هل هذه كانت مرثية من قضوا في زنازين الأسد تحت التعذيب والقهر والجوع والمرض؟
 

تُفسح جريدة الأخبار زاوية كاملة في صفحتها الأخيرة للشاعر نزيه أبو عفش تحت عنوان: يوميات ناقصة، وكان ينبغي أن تحمل عناوين: كرامات ناقصة، أو مرؤات ناقصة، أو مخازي كاملة. 

 

المهم أنّ أبو عفش اختار لمقطوعته الشعرية-النثرية يوم الإثنين 28 تموز 2018 عنوان: وماتوا مُستغيثين، وقدّمها لأولئك الذين ظلّوا مثابرين على الحياة حتى فجر أربعائهم الأخير في 25 تموز 2018. ويتركنا "الشاعر" في حيرةٍ كاملة أو ناقصة (والله أعلم)، هل هذه كانت مرثية من قضوا في زنازين الأسد تحت التعذيب والقهر والجوع والمرض؟ هؤلاء الأموات الذين "أنهوا ما يتوجب عليهم من ضرائب الحياة".هؤلاء الذين ظلّوا أحياء من قبل "لُحيظات من نهايات أعمارهم، إذ كانوا لا يزالون بكامل حياتهم وكامل آلامهم وكامل خوفهم، كانوا يتألمون ويبكون (كانوا بوسعهم أن يتألموا ويخافوا ويبكوا)، كانوا يستغيثون".

 

إقرأ أيضا : حزب الله يحكم إعلام لبنان... ونحتاج جريدة تواجه الأخبار

 

 

أبو عفش: مرثيّتُك الشعرية رائعة، رائعة لو أنّك وجّهتها لمن قضوا تحت التعذيب، وقاسوا أمرّ الامتهانات البشرية من أبناء وطنهم، وزعيمهم المُفدّى في نظرك ونظر زملائك في جريدة الأخبار بشار حافظ الأسد. رائعة لو أنّك لم تطمس هوية أبناء جلدتك الذين تتخيّل آلامهم وخوفهم وبكائهم، حتى أنّك تستطيع أن تسمع استغاثاتهم. ولكن، للأسف، يومياتك ناقصة، وشعرُك ناقص، والمنبر الذي تستخدمه ناقص، وأخيراً، تبّاً للشعر إن لم يخلُص إلى حبّات القلوب، ويلامس أسمى المعاني الإنسانية ويُغني قيم الحياة، كانت العرب تقول: أصاب الهدف من أصاب الحقّ في جملة، فلا تغتبط كثيراً أيها الشاعر بالنظام الأسدي ومخازيه، ولا يمكن أن تعطيه حذلقات لغوية براءة ذمة من دماء وآلام السوريين الأبرياء.

 

قال سعد بن أبي وقّاص لعُمر ابنه، حين نطق مع القوم فبذّهُم (أي غلبهم وتفوق عليهم)، وقد كانوا كلّموه في الرضا عنه، قال: هذا الذي أغضبني عليه أنّي سمعتُ رسول الله (ص) يقول: يكون قومٌ يأكلون الدنيا بألسنتهم كما تلحسُ الأرض البقرةُ بلسانها.