حاكم يسقط الدولة... 

إنه الحاكم بأمره يا سادة ...

إنه الحد الفاصل بين الاستقرار والإفلاس....

إنه المهندس المالي الاعظم الذي استدان من البنوك خمسة مليارات دولار على خمس سنوات بفائدة 87.5%، هندسة سريعة وحاسمة تمكن خلالها أربعة مصارف من تحقيق سبعمئة مليون دولار أرباحاً خلال ايام....

إنه اليقظ الذي يقع تحت إدارته جيش من الخبرات الاقتصادية، اكتشف بالأمس القريب أن المصارف كانت لمدة تزيد على عشرين سنة تتلاعب بالقروض وتعطي الميسورين المال لشراء شققهم الفخمة عبر الاستفادة من قروض مدعومة هي مخصصة اصلاً للطبقات الوسطى. فأوقف الدعم...

إنه المنعش للاقتصاد اللبناني وبالاخص القطاع العقاري. انظروا إلى تجار البناء يتهاوون، ينهارون، يتباكون ويصرخون "شو كان بدّي بالهشغلة عندي 20 شقة وما معي ليرة بجيبتي". والعمال والمتعهدين يدعون لصاحب المشروع "يبعلو شي شقة بركي بيدفعلي".

إنه المخلّص الذي حرّر الفائدة من كل الضوابط لتصبح عشوائية. اليوم يعرض مصرف كبير 15% على الودائع بالليرة لبنانية وغداً ستسمعون بالــ 20% . ألــــ BRR تخطى 7% وغداً سيتخطى 9%.

إسألوا عن BRR الذي يطال حتى الذين حصلوا على قروضهم المدعومة منذ سنين ليحولها إلى قروض ملعونة....

إنه المبشرّ الذي يطمئن المواطن في كل حديث له على سلامة الوضع المالي واستقرار الليرة. إذا أعاد التاريخ نفسه وعاد سعر صرف الدولار الى ثلاثة آلاف ليرة لبنانية فاعلم أيها المواطن أن رصيدك في الليرة في البنوك سيساوي نصف قيمته بالدولار أما دينك بالليرة للبنك فسيبقى نفس قيمته بالدولار عندها فقط اعلم أنك ضحية صفقة القرن المصرفية حيث ستحقق المصارف أكثر من 30 مليار دولار أرباحاً خلال ساعات ...

هل نكون ذاك الضفدع الذي وضع في الماء على نار هادئة فراح يتأقلم مع ارتفاع الحرارة ولم يحاول الخروج من الماء...

وعندما بدأ الماء بالغليان حاول الفرار لكنه وجد نفسه عاجزاً عن الحركة ...

هل سيخبر ماكينزي تلك الفتاة المدلّلة هذه الحكاية ...

هل سيأتي أحد المستشارين إلى ذاك الصهر ويسرد له هذه الرواية ...

هل سيتدخل صاحب الوعد الصادق ويحمي أشرف الناس ...

هل سيسقط هذا العهد على رؤوسنا ....

(مارك فارس)