ألا تعلم يا دولة الرئيس أن هؤلاء المتطرفين الدينيين والفاسدين في أمل هم حلف واحد ؟
 

تقصّدت في رسالتي إليك دولة الرئيس نبيه بري أن أصفك بالأخ ، لأنّها الصفة التي تربيّت عليها عندما كنت مناصراً لحركة أمل ولأني أُحبّك. 

قرّرت منذ سنين ترك حركة أمل ، لا من أجل وظيفة أو منصب قيادي لم أحصل عليهما ، بل بسبب الحالة التي وصلت إليها الحركة .

ومع هذا ، بقيت متمسكاً بفهمي لفكر الحركة وفكر مؤسّسها الإمام المغيّب السيد موسى الصدر وأدبياتك أنت الوطنية ، وإن كان عندي ملاحظات قوية على ممارسات الحركة الداخلية على الصعيد الإنمائي والمعيشي ، لكن لن أتطرّق لها في هذه الرسالة .

ما يهمني في هذه الرسالة هو الإضاءة على الحالة العقائدية لحركة أمل والتشويه الذي لحق بها ، بل التحوير لكلمات وأفكار الإمام الصدر ، وهذا التشويه الذي كنت أعتقد في البداية أنه مجرد تنوّع وإختلاف في الرأي يغني الحركة ويحرّرها من قيود الديكتاتورية والشخصانية ، بدا أنّه خطة ممنهجة لتسريب فكر خاطىء ومناقض لأدبيات وسلوكيات الإمام الصدر ولمسيرتك الوطنية أنت .

فمنذ أعوام ، يجتاح تيار ديني متشدّد أروقة التنظيم الداخلية ، هذا التيار يعمل ليل نهار وعلى مدى سنين على تسريب معتقدات دينية وثقافية غريبة عن أفكار الإمام الصدر وثقافة أهل الجنوب على وجه الخصوص .

وهذه المعتقدات المستوردة معنونة دائماً بشعارات " حماية العقيدة " أو " أسود العقيدة " ، أي عقيدتهم الزائفة والمنسوبة زوراً إلى أهل البيت .

ويتحصّن هذا التيار بمجموعة من العمائم ورجال الدين أو "مشايخ الدبس " كما سبق أن سميتهم في الماضي ، ويعملون ليل نهار على تفريغ الحركة من أفكار الإمام الصدر وخطاباتك الوطنية وإستبدالها بآراء مراجع دينيين عابرين للحدود ولا علاقة لهم بالتشيّع اللبناني .

بدأوا هؤلاء بنغمة منذ سنين  بالفصل بين أفكار الإمام الصدر السياسية وأفكاره الدينية ، وللأسف نجحوا في خداع كثر من الحركيين بسبب شعاراتهم الدينية البرّاقة ، فقالوا أن الإمام الصدر حجّة علينا في السياسة لا في الأفكار الدينية .

 

إقرأ أيضا : بالفيديو : جوليا بطرس للرئيس بري ... حابي تشكرك قدام كل الناس و بقلك بحبك إي

 

 

لكن خداعهم لم يدم طويلاً ، فقد أطّل أحد أبرز قادتهم وهو الشيخ ياسر الحبيب ليكفّر السيد موسى الصدر ، سياسياً وعقائدياً ، في فيديو لا شك أنك شاهدته ، وبدأت نغمة جديدة تمسّ بالأفكار السياسية للإمام الصدر كقضية فلسطين .

المؤسف في ذلك ، ليس ما قاله ياسر الحبيب فقط ، بل دفاع هؤلاء الغوغاء داخل التنظيم عن ياسر الحبيب ومحاولتهم تبرير كلامه والتخفيف من وطأته .

وإن فتشنا وبحثنا عن هؤلاء المدّعي الحرص على حركة أمل لوجدنا أكثرهم في الحياة الواقعية لا يقدّمون شيئاً للحركة سوى جلب العار والسباب وتكريس مفهوم " نفتخر أنّنا زعران أمل " وهو مفهوم لا ترضاه بالتأكيد .

بل إنهم مجموعة من الراسبين في مدارسهم والفاشلين  والكسالى وأصحاب العقد النفسية التي سمح لهم السوشيال ميديا بتسويق أفكارهم الكارثية والفاشلة فأصبحوا يؤثرون حتى بطبقة المتعلمين والمثقفين في التنظيم.

الطامّة الكبرى ، هي ما حدث بالأمس ، فبعد مشاركتك في مهرجانات صور الدولية والتي غنّت به الفنانة جوليا بطرس ، كشّر هؤلاء عن أنيابهم وتحوّلوا إلى أنبياء ووعّاظ وتهجمّوا عليك .

بل بدأوا بإجراء مقارنات وطرح تساؤلات كمثل سبب عدم مشاركتك في المجالس الحسينية ومشاركتك في الحفلات الفنية ،  رغم أنك تشارك في بعض مجالس العزاء .

المزايدات هذه التي تحصل لن تؤثّر عليّ شخصياً أو على من يفكّر مثلي ، فلي حياتي الشخصية  وأعيشها كما يحلو لي ، لكنها تُؤثّر عليك وعلى تنظيم حركة أمل وعلى البعد الإعتدالي الوطني لشيعة لبنان .

فهؤلاء بدأوا بكل وضوح تكريس هذا التطرّف الديني الغوغائي الذي أنت وحدك جرّبته منذ سنين عندما مُورس ضدك وتعرف مدى تأثيراته السلبية على شيعة لبنان .

ولا تظن يا دولة الرئيس أن هؤلاء يمكن إقناعهم ، فَلو إستجبت لكل طلباتهم سيبحثون عن أي شيء لينتقدوه ، فهم لا يؤمنون بالحلول أو الوسطية أو البناء بل بالهدم الفكري وتكريس الفراغ وترويج الخرافات الدينية .

وقد قلت يا دولة الرئيس في إحدى المرات أن السوشيال ميديا لا يبني فكراً ، لكن إسمح لي أن أقول لك أنك خاطىء في ذلك ، فهؤلاء من خلال السوشيال ميديا زرعوا فكراً متطرفاً في رؤوس كثر من الحركيين ، هذا الفكر بالأمس كفّرك وأخرجك من الدين .

نعم يا دولة الرئيس ، بالأمس ناشطون على السوشيال ميديا وعلى حساباتهم أعلام حركة أمل كانوا يكفّرونك وأخرجوك من الدين ، وأنا شخصياً مع إنتقادك وإنتقاد أي إنسان في العالم لكن من دون تكفيرك أو شيطنتك. 

ويستغل هؤلاء كل ما في أيديهم للترويج لهذه الأفكار المتطرفة ، حتى الشهداء إستغلوهم من أجل هذه الغاية الدنيئة .

وكنا نقول منذ سنين حمى الله أفكار الإمام الصدر من هؤلاء ، واليوم نقول حماك الله والإمام الصدر منهم. 

لذلك ، أقول كلامي هذا ومؤتمر حركة أمل على الأبواب ، وأنت وعدت بالتغيير ، فرجاءاً التركيز على البعد الثقافي والديني في عملية التغيير هذه وإعطاء الموضوع مساحة أكبر من إهتمامك .

ولو خيّرتني اليوم يا دولة الرئيس بين طرد الفاسدين أو طرد المشعوذين المزايدين الغوغاء المتطرفين الدينيين هؤلاء ، لقلت لك إطرد هؤلاء المتطرفين أولاً ، وعندها لن يجد الفاسدون الذين شوّهوا تاريخ حركة أمل أي غطاء ديني لتبرير صفقاتهم وفسادهم .

أفلا تعلم يا دولة الرئيس أن هؤلاء المتطرفين الدينيين والفاسدين في " أمل " هم حلف واحد ؟

إعلم ذلك يا دولة الرئيس ولتكن على يقين أن كثر في حركة أمل ينتظرون هذه اللحظة ، إقطع أجنحتهم وإطردهم خارجاً فجمهور حركة أمل اليوم بعد الإنتخابات النيابية معك في هذا القرار .

الإستفتاء الشعبي حصل من خلال تدني الأصوات التفضيلية لنواب التنظيم وتدني مشاركة الحركيين الأصيلين ، وهي رسالة هؤلاء لك بأن الوضع لم يعد يُطاق ، ولن نسمح للغوغاء والفاسدين أن يمثّلوا حركة أمل بعد الآن .

رهان الجمهور الحركي عليك ، وحدك أنت ، والشعب معك .

وأمل بنصره تعالى وعودة الإمام المغيّب ورفيقيه.