أكثر من موضوع يتصدر الاهتمام في الأسبوع الطالع:
1- المسار الحكومي، واحتمالات تحريكه، عملياً، بالتزامن مع عودة الرئيس سعد الحريري. ولئن بدت مطالب الكتل على حالها، مع تمسك «القوات اللبنانية» بخمس حقائب، بينها واحدة سيادية، واشتداد الحملات بين النائب طلال أرسلان والنائب السابق وليد جنبلاط وحزبيهما.
2 - عودة النازحين السوريين، من زاوية الاتفاق الاميركي- الروسي، ومسارعة الرئيس الحريري إلى تكليف مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان الاتصال مع المسؤولين الروس، للوقوف على تفاصيل الاقتراحات التي أعلنتها موسكو بخصوص إعادة النازحين السوريين من لبنان والأردن.
3- متابعة الوضع الاقتصادي والنقدي في ضوء القلق الذي يعيشه اللبنانيون والاوساط الاقتصادية والقطاعية، على الرغم من النفي الرسمي السياسي والنقدي من وجود صعوبات جدّية، تتعلق بالسيولة، وبوضع الليرة، وعمليات الاقراض ووضعية السياحة، الآخذة بالتراجع، قياساً على الأعوام السابقة.
وعلى وقع الغارات الإسرائيلية، من الأراضي اللبنانية، على منطقة مصياف في ريف حماه، في عدوان بات روتينياً، من المتوقع ان يشهد الوضع اسبوعاً آخر من الانتظار والمراوحة، لا سيما وان وزير الخارجية والمغتربين يتوجه غداً إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في مؤتمر «الحرية الدينية» وذلك عندما يكون الرئيس الحريري عاد من اجازة عائلية، بدأت بمدريد.
واستبعد مصدر وزاري حدوث حلحلة هذا الأسبوع، خلافاً لما راج في الساعات الماضية، وان كان الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي طالب «السلطة السياسية في لبنان الخروج من عالم المصالح الشخصية والفئوية الصغير، والإنطلاق نحو عالم أوسع، فتؤلف حكومة ذات رؤية وفاعلية تخص لبنان وتقويه وتنميه».
مراوحة حكومية
باستثناء ما كشفه وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي، من ان «القوات اللبنانية» لن ترضى بأقل من خمسة وزراء في الحكومة العتيدة، ولن تقبل بأقل من حصتها بتمثيل حجمها ووزنها السياسي، لم يطرأ أي تطوّر على صعيد مفاوضات تشكيل حكومة، التي بقيت تراوح مكانها في ظل غياب الرئيس الحريري الذي يرتقب ان يعود إلى بيروت اليوم من لندن ومدريد، وكذلك سفر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل إلى واشنطن، على ان يعود منها الجمعة.
ومن غير المتوقع بروز أية مؤشرات إلى حلحلة ما بالنسبة إلى التأليف في هذا الاسبوع، الا إذا تأكدت المعلومات من ان الرئيس الحريري ينوي تقديم صيغة لتشكيلة حكومية جديدة إلى الرئيس ميشال عون، لكي يتم التفاهم عليها، وبالتالي إصدار مراسيمها.
غير ان المعطيات المتوافرة لا توحي بقرب التوصّل إلى تفاهمات على هذا الصعيد، خصوصا بعدما كشفت «القوات اللبنانية» أوراقها من انها تريد حصة حكومية من خمسة وزراء، الأمر الذي يناقض ما كان متداولاً من معلومات، حول ان الحجم الأقصى لما يُمكن ان تأخذه «القوات» لا يتجاوز الأربع حقائب، ليس من بينها حقيبة سيادية، في حين يرى الرئيس عون ان حجمها السياسي الطبيعي لا يتعدى الثلاثة وزراء استناداً إلى كتلتها المؤلفة من 15 نائباً.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان رفع سقف الحصة الوزارية للقوات، يعني عودة الحديث بقوة إلى «العقدة المسيحية» التي حاول «التيار الحر» تغطيتها من خلال إبراز «العقدة الدرزية» باعتبارها «أم العقد»، وانه حينما يتم حل هذه العقدة يُمكن حل سائر العقد الأخرى، ومنها العقدة المسيحية.
ولا تستبعد المصادر ان يكون التصعيد السياسي الذي يقوم به الوزير طلال ارسلان، من خلال دأبه على التهجم على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، جزءاً من خطة «التيار العوني» للعب على حبال التوتر الطائفي في الجبل، بحسب ما اشارت إليه «اللواء» السبت الماضي، لغرض مكاسب سياسية لحليفها النائب أرسلان، عبر الضغط على الرئيس المكلف لتوزيره في الحكومة الجديدة، وهو ما يدركه جنبلاط ويرفض الانغماس في هذه «اللعبة الجهنمية».
وفي المعلومات ان جنبلاط اوعز أمس إلى نواب حزبه بعدم الرد على البيان العنيف اللهجة الذي أصدره أرسلان وساق فيه عبارات غير مألوفة سياسياً وقاسية جداً في حق جنبلاط، حيث وصفه تارة «بالغدار» وتارة أخرى بأنه «يقتل القتيل ويمشي بجنازته» وبأنه «يحب السفاهة» ويحلو له «الطعن بالظهر»، فيما وصف الحزبيين من أنصار جنبلاط «بالاوباش»، متعهداً بأنه «يحضّر لائحة اسمية بعشرات أو مئات الذين تمت تصفيتهم من حاصبيا الى الشوف وعاليه وإلى بيروت وراشيا والمتن، والذين يتحمل زعيم المختار مسؤولية تصفيتهم».
وسألت المصادر عمّا إذا كانت حقيبة وزارية بالزايد أو بالناقص تستأهل كل هذا العنف الكلامي والتهجم بالشخصي، من أجل استدراج عروضها بالدم وبالفتنة؟ علماً ان «ابناء الطائفة الدرزية قالوا كلمتهم بوضوح وقرروا من خلال صندوق الاقتراع من هم نوابهم، ومن هي الجهة التي يجب ان تمثلهم في الحكومة المقبلة»، بحسب ما جاء في بيان الأمين العام لكتلة «التنمية والتحرير» النائب أنور الخليل أمس.
رياشي
وكان الوزير الرياشي، أعلن مساء السبت في عشاء منسقية جبيل في حزب «القوات اللبنانية» لمناسبة الذكرى 13 لخروج رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع من السجن، ان «كل ما يهم «القوات» على أبواب تشكيل الحكومة الجديدة ان يأتي التمثيل الصحيح وفق الاحجام الصحيحة». لافتا إلى ان «اتفاق معراب اصيب بعطب أساسي، لكن طرفيه المسيحيين الأساسيين اصرا على ان لا يصيب العطب المصالحة المسيحية التاريخية التي وصفها القادة الذين صنعاها الرئيس ميشال عون والدكتور جعجع بالمصالحة المقدسة والتاريخية، لأن هذه المصالحة هي التي ستستمر، فيما الاتفاقات السياسية مرحلية».
وقال إذا افترضنا ان تكتل «الجمهورية القوية» يمثل 31 في المائة من الناخبين، وتكتل «لبنان القوي» يمثل 50 في المائة، مع اصدقائه وحلفائه، فهذا يعني ان الـ30 في المائة يعني الثلث وثلث الـ15 نائباً هو5 وأقل من 5 وزراء لن نأخذ، ولن نقبل أقل من حقنا بتمثيل الحجم والوزن السياسي والمطلب الشعبي لتحسين البلد وتطويره».
التيار العوني
في المقابل، بقي «التيار الوطني الحر» على موقفه من ان العقدة المسيحية لم تعد قائمة في ملف تشكيل الحكومة. وقال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون لـ«اللواء»: ان التصعيد الدرزي الذي طرأ أمس من شأنه ان يؤخر عملية الحلحلة. ولفت عون الى ان ما يطلق من مواقف قواتية واخرها من الوزير الرياشي عن حصة للقوات من 5 وزراء يهدف الى رفع السقف في عملية التفاوض مكررا القول: لم نعد نرى العقدة المسيحية والمطالبة بـ5 وزراء للقوات يعني ان من حق التيار بـ10وزراء. 
واعتبر ان التفاؤل بولادة الحكومة قرييا يتقدم على التشاؤم وان هناك تجاوزا لموضوع التشاور في تأليف الحكومة لان زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا تعني ان هناك تشكيلة ستقدم. ونفى وجود اي توتر في العلاقة مع الرئيس الحريري.
وردا على سؤال اعلن عن التمسك بتمثيل الوزير ارسلان في الحكومة وعدم احتكار التمثيل الدرزي بالنائب جنبلاط. 
تحريك دولي لملف النازحين
في غضون ذلك، ووفقا لما اشارت إليه «اللواء» أمس الأوّل، طغى الاتفاق الاميركي- الروسي على العمل سويا لإعادة ملايين النازحين السوريين من داخل سوريا وخارجها الى قراهم، على الحدث السياسي المحلي في غياب اي تطور ايجابي حول تشكيل الحكومة، لا سيما بعد موافقة الرئيس الحريري على ايكال ملف العودة الى روسيا بدل التفاوض او الاتصال بالسلطات السورية، حيث اكد مستشار رئيس حكومة تصريف الاعمال لشؤون النازحين نديم المنلا انه «تم الاتفاق على تشكيل لجنة روسية- لبنانية بالتنسيق مع الامم المتحدة لعودة النازحين قد تنضم اليها الولايات المتحدة». وكشف في حديث تلفزيوني السبت، انه من المتوقع ان تعقد اول اجتماع لها هذا الاسبوع في بيروت.
 وفي حين لم تُعرف بعد اية تفاصيل عن الاتفاق ولا عن اللجنة اللبنانية– الروسية، ممن ستتشكل ومن اية وزارات او ادارات او شخصيات، قال المستشار المنلا ل «اللواء»: انه من السابق لأوانه الكلام عن هذه التفاصيل فاللجنة لازالت فكرة ستتم ترجمتها بالاتصالات مع الجانب الروسي، وبعد عودة الرئيس الحريري سيبدأ البحث في كل التفاصيل وهو سيتابع الموضوع مع الروس. لكن المهم في الموضوع ان تشكيلها هو الخطوة الاولى في المسار ولا نعلم كم سيستغرق تشكيلها ولا طبيعة عملها ولا الضمانات التي يمكن ان يطلبها الروسي من النظام السوري ومدى استجابته، لكن الروسي سيكون هو المسهّل حتى لا نقول الوسيط مع النظام السوري لإعادة النازحين.
اضاف: انها المرة الاولى التي نشهد فيها اكبر عملية تنسيق بين دولتين عظميين بالتنسيق مع الامم المتحدة لمعالجة ازمة النزوح السوري ككل، وهذا تأكيد على موقف رئيس الحكومة بأن اعادة النزوح لا يمكن ان تتم بمعزل ومن دون رعاية الامم المتحدة والدول الكبرى.
واوضح ان الموضوع طرحه الرئيس الحريري منذ تسعة اشهر مع الجانب الروسي وقبل قمة هلسنكي الاميركية– الروسية، وقد استجاب الروس للطلب اللبناني وباشروا اتصالاتهم لتوفير ظروف العودة بضمانات دولية. وقد اثمر تحرك الحريري في قمة هلسنكي بالاتفاق على ان لا حل سياسيا للازمة السورية بلا عودة كل النازحين. 
 وردا على سؤال عن عودة القرار النهائي الى الجانب السوري؟ قال المنلا: «صحيح، لكن هذه اللجنة هي امنية – تقنية وليست سياسية، وتعمل بالتنسيق مع الامم المتحدة بالتنسيق مع الجانب الروسي، والروسي ينسق مع لبنان.
 وعن دور الامن العام اللبناني في هذا الموضوع، قال: طبعامن البديهي ان يكون للامن العام دور اساسي في ترتيبات العودة امنيا ولوجستيا، ومنها عودة دفعة جديدة من نازحي عرسال اليوم.
ومن جهتها، قالت مصادر وثيقة الصلة بأجواء بعبدا لـ «اللواء؛ ان موضوع دخول روسيا على خط النازحين السوريين يتابعه رئيس الجمهورية الذي كان اول من تحدث به وسبق له ان طرحه مع السفير الروسي الذي زاره منذ فترة لكن المداولات لم تسرب نظراً لطلب السفير في مراجعة دولته. وافيد ان هناك متابعة متواصلة من الرئيس عون كما ان هناك خطوات لاحقة في الموضوع.
وذكرت مصادر وزارة الخارجية لـ«اللواء»: ان الوزير باسيل سيطرح الموضوع مع المسؤولين ورؤساء اللجان في وزارة الخارجية الاميركية خلال زيارته الى واشنطن التي تبدأ غدا الثلاثاء وتنتهي الخميس ويعود الجمعة، حيث يشارك في المؤتمر الدولي حول حرية الاديان.
 واوضحت المصادر ان ما قامت به روسيا هو فتح مكاتب استقبال للنازحين لتسجيل طلبات الراغبين في العودة وبالتنسيق مع السلطات السورية، واذا نجحت الفكرة يمكن تعميمها في لبنان «بنفس الروحية»، بفتح مكاتب استقبال وتسجيل طلبات العودة، عبر لجان اهلية سورية في اماكن تجمعات وتواجد النازحين بكل بلدة او قرية، وتسجيل المعلومات عن كل عائلة ومن اي منطقة وما هي ظروف البلدة وهل المنازل مؤمنة للايواء، وترسل الى الجانب السوري للتدقيق والموافقة عليها، لا سيما لجهة تحديد المطلوبين اومن يفترض تسوية وضعه ضمن اطر المصالحات الجارية على كل الاراضي السورية، على غرار ما قام به «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» قبل أيام.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قداعلنت مساء السبت، أن نائب وزير الخارجية الروسي، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميخائيل بوغدانوف، التقى مستشار الرئيس الحريري جورج شعبان، بطلب من الأخير. وأن الطرفين بحثا «الأوضاع الاجتماعية السياسية المترتبة في لبنان عقب الانتخابات البرلمانية في البلاد والتي جرت في أيار الماضي وموضوع تشكيل حكومة لبنانية جديدة».
وأضاف البيان: تم التطرق أيضا لمهمة توفير الظروف اللازمة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، والبالغ عددهم نحو مليون شخص في لبنان وحده، في ظل الجهود المبذولة لتسوية الأزمة السورية في أسرع وقت.
وسيعود شعبان إلى بيروت اليوم لاطلاع الرئيس الحريري على نتائج لقاءاته.
 وذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية بأن روسيا «أنشأت مؤخرا مركزا لاستقبال وإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم»، مشيرة إلى ان لبنان يعد «من بين أكثر الدول في الشرق الأوسط تضررا من أزمة تدفق النازحين السوريين على أراضيه».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد اعلنت منذ يومين، أن أكثر من مليون و700 ألف سوري سيتمكّنون من العودة إلى ديارهم في المستقبل القريب. وأن موسكو اقترحت على واشنطن تنظيم مجموعة روسية– أميركية– أردنية لإعادة اللاجئين من الأردن إلى سوريا، وكذلك لجنة مماثلة بخصوص اللاجئين في لبنان.