نقول لكم أيها الساسة إتركوا لنا أحلامنا أو على الأقل إتركوا لنا فسحة أملٍ لكل محروم وموجوع لكي نحيا بسلام في لبنان
 

يقولون إن السياسة ليست علماً من العلوم التي يتعلمها الإنسان في مدرسة أو يدرسها في كتاب، وإنما هي مجموعة أفكار قانونها التجارب وقاعدتها العمل، أتدري لماذا؟ 

أجاب عن ذلك العلامة المنفلوطي بقوله: " لأنّ العلماء أشرف من أن يدونوا المكايد والحيل في كتاب، والمدارس أجلُّ من أن تجعل بجانب دروس الأخلاق والآداب دروس الأكاذيب والأباطيل، وإلا فكل طائفة من طوائف المعلومات المتشابهة تدخل في طبيعتها تحت قانون عام يؤلفها ويجمع بين أشتاتها".. 

إقرأ أيضًا: لبنان بلد الحريات مع وقف التنفيذ ... الزميل محمد عواد ينضم إلى لائحة الشرف!

يعلم الله  أنني لا أحب السياسة وأشكر ربي على هذه الجهالة التي أنعمها علينا، لأنها فن الخداع لا تجد لها أرضاً خصبة إلا في العقول الضعيفة، وفي هذا السياق نستطيع أن نجاهر بأننا من الفئة الضالة قبل أن يكيلوا علينا الإتهامات والمقولات بأنَّ سياستنا عين ديانتنا، وديانتنا عين سياستنا، ومثلي مثل الكثيرين من اللبنانيين غرباء ضللنا الطريق لا نعرف ما يدور حولنا والكل يدّعي  محاسبة السارقين والفاسدين والقاسطين والمارقين، ولا نستوعب أنَّ مجموعة من تلك الفئات بكافة طوائفها وأحزابها وجمعياتها تتحكم بمصير شعبٍ ننتمي إليه طوعاً أو كرهاً شئنا أم أبينا،يمكن أن تتصرف بالبلاد والعباد على هذا النحو الذي نراه من ديونٍ فاقت الثمانين مليار دولار، ومؤسساته تنهار، ومياهه ملوثة، وعقاقيره مسرطنة، ومستشفياته مميتة، ومن دون كهرباء، ويبدو لنا من أنَّ "ماكيافيلي" سيد الموقف في بلدنا وفي بلادنا الإسلامية وكثير من الدول العربية، هو سيد الموقف بلا منازع، إنها الغاية التي تبرر الوسيلة، نعم الوسيلة تحت ألف ذريعة وذريعة، وأكثر ما يثيرك ويثير حفيظتك تلك التي ترفع شعار الإسلام، ولافتات الإسلام هو الحل، نعم هي الوسيلة من فقر وجوع ومرض ودمار وخراب ودماء وشقاء وتعب على نحوٍ يثير القرف حتى الغثيان، ولا نرى جفناً يهتز ولا عيناً تخجل بل ولا نرى ضمائر تبكي، والكل يبكي ويصرخ ويئن من وجع ومرض وبطالة، ولا نرى من يرفع هذا المرض السرطاني ويعمل على إنقاذه، بل يزيد الوجع وجعاً ومحمَّلاً بأثقال الطائفية والعنصرية ومشحوناً بالعصبية البغيضة والقاتلة.

 إن كان لنا من كلام نقول لكم أيها الساسة إتركوا لنا أحلامنا أو على الأقل إتركوا لنا فسحة أملٍ لكل محروم وموجوع لكي نحيا بسلام، ونموت في بلادنا وأرضنا بسلام، فكُّوا عن سماء هذا الشعب فقد ضجَّ وضاجت الديار من سياساتكم وصخبكم وتحجَّرت مآقيه، فهل يترك هذا الشعب المنهمك في شظف العيش والحياة الكريمة، نعم إنه لبنان يعج بالمساجد والمآذن والكنائس والأجراس، ولكن بعيد عن السماء بُعدَ السماء عن الأرض.