في الثابت عند غالبية المسلمين شيعةً وسُنّةً أنّه لا ينالُ من أُمّهات المسلمين وصحابة الرسول إلاّ كلّ جاهل أو مُغرض أو صاحب فتنة يا معالي وزير الطاقة والصفقات
 

أولاً: زلّة لسان فخامة الرئيس...

 

لم أستلطف أو أستسيغ كلّ التعليقات والتهكّمات والتلميحات الساخرة التي تناولت فلتة لسان رئيس الجمهورية خلال احتفال الجيش في الأول من آب الماضي، لا بل ظهر أخيراً أن أكثرها ممجوج ومتكرّر ، وبعضها تافه إلى حدّ السفاهة، فالرئيس لم يتقصّد الإساءة لأحد، وإن هي إلاّ فلتة لسان عفوية لا تُثير نعرة أو فتنة ولا تُسبّب أي مكروه.

 

ثانيا : إفتعال وزير الطاقة لفتنة مذهبية...

 

ظهر فيديو لوزير الطاقة سيزار أبي خليل يتقصّد فيه إثارة نعرة مذهبية بين السُّنّة والشيعة، بدعاوى مضطربة حول تغيير إسم باخرة الكهرباء سيّئة الذكر، لأنّ إسم عائشة غير مُستساغ في الجنوب "الشيعي" كما يرى معالي الوزير.

 

ومُصاب اللبنانيين مع هذا الوزير جلل، إنّما مع الشيعة هذه المرّة أدهى وأمرّ، والمصاب أنّ الوزير لم يفشل فقط في تأمين الطاقة الكهربائية بعيداً عن صفقاته المشبوهة، بل كشف عن جهلٍ تام  في معرفة مكانة السيدة عائشة أمّ المؤمنين عند المسلمين سُنّةً وشيعة، وهذا بحدّ ذاته ليس عيباً، لكنّ المعيب أن يتقصّد إثارة مسألة حساسة بين المذهبين جاهلٌٍ مثله، وما لا يعرفُه كثيرٌ ممّن يجهل مكانة السيدة عند الشيعة يكفي أن نُذكّرهُ ما تناقلته الأخبار عن سيرة الإمام عليُّ بن أبي طالب بعد معركة الجمل وانتصار علي في هذه الواقعة ضد السيدة عائشة وصاحبيها طلحة والزبير، فقد ذكر أبو بكر بن أبي شيبة أنّ عبدالله بن بن بديل تقدم إلى عائشة مع أخيها محمد بن أبي بكر، فأمر بعقر الجمل، واحتملا الهودج حتى وضعاه بين يدي عليّ، ثمّ أُدخل منزل عبدالله بن بديل. وممّا تواتر في الأخبار أنّ عليّ بن أبي طالب اقترب من هودجها ، وكلّمها بكلام، فقالت : ملكت فأسجح (أي فأحسن)، فجهّزها بأحسن الجهاز، وبعث معها أربعين امرأة، وقال بعضهم: سبعين امرأة، حتى قدمت المدينة.

 

إقرأ أيضا : تذكير بمآثر الوزير باسيل غداة إقرار صفقة المليار ومئتي مليون دولار

 

 

حفظ التاريخ الإسلامي للإمام علي بن أبي طالب اجتهاده في قتال أهل القبلة حتى ضيّعهُ الإسلاميون هذه الأيام، فقد أمر بعد جلاء غبار المعركة بأن لا يُذفّ على جريح (أي لا يُجهز عليه)، ولا يُتّبع منهزم، ولا يُسلب قتيل، ومن ألقى سلاحه وأغلق بابه فهو آمن، وعندما سُئل عليٌّ عن أصحاب الجمل: أمُشركون هم؟ قال: من الشّرك فرّوا. قالوا: فمُنافقون هم؟ قال: إنّ المنافقين لا يذكرون الله إلاّ قليلاً. قالوا: فما هم؟ قال: إخوانُنا بغوا علينا.

 

وجرّت آثار معركة الجمل على عليٍّ بعض المصاعب والاعتراضات، وأولّ ما تكلّمت به الخوارج يوم الجمل قالوا: كيف أحلّ لنا دماءهم وحرّم علينا أموالهم! فقال عليّ: هي السُّنّةُ في أهل القبلة. قالوا: ما ندري ما هذا؟ قال: فهذه عائشة رأسُ القوم، أتتساهمون عليها؟ قالوا: سبحان الله! أُمُّنا. فقال: فهي حرام؟ قالوا: نعم. فقال: فإنّه يحرُم من أبنائها ما يُحرُم منها.

 

وماتت عائشة في أيام معاوية وقد قاربت السّبعين؛ وقيل لها: تُدفنين مع رسول الله (ص) ؟ قالت: لا، إنّي أحدثتُ بعده حدثاً، فادفنوني مع إخوتي في البقيع.

 

في الثابت عند غالبية المسلمين شيعةً وسُنّةً أنّه لا ينالُ من أُمّهات المسلمين وصحابة الرسول إلاّ كلّ جاهل أو مُغرض أو صاحب فتنة يا معالي وزير الطاقة والصفقات.