"خوة شهرية" يفرضها أحد أبناء عشائر بعلبك على البلدية بقيمة 25 مليون ليرة لبنانية منذ سنوات، مقابل السماح لشاحنات البلدية المرور من أمام منزله لتفريغ حمولتها في مكب الكيال الذي تعتمده البلدية منذ أكثر من 20 سنة لرمي النفايات، والواقع في حي الكيال الملاصق لحي الشراونة، والأخير يرتبط اسمه بالفلتان الأمني والخروج عن القانون.

هي معلومة وصلت لـ"ليبانون ديبايت"، وبعد التقصي عنها، تبيّن أن النفايات في مدينة الشمس تخبّئ في عتمتها تفاصيل فساد كبيرة خضعت فيها مؤسسات الدولة لبعض الأشخاص النافذين عشائرياً وفرضوا بقوة السلاح أمر واقع أقل ما يمكن أن يُقال فيه إنه يحول المدينة إلى غابة، يُتلف فيها القانون ويرمى أمام عروشٍ من نصّبوا أنفسهم قوامين على الدولة.

تؤكد مصادر محلية أن من يفرض "الخوة" على بلدية بعلبك هو المدعو و. ج، وترضخ البلدية لرغباته المالية كل شهر، وإن تأخرت بتسديد المال يلجأ لقطع الطريق على شاحنات النفايات ويمنعها من المرور تحت قوة الترهيب بالسلاح. علماً أن الأرض التي يقع فيها المكب لا تعود ملكيته لـ و.ج بل هي أرض مشاع ملك الدولة، لكن المعبر الوحيد إلى مكب الكيال يمرّ من أمام منزله. وتقول المصادر إن البلدية تقوم بدفع هذه الأموال تحت حجة بدل ردم وطمر النفايات في المكب.

وفي طريق الاستقصاء عن هذه المعلومة، تفضح المصادر نفسها أنه منذ سنتين وبتمويل دولي تم افتتاح معمل الفرز والمعالجة في منطقة تل الأبيض، بعد سنوات من المماطلة، وهو المعمل الذي كان من المفترض أن ينهي حالة مكب الكيال الهجينة. لكن ما إن أبصر المعمل النور حتى تم إحراقه عمداً. وتضاربت المعلومات حول هوية الفاعلين، وتشتبه المصادر بالمدعو و. ج نفسه وذلك للإبقاء على المكب، وبالتالي على مصدر رزقه غير الشرعي. كما تشتبه بعشيرة أخرى، وهي الأغلبية الساحقة في المنطقة التي تم افتتاح المعمل فيها، وذلك على خلفية خلافات مع البلدية حول فرض توظيفات في المعمل نفسه لصالح العشيرة.

مهلاً، لم تنتهِ القصة هنا، فلا زال خلف قصة مكب الكيال فضيحة ثالثة، وهي أن المكب موقع تاريخي أثري، وكان من المفترض أن يكون سياحي لا مكباً عشوائياً للنفايات.

تؤكد مصادر المديرية العامة للآثار لـ"ليبانون ديبايت" أن المكب عبارة عن مقلع روماني، عمره من عمر قلعة بعلبك وربما يتجاوزها بسنوات، كونه كان المقلع الذي يتم فيه قص الصخور ونحتها، ومن ثم أخذها إلى قلعة بعلبك لبنائها وبناء معابدها، وحتى اليوم توجد فيه آثار لأحجار منحوتة كانت تتحضر لنقلها إلى القلعة. 

وتتأسف المصادر للضرر الذي لحق المقلع بسبب احتوائه للنفايات منذ أعوام، بالإضافة إلى تعديات البناء التي حصلت على الموقع. وتؤكد أنه تم استقدام بعثة ألمانية في العام 2005 للكشف على الموقع، ولكنها بعد الوضع المذري بسبب تأثير النفايات، رفضت إكمال دراستها وطالبت بإزالة النفايات لمتابعة عملها.

"في انتظار رفع النفايات عنه لا يمكننا فعل أي شي" هذا لسان حال المديرية أمام أمر واقع فُرض على موقع أثري "هام جداً" باعتراف المديرية، من الناحية الاثرية والتاريخية وطبيعة ونوع الصخور التي يضمها المقلع، وتم استعمالها ببناء قلعة بعلبك الأثرية.

من جهته، يرفض رئيس بلدية بعلبك حسين اللقيس ما يشاع عن أن بعض النافذين من أبناء العشائر يفرض "خوة" على البلدية، ويؤكد أن الأموال التي تتقاضاها "شركة خاصة" هي بناء على عقد رسمي ومقابل عملية طمر وردم النفايات للتخلص من الروائح.

ويشير اللقيس إلى أن مكب الكيال يتجه إلى الإغلاق بشكل نهائي مع نهاية العام، عندما يتم إنهاء تنفيذ المطمر الصحي لجانب معمل الفرز والمعالجة في تل الأبيض. ويلفت إلى استئناف العمل بالمعمل منذ بداية 2018، ويستوعب اليوم 140 طناً من النفايات من مدينة بعلبك وبعض القرى المحيطة، ويتم العمل على توسيعه لاستيعاب 250 طناً يومياً، أما العوادم فيتم نقلها إلى مكب الكيال.