لو بقي اللبنانيون لسنين بلا حكومة ما الذي يفقده أو يخسره المواطنون طالما أن الحكومة عاجزة عن حلّ مشكلة بسيطة من مشاكل البلد المتكدّسة ؟
 

فقد اللبنانيون منذ زمن إحساسهم الجميل تجاه حكومة راعية لمصالح الناس خاصة وأن استقالة السلطة التنفيذية من مهامها أسّس لخلل كبير في علاقة الناس بالسلطة لذا لا يهتم اللبنانيون بأمر تشكيل الحكومة بالقدر الذي تعنيهم عقدُ التشكيل كونها تعكس هوى الشارع في انقساماته السياسية وهذا ما يشُدُّ عصب الناس المتوزعة الولاءات ما بين حزب وحركة وتيّار .

 

لو بقي اللبنانيون لسنين بلا حكومة ما الذي يفقده أو يخسره المواطنون طالما أن الحكومة عاجزة عن حلّ مشكلة بسيطة من مشاكل البلد المتكدّسة ؟ وما الذي سيربحه المواطنون لو أن الحكومة قامت قيامة الميت من حفرته ؟ سؤالان تجيب عنهم الأغلبية اللبنانية ببساطة متناهية لا شيء على الإطلاق طالما أن الحكومة عاجزة عن حلّ أي مُشكل من الماء الى الكهرباء إلى النفايات إلى البنية التحتية إلى الإقتصاد المتدهور بطريقة سريعة جداً دون أن يُدرك أهل السياسة ما أدركه أهل الإقتصاد من إفلاس مشابه تماماً للإفلاس السياسي .

 

حذّر الوزير جبران باسيل من عدم التسريع في تشكيل الحكومة وفق المواصفات والمعيارية " الباسيلية " لأن ذلك سيدفعه إلى الذهاب لتشكيل حكومة أكثرية بحيث ضرب بعرض الحائط كل فلسفته الخاصة عن الشراكة والميثاقية وكل ما أدهشنا به التيّار الوطني الحر من أدبيات طائفية لا تحتكر السلطة بل إنها تتسع للجميع . كما أن حزب الله صرّح بضرورة التسريع لتشكيل حكومة وطنية لا تنسى أحداً . 

 

 

إقرأ أيضا : تفاؤل حذر حول تشكيل الحكومة العتيدة

 

 

وبين هذا الموقف وذاك تتلبّد الغيوم وسط التأليف الحكومي لأن الدّاعين الى التسريع هم من أكثر الناس حرصاً على عدم ولادة الحكومة نتيجة المبالغة في التعقيد الحكومي لجهة المحاصصة التي يريدونها وفق رغبتهم ووفق مصالحهم دون الإهتمام بمصالح الآخرين وهذا ما يجعل السلطة بيد قوى متفاهمة على دورين أحدهما داخلي مرتبط بتملّك السلطة بحيث تصبح الحكومة مملوكة كأيّ ملكية من الملكيات الخاصة والآخر خارجي متصل بسياسات الإقليم والتمسّك بالحسابات السورية على حساب الحسابات العربية وخاصة الحسابات الخليجية .

 

لا يؤمن أحد في لبنان بأن هناك غيرة من قبل التيار وحلفائه على النائب طلال أرسلان لتوزيره على حساب حصة  النائب السابق وليد جنبلاط الدرزية بالقدر الذي يدفع به التيّار ومن معه الى سدّ ثغرات السلطة المملوكة بأكثرية وزارية منسجمة مع الحسابات السياسية المذكورة وما البدع القديمة والمستجدّة في المحاصصة السياسية وجعل القصر حصة مستقلة إلاّ توكيداً إجرائياً على قيام حكومة بالمعنى الذي انصرفنا إليه أي حكومة تُمثّل رغبة فريق سياسي يرى بالعين السورية المجرّدة .

 

لو افترضنا أن الخلاف القائم ما بين التيّار و القوّات اللبنانية والمعطّل للتأليف الحكومي هو بين التيّار وجهة مسيحية من طبيعة التيّار لتمّ التوزير العادل دون وضع عراقيل لأن هذا التمثيل يأتي مكملاً لوزراء التيّار تماماً كما فعل الرئيس نبيه بري عندما أعطى وتنازل عن وزير شيعي لصالح وزير من طائفة أخرى إلاّ أنّه من طائفة 8 آذار فجاء التخلّي عن الهوية الطائفية لصالح الهوية السياسية .

 

يتصرّف فريق 8 آذار كمنتصرين لذا يضعون الشروط تلو الشروط على بقايا فريق 14 آذار ولولا الرعاية السعودية المباشرة للتقدّمي و القوّات و المستقبل لما كان باستطاعتهم الصمود حتى الآن تحت هذا الكمّ من الضغط الهائل .