كل ما في سورية هدف للطيار الروسي وكل ما يدب في سورية ينهش لحمه الدُب الروسي
 

ما يجري في سورية من دمار وموت بسبب الطائرات الروسية التي تستعيد دور النظام على حساب الناس والممتلكات يبعث لا على الريبة فحسب بل على الإشمئزاز من المجتمع الدولي ومن تشكيلاته الصامتة والمتفرجة على قتل جماعي لا مثيل له في الحروب التي شهدها العالم وتكاد أن تكون المجازر المرتكبة في سورية من قبل روسيا هي الأسوأ من بين المجازر المرتكبة بحق العرب من قبل العدو الاسرائيلي بل إن مجازر ووحشية الصهاينة لا شيء أمام مشهد الموت في سورية فلا دير ياسين ولا صبرا وشاتيلا ولا قانا ولا غزّة بمجازر أمام ما يحصل الآن في جنوب سورية بوحشية لا مثيل لها وبسلاح همجي لا يراعي شروط الحرب فلا فرق بين طفل ومقاتل ولا بين تجمع للمسلحين وبين المشافي والملاجىء كل ما في سورية هدف للطيار الروسي وكل ما يدب في سورية ينهش لحمه الدُب الروسي حتى بات الموت في سورية بالجملة والجثث مكدسة تحت الأنقاض وفوق الركام والعالم كان يتفرّج على المونديال في روسيا ويتحدثون عن حُسن الاستقبال وجودة التدابير الأمنية.

بدون إكتراث عربي لما يجري من وأد للأطفال في درعا ومن قبل في الغوطة، تسحق روسيا كل حيّ وتميت البشر و الحجر ولا من سائل أو من باك أو متباك على العرب و العروبة صمت يعطي أصوات الطائرات الروسية في سماء سورية كل ما تحتاجه من وقود لتكملة أهداف القتل للسوريين.

إقرأ أيضًا: مقتدى الصدر وأبو هريرة الشيعي

لأوّل مرة لا تتحرّك الجامعة العربية لتجتمع وتخرج ولو ببيان خجول كالعادة أو بتصريح لأمين عام الجامعة يستنكر فيه ويشجب ويدين كما كان يفعل عند كل مصيبة تحل بدولة عربية جرّاء الاعتداء عليها من قبل العدو الاسرائيلي .ومن المؤسف أيضاً أن تكون الشعوب العربية نسخة طبق الأصل عن أنظمتها ساكتة وغير مبالية بما يجري من ذبح سريع وبسكين روسي يحزّ رقاب السوريين من الأطفال والنساء الى الشيوخ ومن تدمير ممنهج حرصاً من سورية على عدم إبقاء حجر على حجر كونها ستعيد إعمار سورية بإلتزام حصري وخاص بالشركات الروسية.

ثمة سوري مازال حيّاً  يقف وسط النار ويسأل الى أين أذهب؟ وكل الطرق مؤدية الى الموت وكل الحدود مقفلة فلا أمن ولا أمان وقد تبيّن كبر الفخ الروسي في ما أسمته مناطق تخفيض حدّة الصراع أو المناطق الآمنة والتي تفاهمت عليها مع أميركا والأردن والتي تبيّن أنها تسويات على حساب السوريين لتقاسم الجغرافيا بين الدول الممسكة بالصراع السوري. وثمة سوري حيّ ينتظر حتفه يسأل أين إخوتي في العروبة؟ أين أبناء لحمي وجلدي وعظمي؟ أين المسلمين الذين هم كأسنان المشط؟ لا أحد يرد فالعرب غير العرب والمسلمين غير المسلمين باعوا قوميتهم وباعوا إسلامهم بأبخس الأثمان وباتوا هويات ضائعة وبلا سمات مجرّد وجود هش لا فعل فيه ولا فعالية تنقذهم مماهم فيه من هم وغم ومن بؤس يأكل الجزء المتبقي من الكرامة الوطنية.

إقرأ أيضًا: قيصر المقاومة والممانعة يحمي أمن إسرائيل

هل نصحو يوماً على صحوة عربية واسلامية وسطية غير متطرفة؟ سؤال متروكة الإجابة عنه الى آخر أجيال الأمّة لأن الأجيال المتعاقبة ستكون أسوأ حالاً طالما أن طاحونة الجهل تطحن عظام العلم كيّ لا تكتسي لحماً وتصبح إنساناً لا تجري فيه دماء العبيد.

نقول للسوري الحيّ المنتظر حتفه قوتك في موتك بشرف دفاعاً عن حقك في حياة كريمة في دولة مدنية لا قائد فيها الى الأبد بل مواطناً صالحاً يبحث عن خدمة المواطنين في مساواتهم في الحقوق والواجبات والمشاركة في السلطة المتداولة لا المحتكرة لحزب أو شخص أو عائلة وهذا طريق سورية المفتوح ولا طريق غيره وما هذه التضحيات الكبرى والاستثنائية الاّ مساهمة كبرى في مشروع ولادة الدولة العادلة التي تستمد شرعيتها من حق الشعب في المشاركة السياسية وهذه المساهمة لا يمكن إقصاءها بصوت طائرة مهما كانت قوة هذا الصوت ومهما زلزل وصدّع فالتاريخ شاهد على نهاية عصر القوّة الفاشية وبقاء قوة الشعوب التي تصنع بأكفانها سلام الأبطال.