قدرة إيران في العراق غير محدودة وغير محصورة فهي تمسك بأكثر التنظيمات المسلحة ولها تواجد حيّ في كل البُنى العراقية
 

بعد المزيد من العقوبات الأمريكية على إيران علا صوت الرئيس روحاني على أميركا فهدّد وتوعّد كقائد من قيادة الحرس لا كرئيس لدولة يجهد لحلّ ما يرضي الدولة التي يرأسها والتي تتطلب دبلوماسية هادئة لمواجهة دولة لا تُهدّد خاصة في ظل إدارة دونالد ترمب الذي يبحث عمن يقول لا لأميركا ليؤدبه بالطريقة التي يراها مناسبة وتبدو كوريا مثلاً ومثالاً اذ تراجعت عن جهدها المبذول منذ قيام كورية الشيوعية لتحسين شروط قدراتها النووية ولبّت شروط ترمب لفكّ الحصار عنها وإزالة أعباء الضغوطات الإقتصادية عن كاهل الدولة الفقيرة.

تهديد روحاني ورد ترمب ليسا من قبيل الفعل الكلامي بقدر ما هما رسالة مباشرة عن صعوبة المرحلة القادمة بين الدولتين والتي ستشهد لا حصراً بل كأولوية معركة مفتوحة في العراق باعتباره الورقة التي تمسكها واشنطن وطهران بقوّة والتي تعكس مصالح حيوية لا يمكن لإحدى الدولتين أن تترك العراق للعراقيين وما يزيد من احتمالات التصعيد في العراق وضع العراق المساعد على التماهي مع الصراع الأمريكي - الإيراني وجهوزية فصائل شيعية للعب دور المقاومة في مواجهة الإحتلال الأمريكي إضافة الى جهوزية داعش أو من يشبه هذا التنظيم الى تفجير أتباعه بالأمريكيين وقدرة إيران على تسهيل عمليات تفخيخ متطرفين سُنة ضدّ الوجود الأميركي في العراق.

إقرأ أيضًا: مقتدى الصدر وأبو هريرة الشيعي

إن قدرة إيران في العراق غير محدودة وغير محصورة فهي تمسك بأكثر التنظيمات المسلحة ولها تواجد حيّ في كل البُنى العراقية بحيث لا يمكن أن ترى مجالاً أو مكاناً لا تحتله إيران وهذا ما جعل منها الدولة الأقوى في العراق حتى من"الدولة" العراقية نفسها والتي كانت وما زالت بمثابة دويلة طوائف تابعة لدولة إيران. لذا كانت أميركا تتفاهم مع الإيرانيين في العراق في مواضيع الأمن والسياسة وكانت الحكومات العراقية تُتاح وتنتج  نتيجة لهذا التفاهم حتى أن مواجهة إرهاب داعش كان بتعامل الدولتين مع بعضهما البعض في العراق.

كما أن أميركا لم تترك العراق منذ إسقاطها لنظام صدام وتأسيسها لسلطة طائفية مؤسسة لحروب دائمة بين أطياف المجتمع العراقي نتيجة بروز غلبة شيعية بحكم السلطة المعطاة لرئاسة الوزراء الشيعية وباتت أكثر تواجداً وتمركزاً في الأمن والاقتصاد العراقيين بعيد إنهائها لتنظيم داعش وإعادة الدور للدولة التي فقدت مصداقيتها أثناء احتلال داعش لنصف مساحة العراق وكاد هذا التنظيم أن يصل ويسقط بغداد لولا التدخل الأمريكي المباشر بقيادة حلف دولي استثنائي ضدّ تنظيم أصبح بحجم دولة.

هاتان الدولتان هما مصدرا راحة العراق أو خرابه دون أن يلعب العراقيون فيه الدور الثالث فهم منقسمون لصالح أحد الدورين الأمريكي أو الإيراني وبدون تردد أو تمعن يرشدهم الى ضرورة البحث عن خياراتهم العراقية لا الإيرانية أو الأمريكية وهذا ما جعل من العراق ملعباً للكرات ليس أكثر ومن هنا يأتي تهديد الرئيس روحاني لأميركا كرسالة عراقية أولاً لثني أميركا عن تهديداتها وعقوباتها بحق إيران والتي ستضع الجمهورية الاسلامية في أصعب أوضاعها و ظروفها خاصة وإن إمكانية تنويم المجتمع الايراني بالصوم لمواجهة أنواع الحصارات الأمريكية لم تعد تجدي نفعاً فالشعب الإيراني في أوج حضوره للدفاع عن لقمة عيشه المسروقة والمنهوبة بفعل سياسات الحرس الذي يبحث عن قوّة الدولة لا في الشعب الايراني بل في أذرع إيران الممتدة في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط من خلال حروب أنهكت وأنهت الاقتصاد الايراني دون ثمن يُذكر حتى الآن من اليمن الى سورية.