لا يملُّ توفيق دبوسي من إطلاق المبادرات الفعالة وتفعيل التواصل لصالح اللبنانيين ، وهو على يقين بأن الشموع التي يضيئها ستتحوّل نوراً يضيء ظلام الإهمال والحرمان ذات فجرٍ آتٍ وقريبّ!
 
تشهد غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال يوم الأربعاء 31 يوليو 2018 توقيع إتفاقية شراكة بين غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي والإتحاد العمالي العام ، في خطوة غير مسبوقة وذات دلالة عميقة عن تحوّل في طبيعة العلاقة المتوترة تقليدياً بين النقابات العمالية والهيئات الإقتصادية ، بإتجاه الحوار والتعاون وصولاً إلى ميثاق إقتصادي إجتماعي وطني يكون مدخلاً لإيجاد الحلول للمعضلات الكبرى التي يتخبط بها الإقتصاد الوطني وما ينتج عنها من تداعياتٍ إجتماعية مقلقة.
 
معادلة جديدة: من التوتر إلى التعاون
 
تتميّز هذه المبادرة بأنها تضع غرفة طرابلس والإتحاد العمالي العام في جبهة واحدة بمواجهة الفقر والبطالة والتراجع في فرص العمل والإنتاج ، وتفتح أبواب الحوار مع كل الهيئات الإقتصادية التي ستراقب عن كثب وبإهتمام وتشجيع هذه الخطوة التي توازن بين مطالب الفئات العاملة ومتطلبات أصحاب العمل.
 
فالعمال يشتكون من غياب الضمانات ومن تراجع قيمة الأجور وإختلال التوازن المعيشي ، وأرباب العمل يشتكون من تراجع جودة العمالة اللبنانية وإهمالها لمتطلبات السوق والمنافسة الأجنبية.. ولكن الجميع يتفرّج على الأزمة بدون أن يتقدم بالحلول الواقعية الممكنة.
 
الخطوة الناقصة قام بها رئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي ورئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر ، من خلال إتفاقية شراكة تراعي حاجات الطرفين ، وتضع آليةً واضحة لمعالجة الإشكاليات والعوائق التي تحول دون تحريك المعادلة الجامدة منذ عقود من الزمن.
 
المصارحة والإعتراف بالمشاكل
 
إن أول منطلقات المعالجة الإعتراف بالمشكلة حتى يمكن حلُّها ، وهنا يعترف الجميع بأن الأوضاع الإقتصداية السيئة تلقي بثقلها على العمال بشكل يفوق إحتمالهم ، وأن هناك حاجة ملحة لتطوير مهاراتهم في وجه المنافسة الحالة من اليد العاملة الأجنبية ، علماً بأن إحدى أهم قواعد الإنتاج تقضي بعدم التخوّف من رفع الراتب ما دام الإنتاج في تقدّم.
 
ومن هنا ركزت إتفاقية الشراكة على أهمية الضمير المهني والجودة والإتقان ، وعلى فتح باب التأهيل المهني لتمكين العمال من تطوير قدراتهم ومن الصمود في المنافسة الدائرة على الأسعار وعلى مستوى الجودة.
 
أبرز بنود الشراكة 
 
التنسيق المشترك والاستعانة بالقدرات التي يتمتع بها كلا الجانبان والتعاون في مجال التنمية الوطنية وخلق فرص العمل وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والقيام بالدراسات وتطوير القدرات في مجالات التخطيط والتنفيذ والادارة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. 
 
وانطلاقاً من رؤية الغرفة بإعتبار "طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية"، وكذلك إنطلاقاً من نشاط الاتحاد كممثل لمختلف شرائح العمل المنضوية تحت لوائه.. وتجسيدا لإرادة التعاون المشترك كلّ في مجال اختصاصه وتطلعاته، وميادين عمله، وبغية الاستفادة من الخبرات المتاحة لدى الجانبين في كافة الميادين، للوصول إلى بلورة صيغة "ميثاق إقتصادي إجتماعي وطني وإنساني".
 
 
ولعل أبرز البنود التي يجب الوقوف عندها:
 
ــ التأكيد على القيمة الاخلاقية والضمير المهني والهدف الانساني السامي كمنطلق للانتاج والعمل لتنمية الانسان وتعزيز الالتزام بالآداب المهنية. 
 
ــ تثبيت الهوية الحضارية لعمال لبنان عبر تأهيلهم وتطوير قدراتهم الشخصية ومهارات التعامل وحسن التواصل لتكون الجودة شاملة وتعبر عن لبنان الرسالة.
 
ــ مواكبة التوجهات التطويرية في مجال العدالة الاجتماعية وافساح المجال لجميع الشرائح في نيل الفرص المنصفة في العمل.
 
وفي سبيل تطوير قدرات العمال اللبنانيين تضع إتفاقية الشراكة بين غرفة طرابلس والإتحاد العمالي في أهدافها "تنظيم دورات تدريبية واطلاق ورش عمل للعاملين في القطاعين الخاص والعام لصقل المهارات وإستثمارها في مجالات تطوير وتحسين الخدمات المطلوبة وفق تطبيقات معايير الجودة العالمية." 
 
إضافة إلى دعم التدريب المهني المعجل باعتباره مدخلاً أساسياً لتطوير مهارات العمل وذلك من خلال دورات متخصصة لتلبية احتياجات السوق والبيئة التنافسية ، ومواكبة متطلبات اقتصاد المعرفة والمساعدة في توجيه سوق العمل نحو هذا الاقتصاد النامي والمعاصر. 
 
التوحد في مواجهة التحديات
 
تتضمن إتفاقية شراكة غرفة طرابلس بنوداً تقنية تنظم آليات التعاون ، ولكن الأهم في كل هذا الحدث ، هو هذا الإختراق الكبير في العلاقة بين الإتحاد العمالي والهيئات الإقتصادية والعثور على المعادلة المفقودة الموصلة إلى التعاون وإلى تحديد البطالة والفقر كعدوٍ واضح ، وإعتماد المبادرة والتطوير والمصارحة حليفاً ونصيراً.
 
إتفاقية الشراكة بين غرفة طرابلس والإتحاد العمالي العام خطوة جريئة في الإتجاه الصحيح ، وعملٌ بنـّاء لتحريك الجمود وإدخال معادلات التأهيل والتطوير لتفعيل الإنتاج وإستعادة عناصر العدالة الإجتماعية المفقودة وسدّ الثغرات في مستوى الإنتاج اللبناني من خلال تعميم معيار الجودة وضخّ المعنويات والأمل في إيجاد مخارج لأطراف الأزمة رغم كل ما يشوب الواقع اللبناني من ضبابية وغموض.  
 
لا يملُّ توفيق دبوسي من إطلاق المبادرات الفعالة وتفعيل التواصل لصالح اللبنانيين ، وهو على يقين بأن الشموع التي يضيئها ستتحوّل نوراً يضيء ظلام الإهمال والحرمان ذات فجرٍ آتٍ وقريبّ!