عون يلاقي الرئيس المكلف في منتصف الطريق، ويقطع الطريق على المعرقلين
 

تبدي مصادر سياسية إرتياحها للمنحى الذي اتخذه ملف تأليف الحكومة وذلك بعد الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الفياضية بمناسبة الاحتفال بعيد الجيش، وحسم فيه موقفه من الجدل الدائر بين الرئيس المكلف سعد الحريري والتيار الوطني الحر حول شكل الحكومة العتيدة، وهل ستؤلف من الأكثرية أم ستكون حكومة وحدة وطنية تضم كل المكونات السياسية ولا تستثني أحداً منها مراعاة لمقتضيات الوفاق الوطني التي ينص عليها الدستور.


هذه المصادر ترى أن الرئيس عون كان واضحاً لجهة التمسك بحكومة وفاق وطني تضم كل المكونات السياسية في البلاد لتكون قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية الداهمة، وتنصرف إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية وتهيئة الأرضية الصالحة والمطلوبة دولياً لاستفادة لبنان من الدعم الذي أقر في المؤتمرات الدولية، وبالأخص في  مؤتمر سيدر والبالغة أكثر من 11 مليار دولار أميركي، وبذلك يكون الرئيس عون قطع الطريق على التيار الوطني الحر الذي أظهر مؤخراً رغبته في تشكيل حكومة من الأكثرية يُقصي منها مكونين أساسيين في التركيبة اللبنانية هما القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وبذلك يكون رئيس الجمهورية اقترب عدّة خطوات من الرئيس المكلف الذي يرفض بإصرار توجه التيار الوطني الحر لأنه يدخل لبنان في متاهات كثيرة ويضيع الفرص الدولية المتاحة له، ويتمسك بتشكيل حكومة وفاق وطني جامعة، أي انها لا تستثني أحداً من المكونات اللبنانية التي عناها الرئيس عون في خطابه بمناسبة عيد الجيش أمس.


وتأمل هذه المصادر ان يشهد ما تبقى من الأسبوع الحالي والاسبوع المقبل، حركة مشاورات مكثفة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وبين الرئيس المكلف والقوى السياسية المعنية لتذليل ما تبقى من عقد تحول دون ولادة الحكومة، بما يوفّر المناخات الإيجابية المؤاتية لولادتها قبل منتصف الشهر الجاري على أبعد تقدير، خصوصاً وان القوات اللبنانية تبدي استعدادها للتعاون مع الرئيس المكلف وتقديم كل التسهيلات اللازمة لانجاحه في مهمته شرط ان يتخلّى البعض عن سياسة التفرد والاستئثار بالسلطة من خلال التحكم بالحكومة العتيدة من منطلق كونها حكومة العهد الأولى التي يستند إليها لتحقيق الخطط والمشاريع التي رسمها لعهده، والتي ما زالت حتى الآن تضع العصي في طريق الرئيس المكلف وتفشل كل المحاولات التي يبذلها مع الأطراف المعنيين للوصول الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الأطراف كافة حسب حجمها التمثيلي.


المصادر ذاتها تميل إلى الاعتقاد بأن الموقف الايجابي لرئيس الجمهورية، لم يأت من فراغ، بل ولم يكن ليعلنه لو لم يكن على تفاهم مع جميع المسؤولين في تياره السياسي، على وجوب التراجع عن سياسة وضع العراقيل في طريق الرئيس المكلف وتقديم بعض التنازلات لتسهيل ولادة حكومة العهد الأولى ولذلك شدّد في كلمته على ان تكون هذه الحكومة جامعة للمكونات اللبنانية من دون تهميش أي مكون أو إلغاء دوره، ومن دون احتكار تمثيل أي طائفة من الطوائف، واذا كان بعض المطالب قد أخر حتى الآن تشكيل الحكومة في مرحلة دقيقة ومليئة بالتحديات بالنسبة إلى لبنان، فأودّ هنا أن أجدد تأكيد عزمي بالتعاون مع الرئيس المكلف على إخراج البلاد من أزمة تأخير ولادة الحكومة، مراهناً على تعاون جميع الأطراف وحسهم الوطني، لأن أي انكفاء في هذه المرحلة من تاريخنا المحاطة بالأعاصير وصفقات القرن، خيانة للوطن وآمال الناس الذين عبروا في صناديق الاقتراع عن خياراتهم وتطلعاتهم، وانا ملزم بحكم مسؤولياتي كرئيس للجمهورية باحترامها وعدم السماح بالتنكر لها.


هذا الكلام الواضح والصريح الذي اطلقه رئيس الجمهورية، من شأنه وفق المصادر السياسية ذاتها ان يضع حداً لتلاعب البعض في الوقت الضائع، ويسهل مهمة الرئيس المكلف الذي يُصرّ على أن لا يُشكل إلا حكومة وفاق وطني تجمع كل المكونات اللبنانية، وتكون في الوقت نفسه متوازنة وطنياً، بحيث لا تعتبر انتصاراً لفريق على الفريق الآخر وفق ما تسعى إليه بعض الأطراف المعنية بمسار تأليف الحكومة.


وفي السياق، دعت مصادر قريبة من بعبدا كل العاملين على مسار التأليف العودة لمضمون كلام رئيس الجمهورية كونه يشكل خريطة طريق للمرحلة المقبلة. وأكدت انه وضع حداً فاصلا لكل الكلام الذي قيل عن الحكومة وسبل تشكيلها وما يتعلق بما أثير من أمور حول تعاونه مع الرئيس المكلف وتركيبة الحكومة وتمثيل المكونات اللبنانية، وأوضحت انه أراد من هذه الفرصة الجامعة أن يكون كلامه واضحاً للجميع من جهة، وبمثابة السقف لعملية التشكيل وكل ما يتعلق ببناء الدولة من جهة ثانية.