إسرائيليين مدعومين أميركياً، من إيران في سوريا .
 

وفي معلومات خاصة لـ«الجمهورية» فإنّ المطلبين، كان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتينياهو أبلغهما لبوتين خلال لقائهما في الكرملين في ١٢ الشهر الماضي. وقام الروس بنقلهما للإيرانيين عن طريق مبعوث روسي زار طهران مباشرة إثر انتهاء مباحثات قمّة هلسنكي بين بوتين وترامب.

وفي التفاصيل الخاصة بهذين المطلبين وايضاً بحيثيات التفاوض التي جرت بشأنهما بين بوتين ونتنياهو ولاحقاً بين بوتين وترامب في هلسنكي ترد المعطيات الأساسية التالية:

يوم ١٢الشهر الماضي تواجد في وقت واحد كل من نتيياهو ومستشار المرشد الايراني علي اكبر ولايتي في موسكو. ورغم نفي ولايتي أن تكون زيارته ذات صلة بوجود نتيناهو، إلّا أنّ مصادر الكرملين تحدثت حينها عن وجود ملفات متشابهة يناقشها الطرفان كل على حدة مع الرئيس الروسي.

زيارة ولايتي كانت تريد إستباق قمّة هلسنكي والاطمئنان الى أنها لن تسفر عن تقارب اميركي روسي على حساب مصالح إيران في الإقليم وفي ملف العقوبات الأميركية ضدها.

أما نتنياهو فكان يريد ارتباطاً ايضاً باقتراب قمّة هلسنكي عرض أحدث مسودّة لمطالبه في الجنوب السوري من جهة، وبخصوص ملف القلق الاسرائيلي من الوجود الإيراني العسكري في سوريا من جهة ثانية.

وتكشف المصادر عينها أنّ موفد بوتين نقل الى الإيرانيين أنّ نتيناهو لم يركّز في آخر نسخة من المطالَب التي قدّمها خلال اجتماعه ببوتين في الكرملين يوم ١٢ /٧ على قضية انسحاب إيران «وحلفائها» من كل سوريا.

كما كشف الموفد الروسي لإيران انّ بوتين في آخر مرة عرض عليه نتيناهو هذا المطلب، أبلغه انّ روسيا توافق على مطلب انسحاب إيران من سوريا فيما لو جاء هذا المطلب من ضمن سلّة انسحابات شاملة من سورية، تشمل القوات الأميركية والقوات التركية وإيران و»حزب الله» وايضاً انسحاب إسرائيل من الجولان الذي تحتله.

وكرّر بوتين مطلبه هذا أمام ترامب في قمّة هلسنكي، معتبراً انّ انسحاب إيران وحلفائها يتمّ ضمن سلّة انسحاب كل القوات الأجنبية من سوريا، وبضمنها قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجولان الذي هو أرض سورية.

ثانياً - المطلب الأول لنتنياهو الذي حمله الموفد الروسي لطهران، لا يطالب بضرورة انسحاب إيران وحلفائها من كل سورية، بل تطلب إسرائيل بموجبه بضرورة أن تقوم إيران بسحب منظومة صواريخها البالستية من نوع فاتح ١١٠ وفاتح ٣١٣ من كل الاراضي السورية».

وتقول إسرائيل إنّ هاتين المنظومتين من الصواريخ قامت إيران بإدخالهما الى سوريا قبل فترة ليست طويلة، وإنّ طهران استخدمت صواريخ عدة من فاتح ١١٠ خلال قصفها لمواقع عسكرية قبل اشهر في الجولان رداً على قصف إسرائيل لموقع عسكري إيراني في مطار تيفور.

ويجدر التذكير هنا أنّ السيد نصر الله في تعليقه حينها على القصف ضد مواقع إسرائيلية في الجولان والذي حصل رداً على قصف إسرائيل لموقع إيراني في تيفور، كان أشار الى أنّ مجموعة الصواريخ أُطلقت على الجولان، كان بينها صواريخ نوعية.

ومعروف أنّ صاروخ فاتح ١١٠ المنتج من قبل «الجوفضائية» التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية عام ٢٠٠٢ يبلغ مداه ٢٥٠ كلم اما صاروخ فاتح ٣١٠ وهو جيل ثالث من هذه المنظومة فيبلغ مداه ٥٠٠ كلم.

وكان لافتاً الاجتماع الذي عقدته قبيل لقاء نتيناهو الاخير ببوتين في موسكو، اللجنة المصغّرة بشأن سوريا في بروكسل (تضم أميركا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاردن والسعودية وشاركت فيه مصر للمرة الأولى)، حيث اصدر بياناً دعا فيه الى ضرورة إجراء متابعة وتقييم للصواريخ البالستية الموجودة في سوريا والتي يحمل مداها تهديداً لأراضي الدول المجتمعة.

ثالثاً - المطلب الإسرائيلي الثاني الذي نقلته موسكو لطهران فيتعلق بضرورة امتناع إيران عن إنشاء قواعد عسكرية استراتيجية لها في سوريا.

وتفيد المصادر انّ روسيا التي نقلت لطهران هذه المطالَب الاسرائيلية مع إحاطة بتفصيلات النقاشات الروسية والأميركية والاسرائيلية التي دارت حولها، اكتفت لغاية هذه المرحلة بأداء دور ناقل الرسائل ولم تقم بالطلب من إيران بالتجاوب معها.

كما انّ إيران من جهتها اكتفت بالاستماع لرسالة المطالَب الاسرائيلية، علماً انّ معلومات مستقاة من مصادر سورية رسمية كشفت أنه إذا كان المعروض وفق الصيغة الروسية انسحاب كل القوات الاجنبية من سوريا، بما فيها إسرائيل من الجولان، فإنّ طهران سترحّب بهذه الصفقة وستكون أوّل مَن يوافق عليها. أما إذا كان المطروح هو سحب منظومة الصواريخ البالستية الإيرانية من سوريا وعدم إقامة قواعد عسكرية استراتيجية لها في سوريا، فإنّ هذا الطلب لا يملك أيَّ مستند له على الارض، ذلك انّ إيران لا تملك منظومة صواريخ في سوريا، وفي أحسن الأحوال هي قد تكون تملك صاروخاً ( بمعنى صواريخ عدة) وليس «منظومة او منظومات صواريخ»، أضف انّ وجودها العسكري لا يشتمل على قوات عسكرية، بل ينحصر بمستشارين عسكريّين لا تخفي طهران وجودهم، وهي تربط سحبهم بعاملين: طلب السلطة السورية الشرعية سحبهم، أو بعد انتهاء مهمة القضاء على الإرهاب في سوريا.

وفي تطوّر يعكس أوّل ردّ رسمي غير مباشر على المطالَب الاسرائيلية كما نقلتها موسكو لطهران بعد قمّة هلسنكي، قال امس الناطق باسم الخارجية الإيرانية إنّ الوجود العسكري في إيران ينحصر بمستشارين موجودين بطلب من السلطة الشرعية السورية، وسيتمّ سحبهم فور القضاء على الإرهاب وليس هناك مبرّر لأن تطلب دولة ثالثة ذلك.