قطع وعوداً خلال الانتخابات... وتجاهلها بعد النتائج
 

جدّدت الاحتجاجات التي ظهرت في منطقة بعلبك في شرق لبنان، اعتراضاً على مقتل واحد من أكبر المطلوبين للدولة اللبنانية، النقمة على «حزب الله» وحلفائه في المنطقة، تمثلت في إحراق راياته، وتوجيه انتقادات شديدة اللهجة لأمينه العام حسن نصر الله، ما يوحي باتساع رقعة التململ الشيعي من الحزب.

وقلل أنصار الحزب من أهمية الاحتجاجات، ووضعوها في خانة «الصراع بين المهربين»، واصفين القائمين عليها بأنهم «مجموعات متضررة من دعم الحزب قرار السلطة اللبنانية بإنهاء ظاهرة مهربي المخدرات وإطلاق النار، ومكافحة المطلوبين للدولة».

وارتفعت الأصوات المعارضة لقرار الحسم الذي اتخذته الدولة اللبنانية في البقاع، إثر العملية الأمنية التي نفذها الجيش اللبناني الاثنين الماضي، وأفضت إلى مقتل واحد من أكبر المطلوبين للقضاء اللبناني و7 آخرين من أنصاره، وتمثلت في قطع الطرقات، وإعلان موقف معارض للحزب إثر العملية أمام كاميرا التلفزيون، وصلت إلى حد توجيه أحد المعترضين الاتهامات للحزب بالوقوف، وراء ما سماه «عملاً شنيعاً»، في إشارة إلى مقتل المطلوب، وبأنه «ظالم»، متوعداً بأن «دمنا غالٍ»، وقال إن ممثلي الدولة والأحزاب «اجتمعوا علينا واتفقوا على سفك دمنا لأننا نقول (لا للجوع)».

وأوضح الجيش اللبناني، أمس، ملابسات العملية الأمنية التي أدت إلى مقتل 8 أشخاص، من مطلوبين ومرافقين أشخاص كانوا معهم إثر العملية، إذ أعلنت قيادة الجيش في بيان أصدرته «مديرية التوجيه»، أوضحت فيه أن القتلى الثمانية الذين قضوا أثناء تنفيذ العملية المذكورة، «كان بسبب رفضهم الاستسلام للقوة المداهمة وإطلاقهم النار بواسطة أسلحة فردية ومتوسطة باتجاه عناصرها رغم إنذارهم مرات عدة».

وبعد «إجراء التقصيات والاستجوابات اللازمة بإشراف القضاء المختص»، ذكر الجيش أن علي زيد إسماعيل مطلوب توقيفه بما يزيد على 3000 ملاحقة قضائية ومذكرات توقيف وخلاصات أحكام، وبلاغات بحث وتحرٍّ صادرة بحقه بجرم الاتجار بالمخدرات وترويجها، سرقة سيارات، تزوير، ترويج عملة مزورة، سلب، تجارة أسلحة، إطلاق نار على المواطنين، وقتل أحد العسكريين في أثناء إحدى محاولات توقيفه.

أما محمد زيد إسماعيل، وهو شقيق علي، كان مسؤولاً عن جميع نشاطاته الإجرامية، ومطلوباً للقضاء بموجب 416 ملاحقة قضائية صادرة بحقه بجرم الاتجار بالمخدرات والأسلحة والذخائر الحربية، والتزوير، والقتل، والنصب واحتيال، وتهديد عسكريين ومحاولة قتلهم، وسرقة سيارات. وأشارت إلى أن الآخرين هم من مرافقي علي زيد إسماعيل أو من المقربين منه، أو من المطلوبين للقضاء بموجب ملاحقة قضائية بجرم الاتجار بالمخدرات وترويجها، وإطلاق النار على عناصر القوى الأمنية. أما والدته، فكانت موجودة مع المجموعة المسلحة التي أقدم عناصرها على فتح النار على عناصر القوة المداهمة.

ونقل مصدر بقاعي رفض الكشف عن اسمه عن بعض أهالي البقاع قولهم إن «حزب الله» وعدهم خلال الانتخابات النيابية بزيارة منازلهم «بيتاً بيتاً» للوقوف على مطالبهم، لكنه بعد الانتخابات «أدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية بيتاً بيتاً لتفتيش منازلنا وملاحقة المطلوبين»، وأن الحزب «لم يفِ بوعده بالقيام بمشاريع تنموية».

ومع أن موجة الاعتراض تفاقمت خلال اليومين الماضيين على خلفية التطورات الأمنية، إلا أن تلك الأصوات، ليست جديدة، وبدأت خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، وتوقفت عند التمييز بين «أهل البقاع» و«أهل الجنوب»، وهو ما كرره أمس الأمين العام الأسبق لـ«حزب الله» صبحي الطفيلي، الذي لم يخفِ «وجود لغة تسود بين أهالي البقاع حول التمييز بين الجنوب والبقاع وإدانة سياسة الإجحاف والظلم بحقهم»، معتبراً أن «ما يصفه بـ(الثنائي الشيعي الجنوبي)»، يفتخر «بسياسته التمييزية هذه منذ سنوات ويعترف أمام البقاعيين بإهمال البقاع ويعدهم ساخراً بالاهتمام بهم».

وقال الطفيلي لـ«المركزية»: «لقد أثبتت الأيام أنه لا أحد في الدولة يهتم بشأن أهل البقاع، وما يُحكى عن تشريع زراعة الحشيشة لن يصبّ في مصلحة أهالي البقاع، لأن تراخيص الزراعة كما يُروّج قد تذهب إلى محافظات أخرى كالجنوب مثلاً، ويبقى البقاع وأهله وزراعاته خارج القانون».

وشرعت أطراف وقوى لبنانية أخيراً بإعداد مشروع قانون لتشريع زراعة الحشيش لأغراض طبية، مؤكدة أن قانوناً مشابهاً سيعود بالفائدة على أهالي المنطقة.

وفي مقابل موجة الاعتراض، يرى أنصار «حزب الله» أن هذه الموجة «مفتعلة»، وتقودها «بعض المجموعات المتضررة من الحزب ومن قرار الدولة بالعودة إلى المنطقة، ومن الخطة الأمنية». وقال جعفر الموسوي، رئيس اتحاد بلديات النبي شيت المقرب من الحزب، أن «من أحرقوا العلم، هم أشخاص مدسوسون يحاولون الاصطياد بالماء العكر، وتوجهاتهم معروفة ضد الحزب الذي وقف دائماً إلى جانب الناس»، لافتاً إلى أن «الحزب يدعم الخطة الأمنية لمعالجة الأمور الخاطئة، ولا يقبل بقتل بريء، ودائماً يقف إلى جانب الفقراء».

ونفى الموسوي أن يكون هناك تململ من الحزب، إذ قال إن الذين أحرقوا العلم «معروفون بأشخاصهم وبانتماءاتهم، كذلك الذين صرحوا ضد الحزب معروفون بتوجهاتهم السياسية المعارضة للحزب».