فوجئ الرئيس سعد الحريري بتصعيد الوزير جبران باسيل، وفقا لأوساط «بيت الوسط»، حيث لفتت الى أن اللقاء الأخير، على هامش جلسة المجلس النيابي، لم يكن على قدر الآمال
 

فوجئ الرئيس سعد الحريري بتصعيد الوزير جبران باسيل، وفقا لأوساط «بيت الوسط»،  حيث لفتت الى أن اللقاء الأخير، على هامش جلسة المجلس النيابي، لم يكن على قدر الآمال، وفهم الحريري أن باسيل ليس بوارد الإقدام على أي خطوة عملية للمساعدة في حل العقد، وقد أبلغه بانه لا جديد لديه ليقدمه والمشكلة عند الآخرين وليس له أي دور أو صلاحية للتدخل، وطلب من الحريري حسم أمره ووضع التشكيلة التي تتناسب مع قناعاته لعرضها على رئيس الجمهورية، وبعدها يمكن للتيار الوطني الحر أن يبدي رأيه رفضا أو قبولا.

وأشارت تلك الأوساط الى أن أكثر ما أزعج رئيس الحكومة المكلف كلام منسوب الى الوزير باسيل لم ينفه الأخير خلال لقاء «الصدفة» في المجلس النيابي، مفاده أن على الرئيس الحريري ألا يخطئ في العودة الى الرهان على تحالفه مع القوات، وعليه أن يتذكر من كان حليفه الحقيقي خلال أزمة الاستقالة الأخيرة، وإذا كان الرئيس المكلف لا يرغب في دفع أثمان هذا الانتظار، فعليه أن يسرع عملية التشكيل، لأن التطورات الإقليمية والدولية لن تساعده على تحصيل مكاسب سياسية داخلية. وكل يوم تأخير سيدفع وحده الثمن من رصيده السياسي».

لكنه، وعلى الرغم من ذلك، اتفق مع الرئيس المكلف على استمرار التهدئة، ووقف السجالات من أجل تسهيل مهمته في عملية التشكيل، لكن التصعيد ليس مفهوما بالنسبة للحريري، وهو لا يعرف حقيقة الدوافع وراءه، لكنه بات مقتنعا بأن ثمة نوايا مبيتة لمحاصرته ليس إحراجا له لإخراجه، لأن بديله ليس جاهزا عند الآخرين، وهو ليس في وارد تقديم هدايا مجانية لأحد، وإنما ما يحصل هو محاولة لدفعه الى التنازل عن قناعاته في التشكيلة المفترضة من خلال إجباره على التخلي عن تفهمه لمطالب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي.. وهذا لن يحصل. والحريري لن يستسلم ولن يشكل حكومة من لون واحد ولا بديل عن تشكيل حكومة وحدة وطنية لأنها أفضل للبلد، ومع التأكيد ألا صيغة جاهزة بعد، والعقد لا تزال على حالها.

في المقابل،  شدّدت مصادر تكتل «لبنان القوي» على أن مهمة رئيس الحكومة المكلف وضع المعايير والاتفاق مع رئيس الجمهورية على شكل الحكومة، لكنها تغمز من قناة الحريري من خلال ما اعتبرته صدمة تعامل الرئيس المكلف مع التيار وكأنه خصم وليس حليفا، وهذا ما يفسر برودة باسيل خلال اللقاء الأخير مع رئيس الحكومة المكلف الذي يعترض على منح التكتل الثلث الضامن في الحكومة، وهو ما سبب صدمة في «ميرنا الشالوحي» لأن التعامل مع «بيت الوسط» لم يكن ولا مرة بعد التسوية الرئاسية إلا من زاوية التحالف. وإصرار رئيس الحكومة على عدم منح التيار ١١ وزيرا سيشكل أكبر عقبة أمام التشكيل، وتم إبلاغ الحريري بنه إذا كان تكتل «لبنان القوي» غير قادر على الحصول على وزارة الداخلية وكذلك على وزارة المال، فمن غير المقبول أن يتم رفض حصوله على حصة وازنة بحجة عدم إعطائه «مفاتيح» مجلس الوزراء، فهذا المطلب لا يمكن التنازل عنه لأنه حق مكتسب ومن المستغرب أن يعتبره الحريري موجها ضده.. فهل يعتبرنا حلفاء أم ثمة تطورات جديدة غير معلومة؟

وكشفت مصادر مطلعة على أجواء التأليف أن سبب عدم اجتماع الحريري وباسيل في «بيت الوسط» هو أن الأخير أبلغ الى الرئيس المكلف بأنه لن يتدخل بعد اليوم في عملية التأليف وأن الموضوع ليس عنده وأنه يسمع كلاما مفاده أنه هو من يعطل التأليف «في حين أن القرار في يد الرئيس المكلف».

وترى مصادر سياسية مطلعة ، أن التسوية الرئاسية اهتزت، حيث ان العلاقة الثنائية السلسة التي كانت مؤمنة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، لم تعد قائمة، والتفاهمات الثنائية بين الطرفين، والتي سادت طوال الجزء الأول من العهد الرئاسي، انحسرت لصالح بروز أكثر من ملف خلافي بين الطرفين، منذ ظهور نتائج الانتخابات النيابية.

وإعتبرت المصادر ان رئيس الجمهورية أمام خيارين حاليا: إما الحفاظ على أفضل علاقة مع رئيس الحكومة المكلف من دون التوقف عند تبدل التوازنات الداخلية والإقليمية، وإما مجاراة القوى التي تطالب بأن تكون الحكومة المقبلة، والحكم اللبناني بشكل عام، بمثابة انعكاس دقيق لما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج لغير صالح تيار المستقبل، ولما حصل من تطورات في الملفات الإقليمية وخاصة في سورية، لغير صالح القوى الخارجية التي تدعم هذا الأخير. وأضافت المصادر أن رئيس الحكومة المكلف هو بدوره أمام خيارين: إما الرضوخ لمطالب رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر حفاظا على موقعه القيادي ولو بنفوذ أقل من السابق، وإما العودة الى تحالفات سابقة كانت تجمعه بكل من حزبي القوات والاشتراكي، ولو بشكل غير مباشر، وبأسلوب بعيد عن المجاهرة الإعلامية العلنية، والدخول بالتالي في عملية شد حبال طويلة الأمد، على غرار تلك التي كانت تحصل في مراحل سابقة. وحدها التنازلات المتقابلة والمتوازنة قد تجنب كلا من رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف عناء الدخول في مرحلة تجاذب داخلي جديد.