"جعجع في بيت الوسط" عنوانٌ لم يعد مستغرباً، إذ إن اللقاءات على خط معراب ـ بيت الوسط باتت عادية، لكنها اليوم أكثر من ضرورية سواء على صعيد التشكيل الحكومي أم لمواجهة "تسونامي" الفريق العوني، الذي يصر على الحصول على ثلث معطل يجعل من الحكومة المقبلة أداةً طيّعة بين يدَي الشخصية الأكثر استفزازاً لمعظم القوى السياسية، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل. 

لكن ما بدا لافتا في لقاء أمس الأول بين رئيسي الحكومة المكلف سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية سمير جعجع هو العلامات التي حملها هذا اللقاء، إذ لم يصرّح جعجع عقب اللقاء كعادة ضيوف بيت الوسط من ذوي الوزن السياسي الثقيل، كما وتقصّدت أوساط الطرفين عدم تسريب نتائج اللقاء والاكتفاء بالقول إن لا جديد على صعيد التشكيل.

وحمل عشاء ما بعد اللقاء رسائل عدة لا سيما أنه الأول بين الشخصيتين بعد استقالة الحريري من الرياض وفصولها الغامضة. وما لا شك فيه أن الاجتماع وما تلاه يلخص الدعم المعنوي الكامل للرئيس المكلف من حليفه السيادي القديم، عبر رسالة واضحة وصريحة للحريري يقول فيها إن حزب القوات إلى جانبه، وسيبقى، إضافة إلى أن في هذا الدعم تقديراً واضحاً لجهود الرئيس المكلف بوجه المطالبات الضاغطة بتجاوز حقوق القوات الوزارية. 

مقابل هذا المشهد، يبدو فتور العلاقة بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، واضحاً خلال الاحتفال بعيد الجيش الـ73، إذ لم يصافح الرئيس الأول الرئيس الثالث إلا رفعاً للعتب أمام الكاميرات، الجاهزة لتوثيق اللحظة بينهما، والتي بدت بعيدة كل البعد عن لحظة الودّ والأبوّة في احتفال عيد الاستقلال في تشرين الثاني 2017. بينما كان واضحاً التمايز بين المصافحتين، سلام عون ـ الحريري وسلام عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. علماً أن الأخير جمعته بالرئيس علاقة متشنجة على مدى أشهر، وليس آخرها ما نقلته أوساط بعبدا عن امتعاض رئاسي من الدور الذي يقوم به بري إلى جانب جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

تضع مصادر تيار المستقبل هذا اللقاء في إطار أزمة التشكيل الحكومي، بالإضافة لمواضيع أخرى بدأت تظهر أخيراً، وهي الضغط من بعض السياسيين باتجاه التطبيع مع النظام السوري لإعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، الأمر الذي كان الرئيس الحريري حاسماً تجاهه، وهو الموقف الذي يتماهى معه بالتأكيد الدكتور جعجع.

وعن دور هذا النوع من اللقاءات في إعادة إحياء 14 آذار، تقول المصادر نفسها في حديثها لـ"ليبانون ديبايت": "إعادة روحية 14 آذار هي الضمانة للبنان كله ومن ضمنه استقرار رئاساته الاولى، والثانية والثالثة". 

في المقابل، يؤكد النائب القواتي جورج عقيص ان التكتم حول اللقاء سرى على نواب تكتل الجمهورية القوية أيضاً، إذ لم يتم إعلام النواب بمجريات اللقاء، ولم يكن هناك اجتماع للتكتل لوضعهم في الصورة. 

ويضع عقيص في حديث لـ"ليبانون ديبايت" اللقاء في إطار التنسيق الدائم بين الحكيم والرئيس الحريري "لا سيما أننا اليوم أمام مرحلة حرجة ومفترق مهم على صعيد التشكيل يتوجب تنسيقاً دائماً وجهاً لوجه، لا عبر وسطاء". وتمنى توسيع بيكار هذا النوع من اللقاءات للتوصل للصيغة الحكومية المنشودة.

وتوقفت أوساط قواتية عند زيارة وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي لقصر بعبدا يوم أمس، ونقله لرئيس الجمهورية رسالة من جعجع تفيد بأن حزب القوات مستعد لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، لكن ضمن الحد الادنى المقبول للحجم الانتخابي والوزن السياسي، وهي الزيارة التي لا بد أنها نقلت أجواء اللقاء لبعبدا.

وفسرت الحد الأدنى المقبول الذي تحدث عنه الرياشي، بالحصة التي لا تقل عن 5 وزراء، والتي هي "نقطة الانطلاق" بالنسبة للقوات. وعن "تسهيل مهمة الرئيس المكلف" قالت الأوساط إن القوات مستعد للتسهيل لكن عندما يكون هناك أسس واضحة للتفاوض، وتكون التنازلات من كل الأطراف وليست فقط على حساب القوات.